تقنيات الذكاء الاصطناعي ترفع مستوى أداء منظمات الأعمال

د.شريف حمدي في كتابه 'تطبيقات الذكاء الاصطناعي.. وتعزيز الميزة التنافسية لمنظمات الأعمال' يتناول بالتحليل تطبيقات الذكاء الاصطناعي واستخداماتها الاقتصادية في منظمات الأعمال وطرائق تحقيق الميزة التنافسية.

تعتبر تقنيات الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) حقلًا حديثًا نسبيًا نشأ كأحد علوم الحاسب التي تهتم بدراسة وفهم طبيعة الذكاء البشري ومحاكاتها لخلق جيل جديد من الحاسبات الذكية، التي يمكن برمجتها لإنجاز الكثير من المهام التي تحتاج إلى قدرة عالية من الاستنتاج والاستنباط والإدراك، وهي صفات يتمتع بها الإنسان وتندرج ضمن قائمة السلوكيات الذكية له والتي لم يكن من الممكن أن تكتسبها الآلة من قبل.

وهذا الكتاب للباحث د.شريف حمدي "تطبيقات الذكاء الاصطناعي.. وتعزيز الميزة التنافسية لمنظمات الأعمال" الصادر عن دار العربي يتناول بالتحليل تطبيقات الذكاء الاصطناعي واستخداماتها الاقتصادية في منظمات الأعمال، وطرائق تحقيق الميزة التنافسية والذكاء التنافسي في منظمات الأعمال، والاستراتيجيات الدولية و الآثار الاقتصادية لتطبيق أنظمة الذكاء الاصطناعي على المستوى الإقليمي والدولي.

ويؤكد حمدي أن الذكاء الاصطناعي مرتبط بالأجهزة التكنولوجية المبتكرة، فهو متاح في جميع الأماكن حول العالم مثل برمجيات الترجمة، والطائرات بدون طيار، والسيارات ذات القيادة الذاتية، والروبوتات الآلية، وبرامج المحاكاة المعرفية، والتطبيقات الحاسوبية في الطب والتجارة والهندسة، وبرامج تحليل البيانات الاقتصادية كالبورصة وتداول الأسهم، والعديد من التطبيقات الهائلة التي انتشرت حول العالم في الآونة الأخيرة.

لقد أصبحت المنظمات الحديثة في أمس الحاجة للاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تحسين أدائها وتحقيق مستويات إدارية ومحاسبية ذات مستوى عال، وتوفير فرص هائلة لتسير عمليات المنظمة الداخلية وتنميتها، فاعتماد المنظمات الحديثة على تطبيقات الذكاء الاصطناعي وعملياته سيعد سلاحًا للوقوف في وجهة العقبات المستقبلية للمنظمة، والتوصل إلى الحلول التي تسهم في حل مشكلات أداء المنظمة، ويسهل من تبادل المعلومات والخبرات، وتزيد من مستوى التنافسية في ظل العولمة، وتعزيز السرعة والعمل الروتيني، وتوفير معلومات حقيقية ودقيقة، وانتهازها في عمليات التخطيط الاستراتيجي والتي ستعمل على زيادة مستوى الشفافية في المنظمة، حيث سيشكل تحديًا قويًا لأنظمة إدارة المنظمة، والقدرة على ضبطها وفقًا للظروف والفرص الجديدة والتي يعد بمثابة عاملًا من عوامل النجاح الرئيسية للمنظمات الحديثة وتحقيقها للأداء الفعال (yawalkar 2019).

ويوضح حمدي أنه استنادًا لما سبق فمن المتوقع رفع مستوى أداء منظمات الأعمال الحديثة (أداء العمليات الداخلية، التدريب والنمو، رضا المراجعين)، بناء على تطبيقات الذكاء الاصطناعي الذي يعتبر من التطبيقات التكنولوجية الحديثة القائمة على استخدام الكمبيوتر والروبوتات ومحاكاة العقل البشري، فإذا كانت تطبيقات الذكاء الاصطناعي مهمة في كثير من الميادين والمجالات، فإنها بالنسبة لمنظمات الأعمال تمثل ضرورة ملحة لا يمكن الاستغناء عنها، حيث أكدت العديد من الدراسات والأبحاث السابقة الغربية منها والعربية على حد سواء على أهمية هذه التطبيقات في منظمات الأعمال، والتي تمكنها من تحقيق عدة مزايا أبرزها: تحسين عملية اتخاذ القرارات، حل كافة المشكلات الإدارية، تخفيض التكاليف، تحسين الج، وغيرها من المزايا التي تساهم بشكل مباشر في تعزيز تنافسية منظمات الأعمال وضمان بقائها ونموها.

ويشير إلى أن التغيرات التي تحدث في منظمات الأعمال كنتيجة للمستجدات البيئية المليئة بالتحديات التنافسية تجعل من الصعوبة على منظمات الأعمال اكتساب ميزتها التنافسية، ولقد ركزت العديد من الدراسات على محاولة تحديد مصادر الميزة التنافسية لمنظمات الأعمال الحديثة من خلال ربط تنافسية منظمات الأعمال بمتغيرات البيئة الخارجية )هيكل الصناعة(، إلا أن التحليل الاستراتيجي يؤكد على دور وأهمية الموارد الداخلية لمنظمات الأعمال الحديثة في خلق وتحقيق الميزة التنافسية المنشودة، وباتت التنافسية حاجة ملحة للأفراد ليحظوا بفرص العمل وكذلك لمنظمات الأعمال لكي تبقى وتنمو وتستمر وتتطور، وإن كان من المقبول أن منظمات الأعمال يمكن أن تطور تنافسيتها )بمعنى إنتاجيتها غالبا) خلف حدود مغلقة في بيئة محلية محصنة. هذا الوضع الجديد جعل منظمات الأعمال الحديثة والمختلفة تنشط في محيط يتغير ويتجدد باستمرار، حيث لم تعد المنافسة تقتصر على المزايا النسبية والمطلقة التقليدية، بل امتدت لتشمل التميز والابتكار، وهو ما أطلق عليه الاقتصادي بورتر مصطلح "الميزة التنافسية"، حيث استهدفت تطبيق أدوات التحليل الجزئي في تفسير التخصص والتبادل التجاري، وبالرجوع إلى الكتابات المتعلقة بتعريف التنافسية، يلاحظ أنه هناك اختلاف في مفهومها وفقا لمستوى التحليل، وذلك إما على مستوى المنظمة أو الصناعة أو الدولة.

ويرى حمدي أن تقنيات الذكاء الاصطناعي جاءت لتحقيق فرص كبيرة لمنظمات الأعمال على اختلافها، وذلك من خلال تقليل التكاليف المخصصة للإنتاج، وتوفير خدمات ووسائل نقل واتصال تمزج بين الكفاءة العالية والتكلفة المنخفضة، بالإضافة إلى أنها تختصر الكثير من الوقت في عملية التطور والبحث والابتكار.

وأضاف تشيرنوف وتشيرنوفا إلى أن استخدام نظم الذكاء الاصطناعي والروبوتات يحمل معه كمًا هائلًا من الفرص والتهديدات بالتغيرات وحتى اختفاء بعض المهن، وستكون قادرة على إعادة تصميم نظام الإدارة والمنظمة وفقًا للفرص والتحديات الجديدة، وتعتبر عاملًا رئيسيًا في تكيف المنظمات مع الظروف الجديدة بما يحقق مصلحة المنظمة ككل، فقد تعمل التقنيات الرقمية الجديدة والذكاء الاصطناعي على إعادة بناء المشهد الاقتصادي وخصائص المنظمة في بيئة الأعمال، فلقد قدرت IDC (international data corporation) أن 40 في المئة من مبادرات التحول الرقمي في عام 2019 ستستخدم خدمات الذكاء الاصطناعي وأن 75 في المئة من تطبيقات الأعمال ستستخدم الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2021.

ويتابع "إن الذكاء الاصطناعي يستخدم على نطاق واسع أنواعًا مختلفة من المعرفة حول مجال التطبيق. لذلك، فإن مشاكل اكتساب المعرفة وتمثيلها واستخدامها تعتبر أساسية في البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي. يمثل تنفيذ النظم القائمة على المعرفة أحد أكثر الفروع نشاطًا، فمن الخصائص المهمة للذكاء الاصطناعي تعددية التخصصات. يتمتع الذكاء الاصطناعي بعلاقات قوية مع علوم الكمبيوتر، ولكن تطوير مشاريع الذكاء الاصطناعي يستلزم أيضًا مفاهيم قادمة من المنطق واللغويات والعلوم المعرفية وما إلى ذلك، بالإضافة إلى ذلك يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في مجموعة كبيرة ومتنوعة من مجالات التطبيق: الطب والصناعة والبنوك والتمويل، إلخ. من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي".

ويؤكد أن المنظمات الذكية والفطنة هي التي باستطاعتها إنجاز أعمال مميزة لصالح جمهورها، فهي تنتج سلعا وتقدم خدمات منافسة وبشكل مستمر، كونها منظمات قادرة على تقديم وقيادة القيمة، ويعد الذكاء والفطنة الضمانة للارتقاء إلى منصة التقدم والنجاح اعتمادا على قرارات استراتيجية ناجحة. قد اجتهدت منظمات الأعمال إلى تسخير الحاسوب والإنترنت أي الشبكة العنكبوتية لصالح بلوغ أداء الأعمال وبالتالي فقد أصبح مجال ذكاء الأعمال المظلة التي تضم الأدوات والمعماريات وقواعد البيانات ومخازنها وإدارة الأداء ومنهجيات التنقيب والاستلام والتخزين، ومنه فإن نشاط ذكاء الأعمال اليوم يسعى إلى استخدام وتوظيف القدرات الحاسوبية العالية والشبكة العالمية للنهوض بأعمال المنظمات في وقت أصبحت بيئة الأعمال أكثر تعقيدا وذات طبيعة متغيرة ومتطورة باستمرار تتطلب هذه القرارات الاستراتيجية كمًا من البيانات والمعلومات، يعتمد نشاط ذكاء الأعمال اليوم إلى استخدام وتوظيف القدرات الحاسب الآلي العالية والشبكة العالمية للنهوض بأعمال المنظمات في وقت أصبحت بيئة الأعمال أكثر تعقيدا وذات طبيعة متغيرة ومتطورة بإستمرار، وبالتالي تعد تقنيات الشبكات العصبية والنظم الخبيرة من الأساليب الحديثة نسبيا في عملية التنبؤ من أجل التسيير الفعال واتخاذ القرارات. وكنقاط أخيرة لهذا البحث يمكن القول إن استعمال الشبكات العصبية جد مهم في الوصول إلى نتائج قريبة من الواقع، وكذلك نظم الخبيرة تزيد في فعالية اتخاذ القرارات وكفاءتها.

ويتابع إلى أنه مع تزايد أهمية الحلول القائمة على التكنولوجيا للتنمية الاقتصادية في العديد من الدول، قد تصبح أهداف إنهاء الفقر وتعزيز الرخاء المشترك معتمدة على تسخير قوة الذكاء الاصطناعي، بينما الأسواق الناشئة تستخدم بالفعل تقنيات الذكاء الاصطناعي الأساسية لحل تحديات التنمية الحرجة، ويمكن عمل الكثير، وستكون حلول القطاع الخاص ضرورية لتوسيع نطاق نماذج الأعمال الجديدة، وتطوير طرق جديدة لتقديم الخدمات، وزيادة القدرة التنافسية للأسواق المحلية. تتطلب كل هذه الحلول مناهج مبتكرة لتوسيع الفرص وتخفيف المخاطر المرتبطة بها مع هذه التكنولوجيا الجديدة. لقد دخل الذكاء الاصطناعي بالفعل في حياتنا اليومية باستخدام أنواع مختلفة من نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وفحص أجهزة المسح في أماكن مختلفة، حيث يساهم استخدام الذكاء الاصطناعي في الأعمال التجارية في تعزيز إمكانات مختلف مجالات الحياة اليومية مثل علاقات العملاء وخدمة العملاء والأشياء المتعلقة بالتمويل والمبيعات والتسويق والإدارة والعمليات التقنية ذات الصلة بالأشياء المختلفة في مختلف القطاعات، مما لا شك فيه أن الجهود الرقمية خلال السنوات القليلة المقبلة لا يمكن أن تكون مشاريع أو مبادرات منعزلة في شركات مختلفة، لكن هذه الشركات ستشارك في تبني التقنيات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي على كل المستويات والعمليات تقريبًا مما سيساعد المنظمة على زيادة قدرتها التنافسية واكتساب ميزة تنافسية على منافسهم، حيث بدأ الذكاء الاصطناعي بالفعل في دمج الأنشطة المختلفة المتعلقة بالأعمال ويحاول إيجاد صلة بمخرجات الشركة. لذلك تجري حاليًا أعمال بحثية ضخمة حول الذكاء الاصطناعي لتحسين أداء العالم بشكل كبير في سياق مختلف.

ويبين حمدي أن وجهة النظر القائمة على الذكاء لها بعض الآثار الهامة، إنه يعزز بشكل كبير المنظور الراسخ لوجهة نظر قائمة على المعرفة. على وجه الخصوص، يوضح كيف يمكن تطوير أنواع مختلفة من الذكاء واستخدامها للاستفادة من المعرفة والمعلومات والبيانات الأساسية. على هذا النحو، فإن التركيز على أنواع مختلفة من الذكاء يساعد بشكل أكبر على فهم الاختلافات الرئيسية في الأداء بين الشركات التي لديها قواعد معرفية متشابهة إلى حد كبير. قد لا تمكن المعرفة في حد ذاتها الشركة من تحقيق ميزة تنافسية ما لم يتم استغلالها بطريقة ذكية تستند إلى استراتيجية العمل. وبالتالي، فإن الذكاءات المتعددة توفر حلقة حاسمة مفقودة بين قاعدة المعرفة للشركة ونتائج الأداء اللاحقة. من المهم فهم وخلق عملية صنع القرار الريادي بشكل أفضل، حيث أنه من المقبول على نطاق واسع في الأدبيات أن اتخاذ القرار الريادي بشكل أفضل يعزز الميزة التنافسية للأعمال بشكل كبير. لذلك فإن رواد الأعمال المعاصرين يواجهون العديد من أصحاب المصلحة. وهذا يتطلب اعتماد الأدوات والتقنيات المناسبة من أجل تسخير هذه الموارد بشكل مناسب للميزة التنافسية لرائد الأعمال. تقدم الشركات متعددة الجنسيات بشكل متزايد ميزة تنافسية لأصحاب المشاريع المحليين نتيجة الاهتمام العالمي بالأسواق الناشئة. وهذا يستلزم اعتماد واستخدام المعدات التكنولوجية الحديثة لتظل قادرة على المنافسة، بالإضافة إلى ذلك، فإن الأعمال التجارية في الوقت الحالي ديناميكية ورقمية إلى حد كبير، لذلك يستفيد رواد الأعمال من هذا التحول. يتم إنشاء الأعمال المعاصرة على البيانات، حيث يتأثر الناس بقدرة الشركات على جمع البيانات وتحليلها وإدارتها واستخدامها. توفر العديد من المنصات على الإنترنت سبلًا لجمع البيانات. علاوة على ذلك، فإن القدرة على تحويل البيانات التي تم جمعها إلى مكاسب ذات قيمة اقتصادية أمر مبتكر، وهو أمر متوقع من رجل الأعمال الحديث. تكمن البيانات الحقيقية في قدرة رواد الأعمال على تطوير رؤية قابلة للتنفيذ وتطبيقها في اتخاذ قرارات استراتيجية وأفضل، حيث يجب ربط عملية صنع القرار المحسنة لرواد الأعمال بالأثر المنشود.

ويخلص حمدي إلى أن معظم الشركات تقوم بجمع البيانات وتخزينها بوعي في قواعد بيانات كبيرة. تعرف العديد من الشركات القيمة المحتملة للبيانات في عملية اتخاذ القرار، حيث يمكن تلبية الطلب المتزايد بسرعة على اتخاذ قرارات أفضل من خلال زيادة توافر المعرفة. مثلا، من الثورة الصناعية، أدى التقدم في الابتكار التقني إلى تحويل العديد من المهام والعمليات اليدوية وجعلها آليًا أو آليًا. يمتلك الذكاء الاصطناعي (AI) نفس القوة التحويلية للنمو، وربما يتولى بعض المهام والأنشطة التي عادةً ما يؤديها الأشخاص في مختلف المجالات الصناعية والفكرية والاجتماعية. تتغير تقنية الذكاء الاصطناعي بسرعة، حيث تقدم ابتكارات جديدة في التعلم الآلي الخوارزمي واتخاذ القرارات المستقلة، مما يخلق فرصًا جديدة لتطوير الابتكار. يمتد تأثير الذكاء الاصطناعي بشكل كبير عبر القطاعات.