تورط تركيا والفصائل السورية في ارتكاب جرائم حرب

العفو الدولية تؤكد ان القوات التركية وتحالف المجموعات المسلحة الداعمة لها أظهرت تجاهلاً مخز لحياة المدنيين، عبر انتهاكات جدية وجرائم حرب بينها عمليات قتل بإجراءات موجزة وهجمات أسفرت عن مقتل وإصابة مدنيين.

دمشق - اتهمت منظمة العفو الدولية الجمعة القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها بارتكاب "جرائم حرب" في هجومها ضد المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا.
وذكرت المنظمة في تقرير أن "القوات التركية وتحالف المجموعات المسلحة المدعومة من قبلها أظهرت تجاهلاً مخز لحياة المدنيين، عبر انتهاكات جدية وجرائم حرب بينها عمليات قتل بإجراءات موجزة وهجمات أسفرت عن مقتل وإصابة مدنيين".
ولم يصدر أي موقف من أنقرة التي وافقت الخميس على مبادرة أميركية لوقف إطلاق النار في الهجوم الذي شنته في التاسع من الشهر الحالي ضد المقاتلين الأكراد وسيطرت خلاله على منطقة حدودية واسعة. 
وتزعم تركيا أنها تقوم بكافة الإجراءات اللازمة لتفادي إلحاق أضرار بالمدنيين. إلا أن المرصد السوري لحقوق الإنسان وثق مقتل 72 مدنياً بنيران القوات التركية والفصائل الموالية لها، بينهم من جرى إعدامهم ميدانياً بإطلاق النار عليهم من قبل مقاتلين موالين لأنقرة.
وتحدثت منظمة العفو الدولية مع 17 شخصاً، بينهم عاملون في مجالي الصحة والإغاثة، ونازحون، كما تحققت من أشرطة فيديو جرى تداولها وراجعت تقارير طبية.

المعلومات التي جرى جمعها توفر أدلة دامغة حول هجمات دون تمييز على المناطق السكنية بينها منزل وفرن ومدرسة

وأكدت المنظمة أن "المعلومات التي جرى جمعها توفر أدلة دامغة حول هجمات دون تمييز على المناطق السكنية، بينها منزل وفرن ومدرسة"، فضلاً عن "عملية قتل بإجراءات موجزة وبدماء باردة بحق السياسية الكردية هرفين خلف على يد عناصر فصيل أحرار الشرقية". 
ونقلت المنظمة عن صديق لخلف قوله إنه حاول الاتصال بها هاتفياً، ورد عليه شخص عرف عن نفسه بأنه مقاتل في المعارضة المسلحة، وقال له "انتم الأكراد خونة"، وأبلغه بمقتلها.
وقال الأمين العام لمنظمة العفو الدولية كومي نايدو إن "تركيا مسؤولة عما تقوم به المجموعات السورية المسلحة التي تدعمها، وتسلحها"، مضيفاً أن "تركيا أطلقت العنان لهذه المجموعات المسلحة لإرتكاب انتهاكات جدية في عفرين"، المنطقة ذات الغالبية الكردية التي سيطرت عليها تركيا والفصائل الموالية لها في العام 2018.
ودعا نايدو تركيا "لوقف تلك الانتهاكات، ومحاسبة المسؤولين عنها".
ونقلت المنظمة عن أحد المتطوعين في الهلال الأحمر الكردي مشاهداته أثناء عمله على نقل ضحايا غارة جوية تركية استهدفت منطقة قريبة من مدرسة في قرية الصالحية في الـ12 من تشرين الأول/أكتوبر.
وقال المتطوع "لم أتمكن من تحديد ما إذا كانوا فتيان او فتيات لأن الجثث كانت متفحمة".

القوات التركية في سوريا
القوات التركية سمحت لفصائل مسلحة بارتكاب مجازر في المناطق الكردية

وكانت الإدارة الذاتية الكردية في سوريا اتهمت الاربعاء القوات التركية باستخدام أسلحة محرمة دولياً في هجومها على مدينة رأس العين الحدودية، حيث تخوض معارك عنيفة ضد قوات سوريا الديموقراطية منذ أكثر من أسبوع، الأمر الذي نفته أنقرة.
وأوردت الإدارة الكردية في بيان أنه "في انتهاك صارخ للقانون والمواثيق الدولية... يقوم الرئيس التركي رجب طيب بإستخدام الأسلحة المحرمة دولياً كالفوسفور والنابالم الحارق، ما ينذر بكارثة إنسانية ومجازر حقيقية وبشكل كبير".
ولم يتمكن المرصد السوري لحقوق الإنسان من التثبّت من صحة الاتهامات. وقال مديره رامي عبد الرحمن "المرصد لم يتمكن من توثيق قصف بأسلحة محرمة على رأس العين الحدودية (شمال الحسكة)، لكنّه وثّق اصابات بحالات حروق وصلت إلى مستشفى تل تمر خلال اليومين الماضيين".
وأفاد عن "قصف جوي وبري كثيف تركز على رأس العين خلال الأيام الثلاثة الأخيرة".
ويُستخدم الفوسفور الأبيض لخلق ستار دخاني أو إرسال إشارات ووضع علامات أو حتى كسلاح حارق.
في محاولة لابعاد شبهة استعمال أسلحة حارقة ومحرمة دوليا قال وزير الدفاع التركي خلوصي اكار للصحافيين بعد لقائه مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين في أنقرة "إنها حقيقة معروفة لدى الجميع أن ليس هناك أسلحة كيميائية في مخازن القوات التركية". 
واتهم أكار المقاتلين الأكراد أنفسهم "باستخدام أسلحة كيميائية لإلقاء اللوم علينا" وذلك في اطار سياسة تركية لتحميل الأكراد مسؤولية التجاوزات المرتكبة شمال سوريا بحق المدنيين.
ونشر مسؤولون أكراد على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد مصورة يظهر فيها طفلان على الأقل أحدهما جسمه مضمّد بالكامل والآخر مصاب بحروق خصوصاً وجهه. ويقول طبيب إن الاصابات مشابهة لتلك الناجمة عن استخدام هذا النوع من الأسلحة.
ودعت الإدارة الذاتية "العالم أجمع إلى فتح تحقيق رسمي ودولي حيال هذه الانتهاكات" في ظل مخاوف من ارتكاب تجاوزات خطيرة بحق المدنيين مع إصرار انقرة على مواصلة هجومها رغم التنديد الدولي المتصاعد.

وحثّ المتحدث باسم قوات سوريا الديموقراطية مصطفى بالي في تغريدة "المنظمات الدولية على إرسال فرقها للتحقيق في بعض الإصابات جراء الهجمات".
وقال إن "المنشآت الطبية في شمال شرق سوريا تفتقر إلى فرق مختصة بعد انسحاب المنظمات غير الحكومية بسبب هجمات الغزو التركي".
وعرض أستاذ الفلسفة السياسية الدكتور سربست نبي عبر قناة الحدث صوراً لأطفال يقول إنهم ضحايا الأسلحة التركية المحرمة دولياً في شمال سوريا.
ووجهت هيئة الصحة في الإدارة الذاتية "نداء استغاثة" إلى المنظمات الإنسانية المعنية لإجلاء الجرحى والمدنيين من رأس العين، مضيفة "تعجز فرقنا الصحية من الوصول" إلى المدينة.
وتقدمت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها الخميس داخل رأس العين وباتت تسيطر على نحو نصف مساحتها، بعد أسبوع من مقاومة شرسة لقوات سوريا الديموقراطية، وفق ما أفاد المرصد السوري.