تلميحات تركية بسحب مفاوضات طالبان وواشنطن من الدوحة
كابول - قال مصدران في الحكومة الأفغانية ودبلوماسي غربي اليوم الأربعاء إن من الممكن توقيع اتفاق سلام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان في فبراير/شباط إذا قلصت الحركة الهجمات بوضوح وإن الاتفاق يمكن أن يفضي إلى سحب قوات أميركية من أفغانستان، في وقت ظهرت فيه بوادر تدخلات تركية على الخط لنقل المفاوضات من الدوحة نحو أنقرة.
جاء الإطار الزمني الذي حددته المصادر بعد يوم من قول الرئيس الأفغاني أشرف غني إن هناك انفراجة محتملة في المحادثات بين أميركا وطالبان في قطر، لكن الحركة المتشددة لا تبدو أنها جدية في الالتزام بوقف إطلاق النار حيث تدل خطواتها عن ممارسة ضغوطات على أرض الواقع تجعل واشنطن مترددة في الوثوق بتعهداتها.
ووصلت المحادثات التي أجريت لشهور في الدوحة بوساطة قطرية، إلى طريق مسدود لأسباب منها مطلب أميركي بموافقة الحركة على تقليص الهجمات بشدة في إطار أي اتفاق على انسحاب القوات الأمريكية.
وقال سهيل شاهين المتحدث باسم المكتب السياسي لطالبان ومقره الدوحة إنه تم إحراز تقدم لكنه رفض ذكر المزيد من التفاصيل.
وتستضيف الدوحة المحادثات بين الطرفين المتناحرين منذ 2018 على الرغم من استمرار القتال في أفغانستان الذي أدى إلى مقتل المئات من المدنيين والجنود مع بسط طالبان سيطرتها على أراض هناك.
وقال مسؤول أفغاني ثالث إن الولايات المتحدة وافقت من حيث المبدأ على إبرام اتفاق لكنها لن توقعه حتى تظهر طالبان أنها خفضت العنف. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه أن اتفاقا قد يبرم هذا الشهر.
وقال دبلوماسي غربي في كابول إن المفاوضين الأميركيين يعملون على خطة تقضي بموافقة طالبان على خفض العنف لعشرة أيام على الأقل دون أي انتهاك كبير.
وأضاف المصدر "بعد تلك الأيام العشرة يمكن للجانبين إجراء محادثات وترتيب خطط لحوار بين الأفغان".
تزامنا مع ذلك نشرت وكالة الأناضول الرسمية اليوم الأربعاء لقاء أجرته مع زعيم الحرب الأفغاني قلب الدين حكمتيار، ظهرت فيه تلميحات تركية لافتة نحو رغبة في نقل المفاوضات الجارية بين واشنطن وطالبان من الدوحة إلى أنقرة.
ونقلت الأناضول عن حكمتيار قوله إن "حركة طالبان والجماعات السياسية الرئيسية في أفغانستان اتفقت من حيث المبدأ على إجراء محادثات سلام في مكان محايد، مفضلة أن يحدث ذلك في تركيا".
وأفادت وكالة الأنباء التركية عن مصادر وصفتها بـ"المطلعة التي فضلت عدم نشر أسمائها"، أن طالبان مترددة في التخلي عن نفوذها واستخدامها العنف، وتميل فقط إلى "الحد من العنف"، بينما تتمسك الحكومة الأفغانية بوقف إطلاق نار شامل، قبل استئناف محادثات سلام رسمية.
وخلال المقابلة قال حكمتيار، الذي عاد إلى كابول بعد أكثر من 20 سنة في مايو 2017 بعد توقيعه على اتفاق سلام مع الحكومة الأفغانية، "اقتراحنا هو أن تستضيف تركيا المحادثات، وقد شاركنا هذه الفكرة مع كرزاي (الرئيس الأفغاني السابق) ووافق عليها ولا أرى أي حزب سياسي يعارضها.
وأضاف "ننتظر الإعلان الرسمي من طالبان، رغم أنهم وافقوا من حيث المبدأ، لكنهم ينتظرون التوقيع على اتفاق مع واشنطن أولًا".

وعاد قلب الدين حكمتيار وهو زعيم الحزب الاسلامي الأفغاني المتأثر فكريا وعقائديا بحركة الاخوان المسلمين، إلى الحياة السياسية الأفغانية حتى أنه ترشح للانتخابات الرئاسية الأخيرة، وذلك بعد سنوات من اتهامه بلعب دور رئيسي في الحرب الأهلية التي أسفرت عن مقتل الآلاف في كابول وأدت إلى إنزال دمار كبير في العاصمة الأفغانية.
وأزيل اسم حكمتيار من قائمة الأمم المتحدة الخاصة بالإرهاب، في فبراير 2017 على إثر الإجراء الذي تقدمت به الحكومة الأفغانية ضمن اتفاق سلام مع حكمتيار وجماعته المقاتلة.
ومعلوم أن قطر وحليفتها تركيا تستضيفان على أراضيهما قيادات إخوانية وعناصر إسلامية متشددة وتؤمنان لهم الإقامة وتحرصان على التوسط لهم مع الدول الغربية لإضفاء الشرعية على نشاطاتهم التي يريدون فرضها بقوة السلاح عبر مفاوضات سياسية.
ويوجد في الوقت الحالي نحو 13 ألف جندي أميركي وآلاف الجنود الآخرين من حلف شمال الأطلسي في أفغانستان بعد 18 عاما من غزو نفذه تحالف تقوده الولايات المتحدة عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 التي نفذها تنظيم القاعدة في واشنطن ونيويورك.
وتريد طالبان الضغط على واشنطن أكثر خصوصا إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعدت بالسعي لخفض عدد القوات في أفغانستان إلى نحو تسعة آلاف.
وقال مسؤولون أفغان إن أنباء إبرام اتفاق محتمل لخفض العنف تأتي في ظل استمرار هجمات طالبان التي تسيطر على نحو 40 بالمئة من البلاد، وهو ما يجعلها تفرض شروطها على أرض الواقع قبل قبول ما تقدمه واشنطن على طاولة المفاوضات.
وقال قيادي بطالبان لرويترز اشترط عدم ذكر اسمه "سنوقف كل الهجمات في مقابل التزام الولايات المتحدة بوقف كل عملياتها ضدنا في أفغانستان".
وسلم رجال دين في طالبان رسالة قوية هذا الشهر إلى الولايات المتحدة عبر فريق التفاوض التابع لهم وطلبوا منهم إبرام اتفاق سلام قبل بدء "موسم القتال" في الربيع.
وقال قيادي آخر في طالبان "أضاعت (الولايات المتحدة) الكثير من وقتنا وطاقتنا تحت مسمى محادثات السلام. على القيادة أن تقرر إن كانت ستبرمه (الاتفاق) أم ستوقف عملية السلام للأبد وتهتم بساحة القتال".
وقال مسؤول أفغاني رفيع المستوى معني بشؤون الدفاع إن كابول مستعدة لمواصلة القتال إذا فشلت المحادثات.
يذكر أن ترامب ألغى المحادثات المتقطعة مع طالبان في سبتمبر الماضي بعد مقتل جندي أمريكي في هجوم نفذته الحركة.