تقييد السحب بألف دولار مع عودة الأزمة لنقطة الصفر في لبنان

الحريري والصفدي وتيار عون يتبادلون الاتهامات بعرقلة تشكيل الحكومة في حين يعيش لبنان اوضاعا حرجة اقتصاديا وماليا.
إضراب موظفي البنوك يستمر
التحويلات بالعملة الصعبة للخارج مقيدة بالنفقات الشخصية العاجلة فقط
بري: اللبنانيون مثل ركاب سفينة تايتنك

بيروت - قالت جمعية مصارف لبنان في بيان الأحد إنها وافقت على مجموعة من الإجراءات المؤقتة للبنوك التجارية تتضمن تحديد سقف أسبوعي للسحب من الحسابات الدولارية بألف دولار أميركي وذلك في خضم أزمة اقتصادية وسياسية متفاقمة.
وتفاقمت الأزمة السياسية في لبنان الأحد بعد انسحاب مرشح رئيسي لتولي رئاسة الوزراء مما يقلص فرص تشكيل حكومة تحتاجها البلاد بشدة لتنفيذ إصلاحات عاجلة، في ما وصفه مصدر سياسي بأنه "عودة الى نقطة الصفر".
ونقلت صحيفة الجمهورية عن نبيه بري رئيس البرلمان اللبناني قوله الاثنين إن لبنان أشبه بسفينة ستغرق إن لم تُتخذ الإجراءات اللازمة.
ونسبت الصحيفة إلى بري قوله "البلد أشبه بسفينة تغرق شيئا فشيئا، فإن لم نتخذ الإجراءات اللازمة فستغرق بكاملها".
وكانت صحيفة النهار نقلت عن بري تشبيهه لوضع الشعب اللبناني بركاب السفينة الغارقة تيتانيك.
وذكرت الجمعية أن الخطوات تستهدف توحيد المعايير وتنظيم العمل في البنوك وسط "الظروف الاستثنائية" التي تمر بها البلاد عقب احتجاجات في أنحاء لبنان تسببت في إغلاق البنوك معظم أيام أكتوبر/تشرين الأول.
وأضافت الجمعية أن التوجيهات تشمل أيضا السماح فقط بأن تكون التحويلات بالعملة الصعبة للخارج لتغطية النفقات الشخصية العاجلة.
وقالت في بيان إن الإجراءات لا تمثل قيودا على حركة الأموال، وتأتي بالتشاور مع المصرف المركزي.
وكان رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان قال في وقت سابق الأحد إن إضراب موظفي البنوك سيستمر يوم الاثنين.
وبدأ الاتحاد الإضراب الثلاثاء بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة مع سعي المودعين لسحب أموالهم بعد أن فرضت البنوك قيودا جديدة. ومن المقرر أن يجتمع أعضاء الاتحاد يوم الاثنين لبحث خطة أمنية من أجل تأمين فروع المصارف.

شهر على بداية الانتفاضة
شهر على بداية الانتفاضة

ولم يفرض المصرف المركزي قيودا رسمية مباشرة على رؤوس الأموال، وذلك رغم المخاوف من موجة لسحب الودائع وضغوط على الليرة بالسوق غير الرسمي.
وكانت البنوك مغلقة معظم الأيام منذ اندلاع الاحتجاجات في 17 أكتوبر/تشرين الأول. وافتتحت المصارف لفترة وجيزة هذا الشهر لكنها فرضت قيودا على التحويلات للخارج وسقفا على السحب من الحسابات بالعملة الأجنبية، وبدا أن لكل مصرف تجاري سياسته الخاصة.
وأصدرت وكالة ستاندرد آند بورز غلوبال للتصنيفات الائتمانية أحدث تحذير من وضع الاقتصاد اللبناني المثقل بالديون وخفضت يوم الجمعة تصنيف لبنان الائتماني السيادي فيما يتعلق بالعملات الأجنبية والمحلية على المدى البعيد والقريب، مشيرة إلى تزايد المخاطر المالية والنقدية.
وسحب وزير المال اللبناني السابق محمد الصفدي في وقت متأخر من مساء السبت اسمه كأحد المرشحين لرئاسة الحكومة اللبنانية قائلا إن "من الصعب تشكيل حكومة متجانسة ومدعومة من جميع الأفرقاء السياسيين".
وكان الصفدي أول مرشح بدا أنه يحظى ببعض الإجماع بين الأحزاب والطوائف اللبنانية منذ استقالة سعد الحريري من رئاسة الوزراء في 29 أكتوبر/تشرين الأول تحت ضغط احتجاجات حاشدة ضد النخبة الحاكمة.
وتعهد لبنان، الذي يواجه أسوأ أزمة مالية منذ الحرب الأهلية بين عامي 1975 و 1990، بتنفيذ إصلاحات عاجلة على أمل إقناع المانحين بتقديم نحو 11 مليار دولار تعهدوا بها العام الماضي.
وذكرت وسائل إعلام لبنانية ومصادر سياسية أن حزب الله وحركة أمل الشيعيين وافقا على دعم الصفدي بعد اجتماع مع الحريري ولكن لم يقر أي حزب سياسي بعد ذلك رسميا ترشحه.
ولا بد أن يكون رئيس وزراء لبنان سنيا طبقا لنظام المحاصصة الطائفية المعمول به.
وندد المحتجون بترشيح الصفدي المحتمل قائلين إن ذلك يتعارض مع المطالب برحيل النخبة السياسية التي يرون أنه جزء منها.

وصلنا لطريق مسدود الآن. لا أعرف متى ستنفرج الأوضاع ثانية. الأمر ليس سهلا. الوضع المالي لا يتحمل أي تأجيل

وتدفقت حشود كبيرة من المحتجين المناوئين للحكومة على شوارع لبنان الأحد ملوحين بالأعلام اللبنانية احتفالا بمرور شهر على بداية الانتفاضة ولمواصلة الضغط.
وفي تعليقات نشرت على الموقع الإلكتروني للجيش اللبناني، قال قائد الجيش العماد جوزيف عون إن الجيش لن يمنع الناس من التظاهر في الميادين لكنه سيتدخل لفتح الطرق واصفا حرية الحركة بأنها "مقدسة".
وقال قائد الجيش إن حالات الاحتجاز التي وقعت مؤخرا "شملت عناصر عملت على إحداث شغب وواجهت الجيش وحاولت منعه من تنفيذ مهمّته وتعرّضت له، كما شملت أشخاصاً، تبيّن أن بحوزتهم مخدرّات".
وقال مصدر سياسي كبير "وصلنا لطريق مسدود الآن. لا أعرف متى ستنفرج الأوضاع ثانية. الأمر ليس سهلا. الوضع المالي لا يتحمل أي تأجيل".
ووصف مصدر سياسي ثان جهود تشكيل حكومة جديدة بأنها عادت لنقطة الصفر.
ومما يعكس مدى هشاشة المناخ السياسي في البلاد اتهم التيار الوطني الحر بزعامة الرئيس ميشال عون الحريري بتقويض مسعى الصفدي من أجل الاستئثار بالمنصب لنفسه.
وانتقد بيان للتيار الوطني الحريري لإصراره على سياسة "أنا أو لا أحد" لقيادة الحكومة الجديدة وذلك في إشارة إلى إصرار الحريري على أنه لن يعود لرئاسة الوزراء إلا إذا تمكن أن يكون السياسي الوحيد في حكومة مؤلفة من خبراء.
ورفض بيان من مكتب الحريري ما صدر عن التيار الوطني الحر بهذا الشأن ووصفه بأنه محاولة غير مسؤولة لتسجيل نقاط سياسية على الرغم من الأزمة الوطنية الكبرى التي يمر بها لبنان.
لكن الصفدي أصدر بيانا في وقت لاحق اتهم فيه الحريري بعدم الوفاء "بالوعود التي على أساسها قبلت أن أسمّى لرئاسة الحكومة المقبلة".

الصفدي يتهم الحريري بعدم الوفاء بالوعود
الصفدي يتهم الحريري بعدم الوفاء بالوعود

ولم يوضح الصفدي ما هي تلك الوعود لكنه قال "فما كان منّي إلاّ أن أعلنت انسحابي".
ويترك انسحاب الصفدي جماعة حزب الله القوية المدعومة من إيران وحلفاءها أمام خيارات أقل ما لم تسع للعثور على حليف سني مقرب وهو سيناريو من المحتمل أن يقلل من فرص حصول لبنان على دعم دولي.
وتصنف الولايات المتحدة حزب الله جماعة إرهابية.
وسعى حزب الله وحركة أمل، إلى جانب الرئيس ميشال عون المسيحي الماروني، إلى عودة الحريري كرئيس للوزراء لكنهم طالبوا بأن تضم الحكومة الجديدة خبراء من التكنوقراط وسياسيين.
لكن الحريري، الحليف لدول خليجية عربية ودول غربية، قال إنه لن يعود للمنصب إلا إذا كان قادرا على تشكيل حكومة مؤلفة بالكامل من متخصصين قادرين على جذب الدعم الدولي.