تقنية ثورية تنقل دراسة التنوع البيولوجي من الشك إلى اليقين

نهج مبتكر في تحليل عيّنات مياه مأخوذة من مكان ما يسمح بـ'معرفة مكان وجود مختلف الأنواع بطريقة بسيطة ودقيقة إلى حد ما' عبر تتبع بقاياها، ما سيتيح إلقاء الضوء على برامج حماية الأنواع الأكثر أولوية في مجال لا تزال الإمكانات المالية المخصصة له محدودةً جداً.
تقنية للاستخدام خصوصاً في 'القائمة الحمراء' في شأن الحيوانات المهددة بالانقراض
عندما تُرسل نتائج التحاليل إلى الخبراء المحليين،'يذهلون' لاكتشاف كمية الأنواع غير المعروفة

مرسيليا - على مدى أسبوعين، أنكبّ علماء يدرسون وجود الدلافين الوردية على تحليل عيّنات مياه جمعوها من الجزء الواقع في البيرو من غابة الأمازون، وما لبث الحمض النووي البيئي (إي دي إن إيه) أن أثبت لهم أن الدلافين كانت موجودة فعلاً في هذه المنطقة، كما 650 نوعاً آخر من بينها العشرات من الثدييات، كحيوانات الجاغوار والغزلان البور وآكلات النمل والقرود، و25 نوعًا مختلفاً من الخفافيش.

هذا الأمر "مذهل جداً"، على ما تقول عالمة البيئة المتخصصة في الدراسات المدارية كات بروس، وهي مؤسِسة شركة "نيتشر ميتريكس" الناشئة التي تولت وضع تسلسل العينات لحساب الصندوق العالمي للطبيعة.

ويشكّل هذا المجال الجديد لاستخدام تحاليل الحمض النووي، بحسب المروّجين له، عنصراً كفيلاً إحداث ثورة في دراسة التنوع البيولوجي.

وقد أطلق الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة الذي يُختتم مؤتمره السبت في مدينة مرسيليا الفرنسية مشروعأً بقيمة 15 مليون دولار لتحليل 30 ألف عينة ستُجمَع من بعض أكبر أحواض الأنهار في العالم كالأمازون والغانج ودلتا ميكونغ والنيجر.

"الكثير من البراز" 

وفيما يدق جميع المتخصصين ناقوس الخطر في شأن الانهيار المستمر للتنوع البيولوجي، يرى مروجو "إي بيو أطلس" أنه سيتيح إلقاء الضوء على البرامج التي يجب أن تُعطى الأولوية في مجال لا تزال الإمكانات المالية المخصصة له محدودةً جداً.

ويخطط الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة لاستخدام هذه البيانات خصوصاً في "القائمة الحمراء" الشهيرة التي يصدرها في شأن الحيوانات المهددة بالانقراض.

ويقول مدير مشروع "نيتشر ميتريكس" مايك موريس "نأمل في أن يمكّن نظام إي بيو أطلس من سد الثغر في المعلومات عن هذا الانقراض الجماعي".

أما باولا جيريميتشكا من الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة فتشرح أن "هذه التقنية تتيح معرفة مكان وجود مختلف الأنواع بطريقة بسيطة ودقيقة إلى حد ما". فالأنواع الحية تفقد خلايا باستمرار مخلّفةً آثاراً وراثية، ومنها الشعر والجلد والمخاط واللعاب، وهي كلها تنتهي في الأنهار، ولكن قبل كل شيء "ثمة الكثير من البراز"، على ما تقول الدكتورة بروس.

وهذا البراز الناتج عن الأسماك والحيوانات الأخرى يحمله المطر، أو تتركه عند الاستحمام أو الشرب، ويمكن من خلاله اكتشاف الحمض النووي الخاص بها لأيام عدة.

أسماك قرش غير معروفة 

بدأ البحث عن الحمض النووي البيئي قبل نحو عشر سنوات، وتعمقت فيه كات بروس خلال إعدادها أطروحة الدكتوراه، وكانت البداية محاولة التعرف على مختلف الأنواع الموجودة في سائل يحوي مزيجاً من الحشرات.

وتبيّن خلال التجارب أن التقنية تتيح كذلك رصد الحمض النووي في تحليل المياه.

ويستغرق تحديد تسلسل العينات في ليتر واحد أو ليترين من الماء يومين وينتج عادةً نحو 30 مليون أثر لحمض نووي. حتى أن البيانات المرجعية لا تكفي لتحديد كل الأنواع التي تعود إليها آثار الحمض النووي، نظراً إلى الكمّ الكبير جداً منها.

وفي عينات الجزء الواقع في البيرو من غابات الأمازون، على سبيل المثال ، أمكن تحديد 20 في المئة فحسب من أنواع الأسماك التي تعود لها آثار الحمض النووي.

وعندما تُرسل نتائج التحاليل إلى الخبراء المحليين، غالباً ما "يذهلون" لاكتشاف كمية الأنواع غير المعروفة.

وينبغي في هذه الحالة الاستعانة بحدائق حيوانات أو بمؤسسات محلية للعثور على عينة يمكن أن تكون مرجعية، أو البحث عن واحدة في الطبيعة.

وفي دراسة نُشرت العام 2018، اكتشف الباحثون في عينات مأخوذة من المياه الساحلية لكاليدونيا الجديدة التابعة لفرنسا في جنوب المحيط الهادئ، حمضاً نووياً يعود لعدد من أنواع أسماك القرش أكبر بكثير من عدد الأنواع التي تم تحديدها في 20 عاماً بالمشاهدة المرئية.

ويقول المعدّ المشارك لهذه الدراسة دافيد مويو من جامعة مونبلييه "حتى إذا كان السكان لا يرون أسماك القرش عندما يسبحون، فهي موجودة باستمرار".

ويشارك هذا الباحث في مشروع آخر يستند على الحمض النووي البيئي هو "فيجيلايف" المشترك بين القطاعين العام والخاص والهادف إلى إنشاء "مرصد للكائنات الحية".

أما التعرف على النباتات بدقة بواسطة هذه التقنية فهو أكثر صعوبة. وسيركز نظام "إي بيو أطلس" تالياً على الفقاريات في البداية، مع طموح إلى إنشاء قاعدة بيانات مفتوحة المصدر، مجانية للباحثين والمنظمات غير الحكومية لكنها في مقابل بدل مادي بالنسبة إلى الشركات.

وفي كل الأحوال، يبدو أن لهذه التقنية مستقبلاً مشرقاً. وقد أجرى باحثون في بريطانيا والدنمارك تجارب هذا العام لجمع عينات الهواء في أقفاص حدائق الحيوانات، فرصدوا فيها آثار الحمض النووي للحيوانات المقيمة ... ولكن أيضًا لأنواع أخرى من الحيوانات المحلية.

الحمض النووي البيئي
تحديد تسلسل العينات في ليتر واحد أو ليترين من الماء يستغرق يومين وينتج نحو 30 مليون أثر لحمض نووي

أسماك قرش غير معروفة 

بدأ البحث عن الحمض النووي البيئي قبل نحو عشر سنوات، وتعمقت فيه كات بروس خلال إعدادها أطروحة الدكتوراه، وكانت البداية محاولة التعرف على مختلف الأنواع الموجودة في سائل يحوي مزيجاً من الحشرات.

وتبيّن خلال التجارب أن التقنية تتيح كذلك رصد الحمض النووي في تحليل المياه.

ويستغرق تحديد تسلسل العينات في ليتر واحد أو ليترين من الماء يومين وينتج عادةً نحو 30 مليون أثر لحمض نووي. حتى أن البيانات المرجعية لا تكفي لتحديد كل الأنواع التي تعود إليها آثار الحمض النووي، نظراً إلى الكمّ الكبير جداً منها.

وفي عينات الجزء الواقع في البيرو من غابات الأمازون، على سبيل المثال ، أمكن تحديد 20 في المئة فحسب من أنواع الأسماك التي تعود لها آثار الحمض النووي.

وعندما تُرسل نتائج التحاليل إلى الخبراء المحليين، غالباً ما "يذهلون" لاكتشاف كمية الأنواع غير المعروفة.

وينبغي في هذه الحالة الاستعانة بحدائق حيوانات أو بمؤسسات محلية للعثور على عينة يمكن أن تكون مرجعية، أو البحث عن واحدة في الطبيعة.

وفي دراسة نُشرت العام 2018، اكتشف الباحثون في عينات مأخوذة من المياه الساحلية لكاليدونيا الجديدة التابعة لفرنسا في جنوب المحيط الهادئ، حمضاً نووياً يعود لعدد من أنواع أسماك القرش أكبر بكثير من عدد الأنواع التي تم تحديدها في 20 عاماً بالمشاهدة المرئية.

ويقول المعدّ المشارك لهذه الدراسة دافيد مويو من جامعة مونبلييه "حتى إذا كان السكان لا يرون أسماك القرش عندما يسبحون، فهي موجودة باستمرار".

ويشارك هذا الباحث في مشروع آخر يستند على الحمض النووي البيئي هو "فيجيلايف" المشترك بين القطاعين العام والخاص والهادف إلى إنشاء "مرصد للكائنات الحية".

أما التعرف على النباتات بدقة بواسطة هذه التقنية فهو أكثر صعوبة. وسيركز نظام "إي بيو أطلس" تالياً على الفقاريات في البداية، مع طموح إلى إنشاء قاعدة بيانات مفتوحة المصدر، مجانية للباحثين والمنظمات غير الحكومية لكنها في مقابل بدل مادي بالنسبة إلى الشركات.

وفي كل الأحوال، يبدو أن لهذه التقنية مستقبلاً مشرقاً. وقد أجرى باحثون في بريطانيا والدنمارك تجارب هذا العام لجمع عينات الهواء في أقفاص حدائق الحيوانات، فرصدوا فيها آثار الحمض النووي للحيوانات المقيمة ... ولكن أيضًا لأنواع أخرى من الحيوانات المحلية.