تقييم أممي يعكس قتامة المشهد في سوريا

العائدون السوريين إلى بلادهم ما زالوا يواجهون مخاطر، مثل الاعتقال التعسفي والاحتجاز والابتزاز، في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري أو خارجه.

نيويورك - قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، إن حدة الأعمال العدائية في سوريا انخفضت، لكن لا توجد نهاية واضحة للصراع في الأفق، في تصريح جديد لمسؤول أممي يعكس قتامة المشهد في سوريا دون مؤشرات تدل على نهاية الأزمة.

وأضاف تورك في تصريحات مساء الثلاثاء، خلال تقديم تقريره السنوي عن حالة حقوق الإنسان العالمية، في الدورة السادسة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان، أن العائدين السوريين إلى بلادهم ما زالوا يواجهون مخاطر، مثل الاعتقال التعسفي والاحتجاز والابتزاز، سواء في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري أو الخارجة عن سيطرته.

وأوضح أن الفجوة بين متطلبات التمويل الإنساني حول العالم والموارد المتاحة تبلغ 40.8 مليار دولار. وأشار إلى أنه يجري تمويل النداءات الإنسانية بمتوسط ​​16.1 في المئة فقط، في حين وصل الإنفاق العسكري العالمي العام الماضي إلى 2.5 تريليون دولار.

وتوضح البيانات التي جمعها مكتب تورك أن عدد القتلى المدنيين في النزاعات المسلحة ارتفع بنسبة 72 في المئة عام 2023، بينما تظهر أن نسبة القتلى من النساء تضاعفت ونسبة الأطفال تضاعفت ثلاث مرات مقارنة بالعام السابق.

وتابع "أصبح قتل وإصابة المدنيين حدثاً يومياً، وأصبح تدمير البنية التحتية الحيوية حدثاً يومياً مدمراً ومتهوراً. يُطلق النار على الأطفال، وتُقصف المستشفيات، وتطلق القذائف الثقيلة على مجتمعات بأكملها، وإلى جانب كل ذلك (ينتشر) خطاب الكراهية والانقسام واللاإنسانية".

وكان المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون قد أكد إن الشعب السوري لا يزال عالقا في أزمة عميقة تزداد ترسخا مع مرور الوقت، مع عدم ظهور مسار سياسي واضح لتنفيذ القرار 2254، مما يهدد بالانقسام واليأس لفترة طويلة، واصفا هذا الوضع بأنه "مأساوي" و"خطير".

وفي إحاطته أمام اجتماع مجلس الأمن بشأن الوضع في سوريا نهاية مايو/أيار الماضي، أكد بيدرسون أنه "في ظل غياب عملية سياسية شاملة، تتفاقم جميع أنواع الاتجاهات السلبية، مما يشكل مخاطر رهيبة على السوريين والمجتمع الدولي الأوسع".

وتعليقا على الوضع الأمني في سوريا، قال بيدرسون إنه لا تزال هناك مجموعة مذهلة من الجهات الفاعلة المحلية والدولية والجماعات الإرهابية المدرجة على قوائم مجلس الأمن منخرطة في الصراع داخل الأراضي السورية، عبر ساحات متعددة.

وحذر من أنه إذا استمرت هذه الديناميات "فسنشهد حتما المزيد من معاناة المدنيين. ويمكننا أيضا أن نشهد تصعيدا كبيرا، والمزيد من عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة".

وكلما استمرت الديناميات الحالية في سوريا، كلما تعمقت المخاوف بشأن ما يعنيه تقسيم منطقة ما لمدة جيل أو أكثر في مثل هذه الظروف غير المستقرة، مضيفا "نحن نشهد بالفعل جيلا ثانيا من الأطفال المحرومين من الوصول المستمر إلى التعليم، أو يخضعون لمناهج مختلفة تماما، مما يهدد مستقبل الأطفال، ووحدة سوريا، ويذكي احتمالات التطرف".

وتطرق المسؤول الأممي إلى "الوضع الاقتصادي الحرج" الذي يؤدي إلى تفاقم معاناة المدنيين وإدامة خطر عدم الاستقرار. وتحدث كذلك عن اللاجئين مشددا على ضرورة دعم اللاجئين الذين يختارون العودة، لكنه أشار إلى أنه بالنسبة لمعظم الناس، فإن الحقيقة هي أن هناك عقبات أمام عودة اللاجئين بشكل آمن وكريم وطوعي.

وفي ختام إحاطته شدد بيدرسون على أنه "لا يمكن ببساطة إدارة الصراعات العميقة والمعقدة أو احتواؤها إلى الأبد، بل يجب أن يكون هناك أفق سياسي لحلها أيضا. ولهذا السبب فإن تمهيد الطريق لنهج جديد وأكثر شمولا أمر منطقي"، مؤكدا أن هناك حاجة لجميع الأطراف، وأنه "لا يمكن لأي جهة فاعلة أن تحل الأزمة بمفردها".

بدوره، مارتن غريفيثس، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ قدم إحاطة هو الآخر أمام مجلس الأمن أكد خلالها أن سوريا لا تزال تمثل أزمة حماية، حيث "لا يزال الأطفال يُقتلون، ولا تزال النساء والفتيات يخشون على سلامتهن، ولا يزال أكثر من 7 ملايين شخص نازحين في جميع أنحاء سوريا، ولا يزال ملايين آخرون يعيشون لاجئين في البلدان المجاورة وخارجها".

وأضاف أنه بعد ثلاث سنوات منذ توليه منصبه "وبينما أستعد للتنحي، يؤلمني أن معاناة الشعب السوري مستمرة. يحتاج عدد أكبر من الأشخاص إلى المساعدة الإنسانية أكثر من أي وقت مضى خلال الصراع؛ 16.7 مليون شخص وفقا لآخر التقييمات".

وقال إن النساء والفتيات السوريات يتعرضن لآليات التكيف السلبية ومستويات مروعة من العنف القائم على النوع الاجتماعي، كما أن القتال اليومي والمستعر في شمال غربي سوريا يتسبب في إصابة المدنيين وموتهم بمن فيهم الأطفال.

وتطرق إلى قضية الوصول المستدام للمساعدات الإنسانية سواء عبر الحدود أو خطوط التماس في سوريا، مشيرا إلى أن العملية عبر الحدود من تركيا وفرت شريان حياة لملايين الأشخاص المحتاجين في شمال غرب سوريا.

ورحب كذلك بالقرار الأخير الذي اتخذته الحكومة السورية بتمديد السماح باستخدام معبري باب السلام والراعي الحدوديين لمدة ثلاثة أشهر إضافية، حتى 13 آب/أغسطس 2024.

وأشار إلى أن عمليات التسليم عبر خطوط التماس إلى شمال غرب سوريا تظل أكثر صعوبة مما ينبغي.

وقال غريفيثس كذلك إنه "لعل أحد أكبر المخاوف في الأشهر والسنوات القادمة يتعلق بنقص تمويل الاستجابة الإنسانية"، مشيرا إلى الانخفاض المطرد في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية على مدى السنوات الثلاث الماضية.