توترات اجتماعية جديدة تطرق أبواب السودان

الشرطة السودانية تفرق مسيرة في الخرطوم نظمها تجمع المهنيين السودانيين الذي قاد احتجاجات حاشدة انتهت بعزل الرئيس عمر البشير.
احتجاجات في الخرطوم تنديدا بإحالة ضباط للتقاعد  
السلطة الانتقالية في السودان أمام اختبار تحقيق الاستقرار
تجمع المهنيين كان رأس الحربة في الاحتجاجات التي أطاحت بالبشير

الخرطوم - أطلقت الشرطة السودانية الخميس الغاز المسيل للدموع لتفريق مئات المحتجين في وسط العاصمة الخرطوم الذين كانوا يطالبون بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وإعادة ضباط من الجيش إلى الخدمة بعد إحالتهم على التقاعد.

وتشكل هذه الاحتجاجات أحدث حلقة من حلقات التوتر الذي لا يفارق الشارع السوداني منذ اتفاق تقاسم السلطة بين العسكر والمعارضة بما فيها قادة من الحراك الشعبي.

ويواجه مجلس السيادة المنبثق عن الاتفاق والذي يتولى تأمين المرحلة الانتقالية الحالية وصولا إلى تهيئة الظروف الملائمة لانتخابات حرة وديمقراطية، تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة.

وورثت السلطة الانتقالية تركة من المشاكل على جميع المستويات محليا ودوليا من مخلفات النظام السابق الذي أنشأ شبكة واسعة ومعقدة من العلاقات مع جماعات الإسلام السياسي وحركات متمردة وأثقل كاهل البلاد بنفقات سخية على التسلح وقمع الخصوم.

وتنذر الاحتجاجات التي انطلقت الخميس بتوترات جديدة يبدو السودان في هذه المرحلة تحديدا في غنى عنها مع بدء السلطة الانتقالية جهودا لمعالجة أزمة الوقود والخبز وإعادة الاستقرار للعملة الوطنية التي تراجعت بشكل حاد إضافة إلى ارتفاع معدلي التضخم والبطالة.  

ودعا إلى التظاهرة 'تجمع المهنيين' الذي كان قاد الاحتجاجات ضد نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير على مدى أشهر، ما دفع الجيش إلى الإطاحة به في أبريل/نيسان.

وكان الجيش أصدر مطلع الأسبوع قائمة بأسماء ضباط من رتب مختلفة تمت إحالتهم إلى التقاعد. وقال الناطق باسم الجيش العقيد عامر محمد الحسن، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا)، إن "كشوفات تقاعد للمعاش وترقيات" صدرت "حسب ما هو معتاد بداية كل عام جديد".

لكن انتشرت على اثر ذلك حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تندد بإحالة الضابط الملازم محمد الصديق قال محتجون إنه من الذين دافعوا عنهم وناصروهم عند بداية اعتصامهم.

وتجمع مئات المحتجين الشباب على مقربة من القصر الرئاسي وهم يحملون أعلام السودان ولافتات كتب عليها "الجيش جيش السودان"، "لا لإبعاد أحرار الجيش". وأحرق المتظاهرون إطارات قديمة وأغلقوا طرقا باستخدام الحجارة. ثم وصلت شرطة مكافحة الشغب التي أطلقت الغاز المسيل للدموع وفرقتهم.

ونفذ مئات آلاف السودانيين احتجاجات بدأت في ديسمبر/كانون الأول 2018 احتجاجا على زيادة أسعار الخبز. ثم تطورت إلى اعتصام قرب المقر العام لقيادة القوات المسلحة للضغط على الجيش للإطاحة بالبشير الذي حكم البلاد على مدى أكثر من ثلاثين عاما. وهو ما حصل في أبريل/نيسان.

وقُتل أكثر من 250 شخصا، بحسب لجنة الأطباء المرتبطة بحركة الاحتجاج خلال الاعتصام الذي تم فضه بالقوة في يوليو/تموز 2019. وتقول منظمة العفو الدولية إن العدد بلغ 177 قتيلا.

وبعد مفاوضات شاقة، تم الاتفاق بين منظمي الاحتجاجات والمجلس العسكري الذي تولى الحكم بعد البشير على تشكيل مجلس سيادة يتولى الحكم في إطار مرحلة انتقالية تنتهي بانتخابات وحكم مدني.