تنسيق بين الأكراد والقوات الأميركية أوقع بالبغدادي في إدلب

القوات الأميركية قامت بعمليات إنزال جوي واشتبكت مع مجموعة البغدادي قرب الحدود مع تركيا، حيث كان يحاول الفرار هو وزوجتاه الاثنتان.

واشنطن - أشاد قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي الأحد بـ"عمل استخباراتي مشترك" مع واشنطن وسط تقارير إعلامية أميركية أفادت بأن زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي استُهدف وقُتل على الأرجح في عملية عسكرية أميركية في شمال غرب سوريا.

وكتب عبدي في تغريدة على تويتر "عملية تاريخية ناجحة نتيجة عمل استخباراتي مشترك مع الولايات المتحدة الأميركية"، من دون إضافة أي تفاصيل عن دور قواته، التي قاتلت خلال السنوات الماضية تنظيم الدولة الإسلامية بدعم أميركي وتمكنت من هزيمته ميدانياً في آخر معاقله في شرق سوريا في آذار/مارس العام 2019.

وقال مدير المكتب الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية مصطفى بالي على تويتر "عملياتنا القوية والمؤثرة جدا تؤكد مرة أخرى قوتنا وإصرارنا على ملاحقة داعش".

من جهته أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مروحيات أميركية أنزلت مقاتلين على الأرض بعد منتصف ليل السبت/الأحد في إطار عملية استهدفت قيادات في تنظيم الدولة الإسلامية على الأرجح.

وذكر المرصد أن العملية التي تمت في قرية باريشا في إدلب في شمال غرب سوريا على الحدود مع تركيا تخللها "إنزال مروحيات أميركية لمقاتلين على الأرض اشتبكوا مع جهاديين".

وكان مسؤولون أميركيون قد أوضحوا لصحيفة "واشنطن بوست" اليوم الأحد، أن قوات العمليات الخاصة الأميركية "الكوماندوز" اشتبكت على الأرض مع زعيم التنظيم الإرهابي في محافظة إدلب، ولم يقتل في ضربة جوية.

ونقلت الصحيفة عن مصدر لم تذكر اسمه أن القوات الأميركية قامت بعمليات إنزال جوي واشتبكت مع مجموعة البغدادي قرب الحدود مع تركيا، حيث كان يحاول الفرار هو وزوجتاه الاثنتان.

وأكدت وسائل إعلام أميركية عدة في وقت سابق مقتل البغدادي في قرية باريشا بريف إدلب وذلك قبل ساعات من إعلان "مهمّ جدا" سيُدلي به الرئيس دونالد ترامب اليوم الأحد.

وذكرت شبكة "سي إن إن" أن الجيش الأميركي يجري تحاليل قبل أن يتمكن من تأكيد مقتل البغدادي رسميا. أما شبكة "إيه بي سي" فنقلت عن مصادر حكومية عديدة قولها إن البغدادي قد يكون قتل نفسه بسترة انتحارية عندما هاجمت قوات أميركية خاصة موقعه.

وأكد مصدران أمنيان عراقيان مقتل البغدادي حيث تلقى العراق تأكيدا بذلك من مصادر في سوريا.

وقال أحد المصدرين "مصادرنا الخاصة من داخل سوريا أكدت للفريق الاستخباراتي العراقي المكلف بمطاردة البغدادي مقتله مع حارسه الشخصي الذي لا يفارقه أبدا في إدلب بعد اكتشاف مكان اختبائه عند محاولته إخراج عائلته خارج إدلب باتجاه الحدود التركية".

وكان البيت الأبيض أعلن السبت أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيدلي بإعلان "مهمّ جدا" صباح الأحد.

وقال متحدث باسم الرئاسة الأميركية هوغان جيدلي في بيان مقتضب إن "رئيس الولايات المتحدة سيدلي بإعلان مهم جدا صباح الأحد عند الساعة التاسعة (13:00 ت غ) من البيت الأبيض".

وقبيل ذلك، كتب دونالد ترامب في تغريدة على تويتر "حدث للتوّ أمر هائل"، من دون أن يضيف أي تفاصيل.

ويُعتقد منذ فترة طويلة أن البغدادي يختبئ في مكان ما على الحدود العراقية السورية.

وإذا تكلل هذا الهجوم بالنجاح فعلا، فسيكون أهم عملية عسكرية تستهدف قياديا جهاديا كبيرا منذ قتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في عملية قامت بها القوات الخاصة الأميركية في أبوت أباد بباكستان.

ويتعرض ترامب لانتقادات من الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء بسبب قراره سحب القوات الأميركية من شمال شرق سوريا مما سمح لتركيا بمهاجمة حلفاء واشنطن الأكراد.

وعبر كثير ممن انتقدوا قرار ترامب عن قلقهم من أن تؤدي الخطوة لاستعادة قوة تنظيم الدولة الإسلامية بما يشكل تهديدا للمصالح الأميركية. ومن شأن إعلان مقتل البغدادي أن يساهم في تهدئة تلك المخاوف.

ولأيام، خشي مسؤولون أميركيون من أن الدولة الإسلامية ستسعى لاستغلال الفوضى في سوريا. لكنهم رأوا أيضا فيها فرصة محتملة إذ توقعوا أن تحاول قيادات التنظيم التخلي عما اعتادت عليه من السرية للتواصل مع عناصرها مما قد يشكل فرصة للولايات المتحدة وحلفائها لرصدهم.

وتأتي هذه التطورات بينما يشهد شمال سوريا نشاطا عسكريا مكثفا. فقد سرعت القوات السورية والروسية انتشارها على الحدود السورية التركية بينما يرسل الأميركيون تعزيزات إلى منطقة نفطية شرقا تسيطر عليها القوات الكردية.

وأفاد مسؤول عسكري أميركي لمجلة "نيوزويك" الأميركية بأن الولايات المتحدة لم تبلغ تركيا مسبقا بالعملية العسكرية التي استهدفت زعيم تنظيم داعش. وقال المسؤول للصحيفة إنه "لم يتم إبلاغ تركيا، الحليف بحلف شمال الأطاسي (ناتو)، والتي تدعم المسلحين المحليين (في سوريا)، بالعملية قبل تنفيذها".

وسبق الإعلان عن مقتل البغدادي أكثر من مرة خلال السنوات الماضية، ثم يتبين لاحقا أنه لا يزال حيا.

ونشرت الشبكة الإعلامية التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في 16 سبتمبر/أيلول رسالة صوتية مدتها 30 دقيقة قالت إنها من البغدادي وذكر فيها أن العمليات تحدث يوميا ودعا أنصاره لتحرير نساء محتجزات في مخيمات بالعراق وسوريا بسبب صلاتهن المزعومة بالتنظيم.

وقال البغدادي في الرسالة الصوتية أيضا إن الولايات المتحدة ووكلاءها تعرضوا للهزيمة في العراق وأفغانستان وإن واشنطن "استُدرجت" إلى مالي والنيجر.

ولم تصدر أي إشارة عنه منذ نشر مؤسسة "الفرقان" مقطع مصور له في 29 أبريل/نيسان الماضي عبر تطبيق تلغرام مدته 18 دقيقة، علّق فيه زعيم التنظيم الإرهابي على هجمات سريلانكا التي جرت في 21 أبريل/نيسان، والتي أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عنها. 

وفي آب/أغسطس 2018 بعد بدء الهجوم العراقي لاستعادة مدينة الموصل من تنظيم الدولة الإسلامية ظهر تسجيل صوتي آخر  للبغدادي دعا فيه أنصاره إلى "عدم التخلي عن جهاد عدوهم" على الرغم من الهزائم الكثيرة التي مني بها الجهاديون.

وقبل ذلك صدر تسجيل صوتي آخر للبغدادي في أيلول/سبتمبر 2017، قبل أقل من شهر على طرد التنظيم المتطرف من مدينة الرقة، معقله الأبرز في سوريا سابقاً، على وقع هجوم لقوات سوريا الديمقراطية.

وفي الموصل، كان الظهور الأول للبغدادي في جامع النوري في تموز/يوليو 2014، بعد إعلانه "الخلافة" وتقديمه كـ"أمير المؤمنين".

والبغدادي واسمه الأصلي عواد البدري مولود في 1971 لأسرة فقيرة في مدينة سامراء شمال بغداد. وقد كان مولعا بكرة القدم، ويحلم بأن يصبح محاميا، لكن نتائجه الدراسية لم تسمح له بدخول كلية الحقوق.

أبدى أيضا طموحا للالتحاق بالسلك العسكري، لكن ضعف بصره حال دون ذلك، لتقوده الأمور في نهاية المطاف إلى الدراسات الدينية في بغداد قبل أن يصبح إماما في العاصمة العراقية في عهد الرئيس السابق صدام حسين.

وخلال الغزو الأميركي للعراق في 2003، شكل البغدادي مجموعة صغيرة من الجهاديين قبل أن يتم توقيفه واعتقاله في سجن بوكا.

وفي غياب أدلة تدينه، أفرج عنه والتحق بمجموعة من المقاتلين السنة تحت راية تنظيم القاعدة، وتولى قيادتها لسنوات. وقد استفاد من الفوضى بسبب النزاع في سوريا وتمركز مع مقاتليه فيها في 2013 قبل هجومه الكاسح في العراق.