توقيفات في تونس رفضا للمساس بهيبة الدولة في الإعلام
تونس – أصدرت السلطات القضائية التونسية الأحد مذكرة توقيف بحقّ مقدّم البرامج برهان بسيّس والمعلّق السياسي مراد الزغيدي، إثر تصريحات تلفزيونية تضمنت "استعمال أنظمة معلومات لنشر وإشاعة أخبار تتضمن معطيات شخصية ونسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير وتشويه سمعته"، بحسب الاتهام.
وتشهد تونس جدلا واسعا بشأن التمييز بين حرية التعبير والإساءة للدولة وتشويه سمعتها ونشر معلومات غير دقيقة تساهم في إثارة الفوضى وسط محاولات النهضة والمعارضة استغلال هذه التصريحات لتشويه صورة السلطة، وهو ما برز في النقاشات على مواقع التواصل.
وجاءت الاعتقالات الأخيرة غداة توقيف طال المعلّقة التلفزيونية سنية الدهماني على خلفية مسائل مماثلة، التي تحصنت في مقر “دار المحامي”، بعد إصدار القضاء بطاقة جلب بحقها لرفضها الحضور في جلسة تحقيق تتعلق بتصريحات لها على قناة تلفزيونية اعتبرت مهينة للوطن وبالتحديد خرق مقتضيات الفصل 24 من مرسوم 54 المتعلق بنشر أخبار زائفة.
وأعلن المحامون الإضراب في محاكم العاصمة اعتبارا من الاثنين احتجاجا على اعتقال الدهماني. ليجد عدد من أنصار “جبهة الخلاص الوطني” التكتل السياسي المعارض في العاصمة تونس الفرصة للتحرك ضد السلطات والتظاهر للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين.
واعتادت "جبهة الخلاص" كيل الاتهامات للدولة في كل مناسبة حتى أنها وصفت الانتخابات التونسية بـ"المسرحية"، ورأى متابعون أن موقفها متوقع بالنظر إلى مهاجمتها الدائمة للسلطة لتسجيل موقف سياسي.
وقال المتحدث الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس محمد زيتونة لفرانس برس “تم بإذن من النيابة العمومية للإدارة الفرعية للقضايا الاجرامية الاحتفاظ لمدة 48 ساعة بكل من مراد الزغيدي وبرهان بسيس من أجل جريمة استعمال أنظمة معلومات لنشر و إشاعة أخبار تتضمن معطيات شخصية ونسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير وتشويه سمعته”.
وتابع “الأبحاث لا زالت جارية في الموضوع واحتراما لسلامتها وسريتها هذا ما يمكن الإفادة به لحين استيفاء الإجراءات”.
وفي وقت سابق أفاد المحامي غازي مرابط أن السلطات أصدرت بحق الزغيدي وبسيّس “بطاقة احتفاظ (توقيف) لمدة 48 ساعة على أن يمثلا الاثنين أمام قاضي التحقيق مجددا”.
وأوضح مرابط أنه تم التحقيق مع الزغيدي “في خصوص تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي يساند فيها صحافيا موقوفا، وكذلك عن جملة تصريحاته خلال برامج تلفزيونية منذ شهر شباط/فبراير الفائت”.
وأكد نزار عيّاد محامي بسيّس أن توقيف الأخير يأتي على خلفية “الاساءة إلى رئيس الجمهورية عبر البرامج الاذاعية والتدوينات”.
والزغيدي محلّل ومعلّق تلفزيوني على المواضيع السياسية والاجتماعية، ويعمل مع برهان بسيّس الذي يقدم برامج إذاعية وتلفزيونية في محطات خاصة تتطرق للشأن العام في البلاد. وأتى توقيفهما بعدما أوقفت السلطات ليل السبت المعلّقة سنية الدهماني التي تعمل معهما في البرامج نفسها
وفتح القضاء التونسي تحقيقا بحق الدهماني إثر إدلائها بتصريحات ساخرة اعتبرت "مهينة" حول الوضع في البلاد على صلة بظاهرة الهجرة غير القانونية للأفارقة. وأوضح مرابط أن قرار الاحتفاظ ببسيّس والزغيدي يستند إلى “المرسوم 54”.
وأصدر الرئيس التونسي قيس سعيّد في 13 أيلول/سبتمبر 2022 مرسوما عُرف بـ”مرسوم 54″، ينصّ على “عقاب بالسجن لمدة خمسة أعوام” وغرامة تصل إلى خمسين ألف دينار “لكلّ من يتعمّد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني”.
ودانت “الهيئة الوطنية للمحامين” ما اعتبرته “اقتحاما لمقر الهيئة واعتداءً سافرا” خلال توقيف الدهماني، مطالبةً بإطلاق سراحها فورا، لكن العديد من المتابعين اعتبروا أنه يجب أن يأخذ القانون مجراه بغض النظر عن المهنة فما يحق للمحامي هو حق لأي مواطن تونسي.
والثلاثاء، قرّر القضاء التونسي تمديد توقيف سعدية مصباح، رئيسة منظمة “منامتي” غير الحكومية التي تناهض العنصرية وتدافع عن حقوق المهاجرين، على ما أفادت المنظمة والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
وقال رئيس الرابطة بسام الطريفي إنه صدر قرار بـ”الاحتفاظ بسعدية مصباح خمسة أيّام على ذمة البحث”.
ونقلت وسائل إعلام محلية أن الشرطة أوقفت مصباح ليل الاثنين الثلاثاء وتحقق معها “في جرائم مالية”.