تلويح أويحيى بـ"الدم" يثير سخط معارضي الولاية الخامسة

نواب المعارضة يرفضون تحذير رئيس الحكومة من انزلاق احتجاجات الجزائر إلى وضع مشابه لما جرى في سوريا بقوله إن المسيرات السورية بدأت بالورود وانتهت بالدم.
أحزاب السلطة تستحضر العشرية السوداء وفوضى الثورات العربية
تصريحات أويحيي رسائل ملغمة لترهيب الجزائريين
المعارضة تؤكد على سلمية الحراك الشعبي ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة
نواب المعارضة يقاطعون كلمة أويحيى في المجلس الشعبي

الجزائر - واجه نواب المعارضة الجزائرية اليوم الخميس رئيس الحكومة أحمد أويحيى بعد أن قارن بين الاحتجاجات التي تشهدها الجزائر رفضا لترشح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة والاحتجاجات التي شهدتها سوريا في مارس/اذار 2011.

وقال أويحيى إن "المسيرات في سوريا بدأت بالورد وانتهت بالدم"، في رسالة تخويف موجهة للحراك الشعبي المتنامي ضد الولاية الخامة وفي محاولة لترهيب الجزائريين من مصير مماثل لذلك الذي شهدته سوريا على مدار نحو ثمانية أعوام.

وسرعان ما انتفض نواب المعارضة مقاطعين أويحيى بالتصفيق والهتاف لتأكيد أن الحراك الشعبي في الجزائر حراك سلمي لا يشكل خطرا على استقرار البلاد.

وأكد نواب المعارضة بأصوات عالية تحت قبة البرلمان، أن المسيرات سلمية تدعو للتغيير وترفض الولاية الخامسة وأنه لا خوف منها قبل أن يهموا بمغادرة القاعة، وفق وسائل إعلام محلية.

ورد رئيس الحكومة الجزائرية على احتجاج نواب المعارضة معتبرا أنهم أحدثوا صخبا وهموا بمقاطعة الجلسة حتى لا يسمع الشعب الجزائري دعوته لعدم الخروج في مظاهرات يمكن أن تتسبب في مخاطر على استقرار البلاد.

وقد حاول أويحيى الرد عليهم بأنهم قاموا بهذا السلوك خوفا من أن يسمع الشعب دعوته لعدم تنظيم المسيرات التي يمكن أن تترتب عنها من مخاطر على استقرار البلاد.

وقال أويحيى "إذا كانت المسيرات السلمية حق يكفله الدستور للمواطن فإننا متخوفون من المناورات والمؤامرات خاصة وأن البعض من هذه النداءات المجهولة تدعو إلى إضراب عام وهو ما يذكرنا بالإضراب السياسي في بداية تسعينات القرن الماضي".

وتستحضر أحزاب السلطة (أحزاب الموالاة) عادة أحداث العشرية السوداء لتحذير الجزائريين من إمكانية انزلاق الاحتجاجات الشعبية إلى حرب أهلية على غرار ما حدث في تسعينات القرن الماضي بعد أن ألغى الجيش نتائج الانتخابات التي فاز فيها الإسلاميون بقيادة جبهة الإنقاذ الوطني (الفيس).

رئيس الحكومة الجزائرية أحمد أويحيى
أويحيى يستحضر الحرب الأهلية السورية في تعليقه على الاحتجاجات الجزائرية المناهضة لترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة

ودعا أويحيى الذي يشغل أيضا منصب الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي (أحد أكبر أحزاب الموالاة) إلى التحلي باليقظة للحفاظ على استقرار الجزائر، قائلا "من حقك أن تختلف مع النظام الذي قد يرحل في أي وقت، لكن الدولة باقية".

وتدرك السلطة الحاكمة منذ الاستقلال منذ البداية وجود احتقان ورفض شعبي لاستمرار الرئيس بوتفليقة في الحكم بسبب مرضه وأيضا بسبب استشراء الفساد بشكل لافت في سنوات حكمه الأخيرة.

وتوقعت خروج مسيرات محدودة مناهضة للولاية الخامسة، لكنها أخطأت التقدير ولم تتوقع أن تعم الاحتجاجات معظم المحافظات الجزائرية.

ويفسر تراكم الإحباط والشعور بالذل بسبب الصورة التي شاهدها العالم لرئيس طريح الفراش يريد البقاء في الحكم، تعاظم الاحتجاجات في الجزائر.

واعتبر الباحث في علم الاجتماع زبير عروس أن"الغلطة الكبرى" لأنصار الولاية الخامسة "أنهم لم يتوقعوا أن المجتمع وصل إلى هذه المرحلة من الوعي والنضج" السياسي، بحيث "أساؤوا تقديره".

وأضاف الأستاذ بجامعة الجزائر أن "التعنت والإصرار" على الإبقاء على هذا الترشيح "هو سوء تقدير لرد فعل" الجزائريين.

الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة يتنقل على كرسي متحرك منذ اصابته بجلطة دماغية في 2013
الجزائريون يشعرون بالاهانة لتمسك بوتفليقة بالحكم رغم مرضه

ويقول الباحث ناصر جابي إن "السلطة لا يمكنها أن تتوقع" ما حدث لأن الحكام "يعيشون في عزلة ومنقطعين عن الشعب منذ ثلاثين سنة".

وبالإضافة إلى ذلك فإن ترشيح بوتفليقة وانتخابه لولاية رابعة في 2014 "مرا بسهولة" رغم أنه لم يكن قد مر عام على إصابته بجلطة في الدماغ، كما ذكرت أستاذة العلوم السياسية في جامعة الجزائر3 لويزة دريس آيت حمادوش.

أوضحت آيت حمادوش أن الولاية الرابعة لبوتفليقة تميزت بتراكم الإحباط خاصة أنها بدأت بتراجع أسعار النفط الذي تمثل إيراداته المصدر الأساسي لتمويل الاقتصاد الجزائري.

لكن المحرك الأساسي للغضب هو الإذلال الذي شعر به الجزائريون بالرغم من شفقتهم وهم يشاهدون الصورة التي يعكسها رئيسهم على كرسي متحرك وفاقد للقدرة على الكلام.

وسبب هذه الثورة هو "الإهانة التي أصبح يشعر بها الجزائريون بكل فئاتهم بعدما أصبحوا أضحوكة العالم"، بحسب زبير عروس.

ورأى ناصر جابي أن الجزائريين "وافقوا على الولاية الرابعة معتقدين أن بوتفليقة لن يعيش إلى نهايتها، لكن الخامسة غير مقبولة. الشباب يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي ويشاهدون ما يحدث في الخارج ويشاهدون إهانة بلدهم".

وقالت لويزة دريس آيت حمادوش أن "الشعور بالإحباط أضيف له الشعور بالذل"، موضحة أن فرضية توريث الحكم للسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس ومستشاره، التي طالما تم الحديث عنها، "غير مقبولة لدى الجزائريين"، فالجزائر "حتى وان لم يكن لديها تقاليد ديمقراطية راسخة إلا أن نظامها جمهوري".