تهديدات تركيا موجهة لإقليم كردستان اكثر ما هي لحزب العمال الكردستاني

بعد ان سيطرت القوات التركية على عفرين وانسحاب المقاتلين الكرد منها، غيرت تركيا خطابها من التهديد بالتوجه الى منبج وتل رفعت الى التلويح بالهجوم على شنكال والمناطق الحدودية في اقليم كردستان، مهددة بانهاء تواجد فصائل تابعة لحزب العمال الكردستاني هناك.

رافقت التهديدات هذه تاكيدات تركية بحصول اتفاق بينها وبين الجانب العراقي، رغم نفي الجانب العراقي حصول هذا الاتفاق، الا ان طبيعة الرد العراقي سواء من الخارجية او بعض مليشيات الحشد الشعبي تعطي مؤشرات لاحتمالية وجود تنسيق بين البلدين بهذا الخصوص.

فبعد وصول المنطقة الى مرحلة توزيع النفوذ خاصة في سوريا، فان الدول الاقليمية شانها في ذلك شان الدول العظمى تحاول الحصول على اكبر عدد من المكتسبات، ومن بين هذه الدول تركيا، التي يمثل الملف الكردي عندها الهاجس الاكبر سواء في سوريا او العراق، حيث ان النظرة التركية لهذا الملف يلغي الحدود السورية العراقية لتتوحد توجهاتها ازاء تطورات الملف الكردي في الدولتين. وعلى هذا الاساس فان اولويات تركيا ازاء المنطقة الكردية في جنوبها يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

- عدم السماح بقيام اقليم كردي في سوريا على غرار ما هو موجود في اقليم كردستان العراق، واذا كان لا بد من قيامه فيجب ان يكون اقليما مطوعا، يمتلك مساحة صغيرة من الحركة والمناورة السياسية، من خلال محاصرته اقتصاديا وسياسيا ومنعه من الوصول الى البحر، وهي مستعدة في سبيل تحقيق هذا الهدف من التنسيق مع حكومة بشار الاسد التي ناصبتها العداء طوال السنوات الماضية. وتجلى هذا التنسيق في الموقف السوري المهادن لاحتلال عفرين من قبل تركيا ولتهديداتها بالتوجه الى تل رفعت ومنبج، اضف اليه المساومات السياسية بينهما حول الغوطة ومدينة حلب بشكل عام.

- منع التواصل الجغرافي والسياسي بين اقليم كردستان والمناطق الكردية في سوريا للحيلولة دون خلق مصالح كردية موحدة في المنطقة. ولكي تحقق هذا الهدف فهي مستعدة للتنسيق المباشر مع الحكومتين العراقية والسورية في ان واحد والوصول الى مقايضات سياسية مع الجانب الاميركي الموجود بقوة في المنطقة.

- اضعاف دور اقليم كردستان في انه يمثل حلقة الوصل الوحيدة بين تركيا والسوق العراقي، من خلال تامين خط تجاري اخر يربطها مع العراق مباشرة عبر الاراضي السورية دون المرور باراضي الاقليم. وهو من احدى الاسباب التي تجعلها تهدد بالتوجه بعد عفرين الى الحدود السورية العراقية. وان كانت هذه الخطوة مرهونة بموافقة اميركية لتواجدها المكثف في الطرف الاخر من الحدود في كردستان سوريا، الا ان الموافقة الاميركية هذه ليست مستبعدة اذا ساومتها تركيا على التراجع عن التوجه الى تلك الحدود مقابل تامين خط تجاري لها داخل الاراضي السورية يربطها بالعراق خارج اراضي اقليم كردستان.

- التواجد التركي على الحدود العراقية السورية في مناطق شنكال يعزز الرغبة الاميركية في ضمان قطع التواصل الايراني مع لبنان عبر الاراضي العراقية والسورية، وعليه فان اميركا لن تعارض بقوة هذه الخطوة التركية.

هذه النقاط وغيرها كثير توضح سبب ردود الافعال الخجولة من قبل العراق ازاء التهديدات التركية في القيام بعملية داخل الاراضي العراقي في كردستان وتفسر كذلك تغير الاولويات التركية من السيطرة على جبال قنديل الى اجتياح منطقة شنكال (سنجار). وان كانت القوات التركية قد دخلت اقليم كردستان في منطقة نيروه وريكان التابعة لقضاء العمادية ومنطقة سيدكان التابعة لقضاء سوران، وهذا لا يعني ان عينها ليست على شنكال، فتحركاتها في مناطق حدودية كسيدكان وسوران هي جس نبض لردود الافعال الدولية والاقليمية حيال نيتها الدخول الى شنكال (سنجار) لاحقا. فاذا جوبه الدخول التركي الى مناطق سيدكان وسوران بمعارضة دولية فان تركيا ستلجا الى التنسيق مع الجانب العراقي في دخول القوات العراقية الى مناطق شنكال (وهو ما حدث فعلا)، مع الاخذ بنظر الاعتبار عدم الرغبة التركية في وصول تلك القوات العراقية الى حدودها، فتركيا تفضل الجار الكردي على الجار الشيعي لكن ان يكون الجار الكردي (اقليم كردستان) جارا ضعيفا تهيمن على قراره السياسي والاقتصادي.