تقرير منظمة العفو يؤكد عجز قطر عن دفع رواتب العمالة الأجنبية

تقرير دولي يؤكد أن العمال الأجانب في الإمارة الخليجية لم يتقاضوا أجورهم منذ أشهر رغم الوعود بتحسين أوضاعهم.

باريس - أكد تقرير لمنظمة العفو الدولية اليوم الخميس، تواصل الانتهاكات القطرية بحق العمال الأجانب الذين يعملون في منشآت كأس العالم 2022 التي تستضيفها الدوحة رغم الوعود التي أطلقها النظام القطري منذ شهر بتحسين أوضاعهم.

وفي تقرير حمل عنوان "الجميع يعمل، ولا أجور" قالت المنظمة الحقوقية "بالرغم من الوعود الكبيرة للإصلاح التي تعهدت بها قطر قبل مونديال 2022، إلا أنها تبقى مرتعا لبعض أرباب العمل المجردين من المبادىء".

ولم يستطع النظام القطري الإيفاء بالوعود التي قطعها منتصف أغسطس الماضي، لتحسين ظروف العمال الأجانب الذين يعملون في البلاد التي تستعد لاستضافة المونديال وذلك بسبب أزمة مالية حادة تمر بها الإمارة الخليجية الصغيرة.

وأوضحت المنظمة الدولية أنه في العام الماضي، تلقت اللجان أكثر من ستة آلاف شكوى، لم يتم معالجة معظمها حتى نهاية العام.

وتعقيبا على القرار واصلت الحكومة القطرية المماطلة في تنفيذ وعودها للعمال بسبب ما أسمتها "نقص الموارد".

وقال متحدث باسم الحكومة الخميس لوكالة فرانس براس "نواصل العمل مع المنظمات (...) لضمان فعالية هذه الإصلاحات"، مضيفا "سنعمل على معالجة أي تأخير بشكل فوري. قلنا منذ البداية أن هذا الأمر يتطلب وقتا وموارد والتزامات".

لكن تقرير منظمة العفو يوثّق معاناة مئات العمال في ثلاث شركات للإنشاءات والتنظيفات في قطر لم يتقاضوا أجورهم منذ أشهر.

وقال ستيفن كوكبيرن نائب مدير منظمة العفو للشؤون الدولية "العمال المهاجرون يذهبون إلى قطر على أمل إعطاء حياة أفضل لعائلاتهم، وبدلا من ذلك يعود الكثير منهم إلى أوطانهم فارغي الجيوب بعد قضاء أشهر وهم يلهثون لتحصيل أجورهم، بمساعدة صغيرة من الأنظمة التي يفترض أن تحميهم هناك".

وبعد تعرضها لانتقادات بسبب سوء معاملة العمال المهاجرين، توافقت قطر مع منظمة العمل الدولية عام 2017 على اصلاح قوانين العمل، بما في ذلك إنشاء لجان جديدة لحل النزاعات.

ومع تفاقم معاناة العمال في شهر أغسطس/آب الماضي بمظاهرات غير مسبوقة في البلاد، ردت الدوحة ببيان ملتبس ومراوغ أصدره مكتب الاتصال الحكومي قال إنه يخص "نتائج التحقيق في الإضراب السلمي لعدد من العمال" ثم تراجعت عنه بحذفه من موقع المكتب الرسمي ومواقع الصحف القطرية.

وقال البيان آنذاك إن "السبب وراء التأخير في دفع أجور العمال جاء نظراً لوجود تدفق نقدي سلبي لدى الشركتين حدث نتيجة التأخر في الدفع من قبل عناصر أخرى في سلسلة التوريد"، دون ذكر تفاصيل عن تلك "العناصر" المسؤولة عن السيولة المالية التي تعاقدت معها الشركتان أو تسميتها.

وقالت مصادر مطلعة أن الجهة التي لم يتم ذكرها في البيان ما هي إلا شركات حكومية أو مدعومة بشكل مباشر من الحكومة التي تمر بعجز مالي خانق فشلت في تجاوزه وحصر ارتداداته.

ويشهد الجهاز المصرفي القطري نقصا حادا في السيولة نتيجة سحب عدد كبير من المؤسسات والأفراد في دول مجلس التعاون الخليجي جزء من ودائعهم وأصولهم الموجودة في قطر، خاصة من الإمارات والسعودية اللتان قطعتا مع البحرين ومصر في يونيو/حزيران من 2017 العلاقات الدبلوماسية وخطوط النقل مع قطر، بسبب دعم الدوحة الإرهاب.

وكشفت منظمة العفو الدولية حجم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الدوحة، فوفق التقرير الذي نشرته فإن الشركات كلها عزت عدم دفع الرواتب لصعوبات مالية.

ظروف عمل مهينة في الإمارة الثرية
ظروف عمل وعيش مهينة في الإمارة الثرية

وذكرت المنظمة أن بعض العمال في الشركات الثلاث "هامتون انترناشونال و"حمد بن خالد بن حمد (أتش كاي أتش)" و"يونايتد كلينينغ" الذين تقدموا بشكاوى لدى اللجان الجديدة، تمكنوا من تحصيل بعض أجورهم مقابل اسقاط الشكاوى، لكن "معظمهم عادوا إلى أوطانهم بدون مستحقاتهم".

وقال كوكبيرن "نحض السلطات القطرية على تنفيذ ما وعدت به بالكامل وإنهاء الواقع المخزي لاستغلال العمال".

وأشارت المنظمة إلى قضية عامل كيني في شركة "يونايتد كلينينغ" قال إنه اضطر إلى البحث عن الطعام في سلال القمامة نتيجة عدم حصوله على راتبه لخمسة اشهر.

وقال الرجل إنه عمل لعامين وخمسة أشهر في هذه الشركة بدون إجازات، وكان يستحق له "الكثير من المال".

وفشلت الدوحة في الالتزام بتحقيق وعود سابقة خاصة بتعديل قوانين العمالة لديها بسبب الأزمة المالية التي تمر بها، وتوجيه أنظارها نحو تمويل مشاريع أكثر أهمية من حقوق الإنسان مثل دعم الجماعات الإسلامية والاستثمار في تعزيز نفوذها الخارجي في بعض بلدان العالم التي تشهد صراعات.

وبالتوازي مع انتهاكات حقوق العمال على أراضيها تمادت الدوحة في الانفاق ببذخ منذ سنوات لتحسين صورتها وتعزيز نفوذها خارجيا عن طريق شراء مصارف حول العالم، وأندية لكرة القدم في أوروبا، وعقارات في قلب لندن وباريس بأسعار باهظة، وهو ما جعل اقتصادها ينهار تدريجيا ما اضطرها لإصدار ثاني أكبر أدوات دين في تاريخها في مارس الماضي، في محاولة لتدارك أزمة شح السيولة التي تعاني منها منذ مقاطعة جيرانها لها وارتفعت حدتها خلال العامين الجاري والماضي.

ويأتي تقرير المنظمة الدولية قبيل استقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الخميس.

وحضر الأمير الأربعاء مباراة في كرة القدم بين فريقي باريس سان جرمان، الذي يملكه صندوق استثماري سيادي قطري، وريال مدريد.

وأمس الأربعاء، أعلنت الخطوط الجوية القطرية بأنها تكبدت خسائر بلغت 639 مليون دولار في السنة المالية التي انتهت في آذار/مارس 2019، في قفزة كبيرة مقارنة مع السنة السابقة.