توقيع نهائي لاتفاق السلام ينهي عقودا من الحرب الدامية بالسودان

السودان يشهد أجواء من الفرح في حدث تاريخي بحضور العديد من الرعاة الدوليين لمباركة الاتفاق بين الحكومة السودانية والمتمردين، فيما لن تخلو عملية السلام من المطبات والعثرات.
اتفاق السلام في جوبا لحظة فارقة في حياة السودانيين
حمدوك: السلام بالسودان سيفتح آفاقا للتنمية والتقدم والازدهار
السودان يوقع اتفاقا يقضي بدمج المسلحين المتمردين بالجيش الحكومي

جوبا - شهدت جوبا عاصمة جنوب السودان السبت حدثا تاريخيا بتوقيع نهائي لاتفاق السلام بين الحكومة السودانية وعدد من الحركات المسلحة، لحل عقود من الصراعات الدامية التي تسببت في وفاة مئات الآلاف وتشريد الملايين.

وشارك بالحدث التاريخي العديد من الرعاة الدوليين العرب والأجانب بحضور ممثلين بارزين من دولة الإمارات العربية المتحدة والسعودية وقادة دول إفريقية مثل تشاد وجيبوتي والصومال إلى جانب رئيسي وزراء مصر واثيوبيا وممثل من قطر والمبعوث الأميركي الخاص لدولتي السودان وجنوب السودان وممثلين لعدد من الدول الغربية.

واجتمع زعماء الحكومة السودانية والمتمردين على قرع الطبول والغناء والرقص قبيل لحظات من توقيع اتفاق سلام يهدف إلى إنهاء عقود من الحرب الدامية التي سببت معاناة كبيرة لملايين السودانيين.

وقد وقع الجانبان الاتفاق بالأحرف الأولى في جوبا أيضا نهاية اغسطس/آب الماضي.

لكن توقيع الاتفاق بالأحرف يبقى رهن تطبيق بنوده على أرض الواقع، فيما يبدو أن عملية السلام في السودان ستواجه تحديات كبيرة بالسودان.

وقال ميني أركوي ميناوي زعيم حركة تحرير السودان "إن توقيع هذا الاتفاق اليوم هو أمر مهم للسودان وجنوب السودان... وهو يعني إنهاء معاناة الكثير من السودانيين في أنحاء السودان وخارجها".

وأضاف "من الواضح أن التحدي الاقتصادي في السودان هو من أبرز التحديات. كما أن الوضع السياسي الهش يمثل أحد التحديات أيضا، لكنني متأكد من أننا سنحقق السلام الذي نريده... هناك حاجة إلى التسامح".

وقدّم فنانون من جنوب السودان والسودان عروضا أمام الضيوف الذين كانوا ينتظرون بدء المراسم فيما سار أعضاء الجماعات المتمردة من دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وهم ينشدون أغاني الفرح ويرفعون لافتات تحمل صور قادة أحزابهم.

وكان إنهاء النزاعات الداخلية في السودان أولوية قصوى للحكومة الانتقالية التي تتولى السلطة منذ إطاحة الديكتاتور عمر البشير العام الماضي وسط انتفاضة شعبية مؤيدة للديموقراطية.

وتوسط لمحادثات السلام جنوب السودان قادة كانوا قد حاربوا بأنفسهم الخرطوم كمتمردين لعقود قبل تحقيق الاستقلال في العام 2011.

تحديات

وسيحضر الاحتفال قادة السودان بمن فيهم رئيس الوزراء عبدالله حمدوك ورئيس المجلس السيادي الانتقالي الجنرال عبدالفتاح البرهان واللواء حمدان دقلو نائب رئيس المجلس السيادي العسكري والمدني المشترك في السودان.

وقال حمدوك في بيان فور وصوله إن "السلام سيفتح آفاقا رحبة للتنمية والتقدم والازدهار". لكنه أقر بأن المستقبل لن يكون سهلا.

وأضاف "عملية السلام لا تخلو من المطبات والعثرات"، مشيرا إلى أنه "بالصبر والمثابرة والحكمة والدور الكبير الذي لعبته الوساطة في تقريب وجهات النظر تحقق السلام".

ويشهد السودان صراعات متعددة بين الحكومة التي يهيمن عليها العرب والتي قادها البشير لثلاثة عقود ومتمردين من جماعات عرقية غير عربية في مناطق نائية.

وفي المناطق الريفية الشاسعة في السودان، كان هناك تنافس دائم على الموارد الشحيحة بين المزارعين المنتمين إلى أقليات عرقية والرعاة العرب الذين غالبا ما كانت الخرطوم تدعمهم.

وقد تصاعد التوتر بسبب الصعوبات الاقتصادية خصوصا بعد انفصال جنوب السودان في العام 2011 الأمر الذي حرم الشمال من ثلاثة أرباع احتياطاته النفطية.

واندلعت حروب أهلية عدة منذ الاستقلال في العام 1956، بما في ذلك حرب 1983-2005 التي أدت إلى انفصال الجنوب.

وقد أسفرت الحرب المدمرة في إقليم دارفور منذ العام 2003 عن نحو 300 ألف قتيل و2.5 مليون نازح ولاجئ، حسب بيانات الأمم المتحدة.

ويتكون الاتفاق من ثمانية بروتوكولات تتعلق بقضايا ملكية الأرض والعدالة الانتقالية والتعويضات وتطوير قطاع الرحل والرعوي وتقاسم الثروة وتقاسم السلطة وعودة اللاجئين والمشردين، إضافة إلى البروتوكول الأمني والخاص بدمج مقاتلي الحركات في الجيش الحكومي ليصبح جيشا يمثل كل مكونات الشعب السوداني.

لكن لم ينخرط في مفاوضات السلام فصيلان رئيسيان هما جيش تحرير السودان بقيادة عبدالواحد نور الذي يقاتل في دارفور والحركة الشعبية جناح عبدالعزيز الحلو التي تنشط في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، ما يعكس الصعوبات التي تواجهها عملية السلام.