تنازع فرنسي أميركي ينعكس على عمل خماسية لبنان

التباينات والخلافات تتصاعد بين واشنطن وباريس بشأن الوضع في جنوب لبنان والفراغ الرئاسي وما يتعلق بالقطاع النفطي.

بيروت - يستأنف سفراء مجموعة الدول الخماسية الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، حراكهم الاثنين في بيروت لحض الفرقاء اللبنانيين على استعجال إنهاء أزمة الفراغ الرئاسي، في حين أن كواليس اللجنة تشهد نزاعا فرنسيا أميركيا للسيطرة على الملف.

وتحرص فرنسا على التأكيد بأنها ما زالت حاضرة وتتابع بدقة الوضع اللبناني وملف الرئاسة، وان تحاول أن تساهم من خلال اللجنة الخماسية أو من خلال دبلوماسيتها ودوائرها  في معالجة الموقف في الجنوب والعمل في الوقت نفسه على انتخاب رئيس للجمهورية.

وذكر مصدر دبلوماسيّ لبنانيّ أن هناك تنافسًا أميركيا فرنسيًّا لمعالجة الإشكالات البرية، بين لبنان وإسرائيل. حيث تسجل واشنطن انزعاجا من الفرنسيين بسبب عدم إطلاعها مسبقًا على ورقة المعالجات لتطبيق القرار 1701.

وربطت مصادر بين تأجيل مؤتمر دعم الجيش اللبناني الذي دعت إليه فرنسا وكان مقررا في 27 فبراير/شباط الماضي ، والخلافات مع الأميركيين في شأن ترتيبات الوضع الجنوبيّ. وقالت أنّ فرنسا أبلغت المعنيّين عن تأجيل المؤتمر، من دون إعطاء أيّ أسباب لهذا التأجيل.

وكشفت تقارير عن تصاعد التباينات والخلافات بين واشنطن وباريس بشأن عدة مواضيع مرتبطة بلبنان، بما في ذلك الوضع في جنوب لبنان والفراغ الرئاسي وكذلك ما يتعلق بالقطاع النفطي. وأشارت إلى أن واشنطن رفضت ورقة الحل الفرنسية المقترحة على لبنان حول الجنوب، حيث يرغب المبعوث الأمريكي الرئاسي آموس هوكشتين بأن يكون الحل مرتبطاً به حصرا.

ويرى البعض أن الرؤية الأميركية التي تضع ملفي الجنوب والرئاسية في سلة واحدة، تلقى معارضة من باريس، التي تعتبر أنه لا بدّ من فصل الملفين عن بعضهما لا سيما أن الوضع في الجنوب مرتبط بحرب غزة التي يرجح أن تطول، ولا يجوز ربط الاستحقاقات اللبنانية بها.

وتحاول باريس من خلال تفعيل عمل اللجنة الخماسية حول الرئاسة والحل السياسي، وكذلك من خلال مبادرتها بشأن جبهة الجنوب، الحيلولة دون تفرّد واشنطن بالحل. ففرنسا تقدم نفسها كقوة أوروبية أو غربية قادرة على التواصل مع الجميع، خصوصاً مع حزب الله في لبنان وكذلك مع ايران.

وتسعى اللجنة إلى دفع اللبنانيين إلى توافق واسع حول خيار انتخاب المرشح الثالث الذي لا يعد محسوباً على جهة دون أخرى، وذلك من خلال تحرك واسع النطاق يشمل جميع الاتجاهات والكتل وتبدأ لقاءاتهم برئيس مجلس النواب نبيه بري والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ثم تستكمل الثلاثاء بلقاءات مع الرئيس المنتهية ولايته ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي سابقاً وليد جنبلاط وينتظر تحديد مواعيد اللقاءات الأخرى تباعاً.

ووفقاً للمعلومات المتوافرة، فإن اللجنة الخماسية لا تملك مبادرة جديدة في هذه الجولة، خصوصا أن معظم أعضائها يربطون مسألة تحقيق تقدم في الأزمة الرئاسية بتحقيق وقف النار في غزة وأن حسابات اللجنة تأخذ بعين الاعتبار أن إنهاء القتال في غزة من شانه أن يشكل عاملا ايجابيا لتغيير أو تحسين فرص التعاطي مع الملف الرئاسي اللبناني.

ويكتفي الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان حاليا بمتابعة أجواء حراك اللجنة الخماسية في لبنان وتحرك كتلة الاعتدال الوطني من خلال الاتصالات المباشرة كما فعل مع الرئيس بري مؤخرا أو من خلال السفير الفرنسي في بيروت، مع محاولة السيطرة على المشهد.

وتابعت المصادر إنه على وقع التزاحم بين كل هذه الملفات، برز عدم توقيع شركة توتال الفرنسية، التي فازت مع تحالف شركات بعقود التنقيب عن النفط والغاز في البلوكين رقم 8 و10 في البحر مقابل جنوب لبنان، لعقود البدء بالتنفيذ مع انتهاء المهل الخاصة بذلك الشهر الماضي، مضيفة أن قرار شركة "توتال" عدم التوقيع أثار تساؤلات حول خلفيات الخطوة، وإذا كانت تعني أنها انسحبت أم ستستمر، وسط معطيات تفيد بأن هناك طموحات لشركات أميركية لتولي عمليات التنقيب والاستخراج والتصدير لاحقا.

ورأت مصادر أمنية أنّ أسباب تأجيل الاجتماع، الذي دعت إليه فرنسا لدعم الجيش اللبنانيّ، مردّها لحسابات سياسية كثيرة ومخاوف معينة. واعتبرت أنّ الخلاف يتركز على نوعية الدعم الذي سيُقدَّم، وهذا كان سببًا رئيسيًا لتأجيل الاجتماع.

وأضافت أنّ الاتصالات الفرنسية لم تنجح في جمع المواقف المؤدية إلى تأمين ما يحتاجه الجيش اللبنانيّ ممّا كان مقدّرًا من “مؤتمر باريس”، ليكون مناسبة لتجاوز المصاعب الحالية واستعداده للمَهمّات الكبرى، التي تنتظره وليتحّمل مسؤولياته كاملة. فهناك عوائق أخرى حالت دونه وأدّت إلى تأجيل هذا المؤتمر.