توجس هولندي من مساع تركية قطرية لتوسيع نفوذ الإخوان

تمويل مؤسسات دينية في بلدان أوروبية يأتي تحت عنوان نشر التعليم، فيما تشكل هذه الأنشطة ومناهجها بوابات لتمدد الإخوان المسلمين ووسائل لخدمة أجندة تركيا وقطر.
البرلمان الهولندي يفضح الأنشطة القطرية التركية 'المشبوهة' في بلاده
تركيا وقطر تستخدمان القوى الناعمة لتثبيت نفوذ الإخوان في أوروبا
تركيا تبحث في أوروبا عن استعادة نفوذ الإخوان المتلاشي في المنطقة العربية
تحذيرات من أنشطة تركية قطرية تدفع نحو تفكيك وحدة المجتمع الهولندي

أنقرة – كشف تحقيق هولندي مؤخرا مساعي تركية قطرية لتوسيع النفوذ في هولندا من خلال السيطرة على مؤسسات دينية عديدة والإنفاق عليها بسخاء، ما تسبب في توجس البرلمان الهولندي من أنشطة البلدين "المشبوهة"، في خطوة تعكس تخطيط جماعة الإخوان المسلمين لتوسيع النفوذ داخل أوروبا.

ويأتي تمويل مؤسسات دينية في بلدان أوروبية تحت عنوان نشر التعليم، فيما تشكل هذه الأنشطة ومناهجها بوابات لتمدد الإخوان المسلمين ووسائل لخدمة أجندة تركيا وقطر.

وفي هذا الإطار سلطت 'صحيفة زمان' التركية السبت الضوء على تحقيق برلماني هولندي، نشر تقريراً يوضح حجم المخاوف في هولندا بشأن استمرار كل من تركيا وقطر في تمويل المراكز الدينية والمساجد.

ويذكر أن هناك مساعي دولية حثيثة تسعى لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين على لائحة المنظمات الإرهابية، بسبب علاقاتها المشبوهة بالتطرف ودعم الإرهاب، وفق تقارير صحفية عدة.

وأفاد التقرير أن المساعي التركية القطرية مصممة لتعزيز سيطرة الإخوان المسلمين والجهات المانحة، وفق ما جاء في تقرير صادر بصحيفة ذا ناشيونال' الإماراتية الناطقة بالإنكليزية.

وبحثت لجنة برلمانية هولندية لمدة أشهر برئاسة النائب ميشال روج، تمويل قطر وتركيا لعدة مؤسسات دينية في هولندا.

وقال روج الذي طلب من البرلمان بعد اختتام عمل اللجنة المصادقة على التقرير، إن "النتائج تعطينا بالتأكيد سبباً للقلق، وبهذا الاستعجال تقدم اللجنة هذا التقرير".

هناك دوافع استراتيجية لتدفق التبرعات وبالنسبة لبلدان مثل قطر وتركيا وهناك أيضاً سبب سياسي لممارسة التأثير وهو نوع من القوة الناعمة من خلال المجتمعات التي يحاولون السيطرة عليها

وخلص التقرير إلى أن التمويلات القطرية التركية بلغت عشرات الملايين من اليورو في جميع أنحاء هولندا، حيث اتجهت المدفوعات من قبل المانحين إلى عدد المؤسسات الدينية، بينها المسجد الأزرق في العاصمة أمستردام ومركز السلام الإسلامي الثقافي في روتردام ومركز ميدنويج.

وفي ذات السياق قال الخبير في شؤون الإرهاب رونالد ساند خلال شهادته أمام البرلمان الهولندي في إشارة إلى الغرض من توفير التمويل، إن "هناك دوافع استراتيجية لتدفق التبرعات وبالنسبة لبلدان مثل قطر وتركيا وهناك أيضاً سبب سياسي لممارسة التأثير وهو نوع من القوة الناعمة من خلال المجتمعات التي يحاولون السيطرة عليها".

بدوره أشار الخبير المقيم في الولايات المتحدة ومدير برنامج التطرف في جامعة جورج واشنطن لورينزو فيدينو، إلى أن التمويل القطري يعزز رواية الإخوان المسلمين التي تسبب الخلاف وتدعو للتطرف والانشقاق، قائلا خطابات الإخوان تدفع بعقلية "نحن وهم" بين من يتلقون خطاباتهم.

وأضاف فيدينو "المانحون الداعمون للإخوان مثل قطر الخيرية يعرفون جيداً هوية المتلقين المحتملين لأموالهم في كل دولة أوروبية، حيث أنهم جزء من شبكة اتصالات غير رسمية وهناك أنظمة فحص وضامنين متداخلة، وكذلك تسمح هذه الأموال الوفيرة لكيانات الإخوان بشراء ممتلكات كبيرة وتنظيم أنشطة واسعة النطاق تجتذب مساحات كبيرة من الجالية المسلمة بما يتجاوز بكثير ما يمكن أن يكون نطاقها الإيديولوجي".

وتابع  خططهم التمويلية "تسمح لهم أحياناً بالاستيلاء على مساجد لا تنتمي للشبكة حيث يتم استخدام الأموال للاستحواذ على المؤسسات الإسلامية المتنافسة التي تعاني من ضائقة مالية".

مدارس تركيا في أكثر من بلد وسيلة لخدمة أهداف أردوغان
مدارس تركيا في أكثر من بلد وسيلة لخدمة أهداف أردوغان

وأدى هذا التقرير الصادر عن اللجنة البرلمانية الهولندية إلى إقناع كافة أعضاء البرلمان بضرورة النظر في المسألة والتنبه منها، ووجوب أخذ الحيطة من هذه المؤسسات التي اعتبرها التقرير الذراع الدينية لتركيا.

وحذر التقرير من التأثير السياسي لمخططات قطر وتركيا على المجتمع الديني التركي في هولندا، حيث يتم تعيين جميع الخطباء وتوظيفهم من قبل أنقرة.

من جانبه قال الخبير إريك جان زورشر "إن تركيا تستخدم مجموعة واسعة من المؤسسات للوصول إلى الناس في هولندا وهي لا تفكر فقط في الاتصالات الحكومية الرسمية، وإنما تستخدم تأثيرها على الأفلام والمسلسلات التلفزيونية والقنوات والمواقع الإلكترونية التركية التي تحظى بمشاهدة كبيرة، وكلها في الواقع لها طريقتها الخاصة لنقل الرسالة نفسها".

وتسعى تركيا في السنوات الأخيرة من خلال حشدها تدخلاتها العسكرية في سوريا ومن ثم ليبيا ومؤخرا في العراق فضلا عن محاولاتها التواجد في حرب اليمن، إلى استعادة حكم الإخوان في المنطقة العربية وإنقاذ نفوذهم المتلاشي في أكثر من بلد على غرار مصر والسودان بعد سقوط حكم الرئيسين محمد مرسي وعمر البشير.

وأشار التقرير نفسه إلى ذات الغرض من النشاط التركي في المجتمع الهولندي وفي أوروبا.

وقال التقرير إن "شكل محدد من أشكال النفوذ هو من تركيا على الرغم من وجود الكثير من التنوع في المجتمع التركي في هولندا، إلا أن لديها مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين يشعرون بأنهم على صلة قوية جداً بالدولة التركية".

وأضاف  التقرير إن "هذا يؤدي إلى الخوف من الآخرين ويقلل من الشعور بالحرية في التعبير عن رأي ينحرف عن خط الحزب الحاكم التركي والمنظمات المنتسبة إليه".

وسبق أن أثار إجراء مشابه مخاوفا في ألمانيا بسبب إمكانية فتح مدارس تركية بطلب من الرئيس التركي رجب طيب أدوغان.

وأعاد مقترح الرئيس التركي افتتاح ثلاث مدارس تركية في ألمانيا جدلاً طويل الأمد بشأن التأثير الملحوظ لأنقرة على الجالية التركية القوية التي يبلغ تعدادها ثلاثة ملايين نسمة.

وترى اللجنة البرلمانية الهولندية التي أشرفت على إنجاز التقرير الفاضح للتمويلات التركية القطرية للمؤسسات الدينية في هولندا، أن تأثير الحكومة التركية يؤدي إلى الضغط الاجتماعي ونشر الخوف  في هولندا، حيث يتم التأثير فيه بطرق مختلفة.

كما يوضح التقرير النهائي للجنة ذلك، من خلال إنشاء المساجد والمنظمات المالية وإدارتها ودعمها، مثل مدارس المساجد الخاضعة لوجهة النظر السياسية والدينية التي يتمتع بها الممولون، والتي تعزز وتقوي الرسالة التركية القطرية في المنطقة.