توقيف مسؤولة هواوي 'غطرسة' أميركية تؤجج الحرب التجارية

تأكيدات أميركية بان ترامب لم يكن على علم باحتجاز المديرة المالية في عملاقة خدمات ومعدات الاتصالات الصينية تتضارب مع تصريح البيت الأبيض بعلمه مسبقا، في حادث يهدد الهدنة التجارية بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.
ضوء اخضر اميركي امام الاعتقال في اليوم نفسه الذي كان فيه ترامب يلتقي نظيره الصيني على العشاء
وزير الخارجية الروسي لافروف يعتبر الايقاف مثالا على فرض واشنطن قوانينها خارج حدود سلطتها
احتمال ترحيل المسؤولة الكبيرة في هواوي إلى الولايات المتحدة وارد
اليابان تلتحق باستراليا ونيوزيلندا وبريطانيا في فرض قيود على هواوي

بكين - تمثل المديرة المالية لشركة هواوي الصينية العملاقة للتكنولوجيا، المحتجزة في كندا، أمام محكمة في فانكوفر الجمعة لنظر إطلاق سراحها بكفالة بينما تنتظر احتمال ترحيلها إلى الولايات المتحدة، وسط إدانة صينية واسعة.

وألقت الشرطة الكندية القبض على منغ وان تشو (46 عاما) المديرة المالية للشركة وابنة مؤسسها في الأول من ديسمبر/كانون الأول بناء على طلب من الولايات المتحدة. وقالت مصادر مطلعة على التحقيق إن احتجازها، الذي أعلنت السلطات الكندية عنه مساء الأربعاء، جاء في إطار تحقيق أميركي بشأن مزاعم بالتخطيط لاستخدام النظام المصرفي العالمي للالتفاف حول العقوبات الأميركية على إيران.

وقال مسؤولان أميركيان الخميس إن ترامب لم يكن يعلم بالنبأ مسبقا. ويبدو هذا التصريح محاولة للحيلولة دون تعثر المحادثات الرامية لحل النزاع التجاري بسبب هذه القضية.

لكن البيت الأبيض قال فيما بعد أنه أُبلغ مسبقا بتوقيف منغ وان تشو، في اليوم نفسه الذي كان فيه الرئيس دونالد ترامب يلتقي نظيره الصيني شي جينبينغ على العشاء.

وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جون بولتون لإذاعة "ان بي آر" الخميس "كنت أعرف ذلك مسبقا".

لكنه لم يوضح ما إذا كان ترامب أبلغ شخصيا بتوقيف مينغ وانتشو، المديرة المالية لثاني مجموعة للهواتف الذكية في العالم، السبت في فانكوفر.

وقال بولتون إن "أمورا كهذه تحدث دائما ولا نبلغ الرئيس بها في كل مرة".

والتقى ترامب السبت الرئيس الصيني على هامش قمة مجموعة العشرين في الأرجنتين في محاولة للتوصل إلى تسوية للنزاع التجاري بين واشنطن وبكين الذي يهدد الاقتصاد العالمي.

وبعد عشاء العمل هذا، أعلنت واشنطن وبكين هدنة في حربهما التجارية لتسعين يوما، حتى استكمال المفاوضات.

لكن توقيف المسؤولة في هواوي التي طالبت الصين بالإفراج عنها فورا معتبرة أنها لم "تخالف أي قانون"، يمكن أن يعرقل هذا التقارب الذي بدأ في بوينوس آيرس بين البلدين.

ورفض بولتون كشف التفاصيل المتعلقة بتوقيف المسؤولة الصينية. لكنه أكد أن هواوي كانت مثل غيرها من عدد من الشركات الصينية، مستهدفة من قبل الولايات المتحدة.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الجمعة إن احتجاز المديرة المالية لهواوي هو مثال على السياسة الأمريكية الخارجية "المتغطرسة".

وقال خلال مؤتمر صحفي في ميلانو إن هذا يظهر كيف تفرض واشنطن قوانينها خارج حدود سلطتها القضائية.

عشاء ترامب وشي جينبينغ
الهدنة الاميركية الصينية قد لا تصمد طويلا

من جهتها دانت وسائل الإعلام الصينية الرسمية الجمعة توقيف المسؤولة الرفيعة المستوى في المجموعة الصينية العملاقة معتبرة أن التحرك يأتي في إطار "نهج دنيء" للحد من طموحات بكين التكنولوجية.

وأثار توقيف المديرة المالية لمجموعة هواوي مينغ وانتشو غضب الحكومة الصينية وسط قلق من انعكاساته المحتملة على الهدنة في الحرب التجارية بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.

وقالت افتتاحية في صحيفة "غلوبال تايمز" القومية إن "على الحكومة الصينية التفكير جديا في توجه الولايات المتحدة لانتهاك الاجراءات القانونية لكبح مشاريع التكنولوجيا الصينية المتقدمة".

وأضافت "من الواضح أن واشنطن تتبع نهجا دنيئا نلأها غير قادرة على وقف تقدم (أجهزة) 'هواوي 5 جي' في السوق".

وحذرت صحيفة "تشاينا دايلي" من أن "التحكم بتوسع هواوي مضر بالعلاقات الصينية الأميركية".

ولم تكشف السلطات الأميركية عن الاتهامات التي تواجهها مينغ بعدما طالبت الأخيرة بفرض حظر على النشر عن القضية.

لكن "تشاينا دايلي" أشارت إلى أن "أمرا واحدا ثابتا ولا شك في صحته وهو أن الولايات المتحدة تحاول القيام بكل ما يمكن للحد من توسع هواوي عالميا لأن الشركة ببساطة هي التي تقود شركات التكنولوجيا الصينية التنافسية".

ورغم أن قطاع التكنولوجيا الصيني لا يزال يعتمد على صادرات أميركية معينة على غرار الرقاقات الدقيقة، تسعى بكين للحصول على دور قيادي في قطاع التكنولوجيا عالميا لتتفوّق على الولايات المتحدة وذلك في إطار خطة أطلقت عليها "صنع في الصين 2025".

وتعد هواوي بين أكبر مقدمي خدمات ومعدات الاتصالات في العالم. وتستخدم عدة شركات اتصالات في العالم، بعضها في أوروبا وافريقيا، منتجاتها.

لكن هناك قيودا مشددة على أنشطتها التجارية في الولايات المتحدة جراء القلق من تأثيرها على المنافسين الأميركيين ومن إمكانية فتح هواتفها المحمولة ومعداتها المستخدمة بشكل واسع في دول أخرى قنوات تجسس لبكين.

واتخذت استراليا ونيوزيلندا وبريطانيا اجراءات مماثلة هذا العام عبر رفض بعض خدمات الشركة بناء على مخاوف أمنية.

وقالت مصدران الخميس إن اليابان تخطط لحظر شراء الحكومة لمعدات من هواوي تكنولوجيز فضلا عن زد.تي.إي الصينية لتعزز دفاعاتها في مواجهة تسرب المعلومات والهجمات الإلكترونية.

وانتقد مستخدو الانترنت في الصين توقيف مينغ عبر شبكة "ويبو" النسخة الصينية من "تويتر" حيث رأى البعض أن الحادثة هي جزء من الحرب التجارية ومن مؤامرة أوسع لضرب التطور التكنولوجي الصيني.

وقال أحد مستخدمي "ويبو" إن "أحد أهم الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة لإطلاق حربها التجارية هو للهجوم على قطاع التكنولوجيا الصيني وخطتها 'صنع في الصين 2025'".

وأضاف أن الهدف هو دفع الصين للبقاء "في الصناعات البدائية والزج بها في فخ الدخل المتوسط".

ورأى مستخدم آخر أن اعتقال مينغ هو عبارة عن "لعبة سياسية".

وفي وقت سابق هذا العام، انهارت شركة تكنولوجيا صينية أخرى "زي تي اي" تقريبا بعدما حظرت واشنطن على الشركات الأميركية بيعها المعدات الحساسة وبرامج الكمبيوتر لمدة سبع سنوات، رغم أنه تم رفع الحظر بعد موافقة الشركة على دفع غرامة بقيمة مليار دولار.

ويرى محللون أن توقيف مينغ قد يستخدم ورقة مساومة، إلا أن المستشار في البيت الأبيض للشؤون التجارية بيتر افارو نفى أي علاقة بين هذه الحادثة والمفاوضات التجارية بين الصين والولايات المتحدة. وقال "إنهما قضيتان منفصلتان تماما".

لكن شبكة "سي ان ان" نقلت عن مسؤول لم تسمه قوله إن الولايات المتحدة ترى ان توقيفها يمنحها ورقة في المفاوضات مع الصين.