تونس العتيقة تحتضن قصص المدينة

الحركة الثقافية التونسية تنشط في المباني الأثرية بتصاميم عمارتها العريقة، بنحتها وزخرفها وحجارتها.
المعالجات النقدية تميزت انطلاقا من مداخلات المشرفة على الجلسة النقدية بتناول المدينة بين الحيز الهندسي والفضاء الدلالي
الحيز الهندسي للمدينة انكشف في النصوص من خلال تصاميم العمارة في المدينة بمساکنها وبيوتها وعماراتها وأسواقها وأزقتها وطرقها

تونس ـ "قصص المدينة" هكذا عنون النشاط الأدبي في فضاء المركز الثقافي الطاهر الحداد في مدينة تونس العتيقة، حيث تنشط الحركة الثقافية في المباني الأثرية بتصاميم عمارتها العريقة، بنحتها وزخرفها وحجارتها، حتى كأنه يخيل إليك أنك داخل قصر يروي سير وحكايات باذخة في هذا الفضاء برمزيته والذي يحمل اسم المصلح التونسي الطاهر الحداد الذي نادى بتحرير المرأة من العادات البائسة وتنوير أفكار المجتمع في ثلاثينات القرن الماضي. 
التقى مبدعون في  طريق الجمال والأنوار يسردون الحكايات والقصص التي لا تنتهي كأمواج الحبر المتلاطمة تشي بالحركة الإبداعية المتواصلة من أجل خلق المعاني.
أشرفت علي هذا النشاط القاصة والناقدة هيام الفرشيشي حيث قدمت مداخلة حول "جماليات المدينة في سرديات تونسية"، معتمدة على نماذج قصصية تونسية "روائح جبل جلود" لتوفيق علوي، "حلم 3" لعمر السعيدي، "ابنة الرئيس" لنورة عبيد، "لم أنته بعد" لأحمد بن إبراهيم، "في المحطة" لبلقيس خليفة التي قرأت آخر نصوصها القصصية، وقصة "مجنون المدينة" لمنجي العيساوي، مقطع من رواية سعاد الفقي بوصرصار الجديدة "يا زهرة في خيالي"، مع مراوحات شعرية للشاعرة سوسن العجمي "المدن: قصور التيه"، وموسيقية مع الفنانة شيراز الجزيري المختصة في الفن الإسباني وغناء أنماط منه. وقرأ القصاصون المدعوون للجلسة نصوصهم القصصية حول تيمة المدينة. 
تميزت المعالجات النقدية انطلاقا من مداخلات المشرفة على الجلسة النقدية بتناول المدينة بين الحيز الهندسي والفضاء الدلالي، فانكشف الحيز الهندسي للمدينة في هذه النصوص من خلال تصاميم العمارة في المدينة بمساکنها وبيوتها وعماراتها وأسواقها وأزقتها وطرقها ومؤسساتها الثقافية والقانونية التي تعکس مستویات الوضعيات الاجتماعية وتفاوت الوعی الفکری. واستقت من فضاء المدينة العلامات، والصور والأشياء التي تحولت إلى كائنات حية في هذه النصوص نسجت عوالمها وأضفت عليها أبعادا خاصة من الدلالات فكانت الإحالة المرجعیة للمدينة وعلاماتها الدالة على المكان ومكوناته، واسم المدينة ومخطط رسمها وإبراز معالمها في سياق النص فسحة تأويلية مشبعة بالدلالات.

كما تناولت التصوير الفني في هذه النصوص القصصية أهمية الصور الأدبية لتشييد فضاء المدينة كقيمة فنية مؤثرة، واللعب على الوصف المجازي، بأحاسيس وخيالات السارد.
تخللت الجلسة مداخلات نقدية من طرف الحضور إذ أكد توفيق علوي على اتساع فضاء المدينة ليشمل الشخصيات وتداعيات الزمن، وبينت نورة عبيد أن المدينة تنكشف من خلال شخصياتها، أما الناقد والروائي محمد الجابلي فقد مزج بين التذكر وذاكرة المدينة وانكتابها في الأعمال الأدبية وقدم مقاربته النقدية للنصوص المقروءة، وتحدث الناقد والقاص عمر السعيدي عن العناصر التي تساهم في تشكيل فضاء المدينة في النص الأدبي، وتناول القاص أحمد بن إبراهيم كيفية رسم معالم المدينة انطلاقا من تقنيات سينمائية وتشكيلية وتمظهرات المكان بكل أبعاده النفسية والحضارية.
كما حضر اللقاء ثلة من النقاد والأدباء والإعلاميين على غرار الروائي محمد الجابلي والشعراء محمد الهادي الجزيري وعادل المعيزي وجمال الجلاصي ومحمد طاهر السعيدي والباحثة خولة الفرشيشي والإعلامي رامي الجبنوني والعديد من الوجوه الأخرى.