تونس تخسر آجال إعادة نفايات الى ايطاليا

انتهاء الآجال القانونية لإرجاع النفايات الإيطالية مما يجبر الدولة التونسية على البحث عن حلول قانونية أخرى للتخلّص من فضيحة رجت المجتمع وأطاحت بوزير البيئة التونسي.

تونس – فشلت منظمات مدنية تونسية وجمعيات ناشطة في مجال البيئة في اعادة نفايات إيطالية ترسو في ميناء محافظة سوسة الى موطنها الأصلي، مما يجعل مصيرها غامضا ورهن فرضيات.
وبانتهاء 23 يناير/كانون الثاني، لن يعود بإمكان تونس إعادة تصدير النفايات لدولة المنشأ، بعد انقضاء 90 يوماً على توريدها، ما سيجبر الدولة التونسية على البحث عن حلول قانونية أخرى من أجل التخلّص من فضيحة رجت منظمات المجتمع المدني ورواد مواقع التواصل وأطاحت بوزير البيئة التونسي. 
دعا المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (مستقل) إلى إشراك المجتمع المدني والقضاء والمحامين المختصين في القانون البيئي لإنهاء ملف النفايات الإيطالية وإعادتها إلى مصدرها.
وكانت وزارة البيئة التونسية قامت بفتح تحقيق إداري بعد وصول 282 حاوية نفايات من إيطاليا لأنها لا تتطابق مع نوعية النفايات الواردة في ترخيص الشركة الخاصة للتدوير التي قامت باستيرادها، حسبما ذكر مدير الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات حينها.
وقال مدير الوكالة بشير يحيي إن الجمارك في مدينة سوسة الساحلية (شرق) ضبطت خلال يونيو/حزيران ويوليو/تموز 2020 سبعين حاوية "كبيرة" ثم 212 أخرى تضم نفايات تم توريدها من قبل شركة خاصة تونسية.
وبعدما أوضح أن هذه الشركة حصلت في مايو/أيار على ترخيص لتدوير النفايات البلاستيكية والبقايا اثر عملية الإنتاج، قال إنه تبين للجمارك أن التراخيص لا تتطابق مع نوعية النفايات واتضح أنها نفايات منزلية.
وقال المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في بيان إن " الآجال القانونية (90 يوما) لإرجاع النفايات الإيطالية إلى مصدرها حسب ما تنص اتفاقية بازل انتهت".
ولا تزال حاويات النفايات الايطالية قابعة بميناء محافظة سوسة وبمقر الشركة الموردة في انتظار استكمال الأبحاث القضائية.
وأشار المنتدى إلى أن مصير هذه النفايات يرتبط بفرضيتين.  
وتتعلق الفرضية الأولى حسب المصدر ذاته بـ"التخلص من النفايات في مصب مراقب أو عشوائي عبر التقنيات المعتادة من حرق أو ردم" وهو الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى "إفراز غازات سامة تؤثر سلبا على الإنسان والحيوان والبيئة".
أما الفرضية الثانية فهي "لجوء تونس إلى التحكيم الدولي حسب المادة 20 من اتفاقية بازل، هذا بشرط أن يقبل الجانب الإيطالي بذلك".
واستنكر المنتدى ما اعتبره "تعاملا غير جدّي للسلطات التونسية مع موضوع النفايات الإيطالية وعدم إعطائه الأهمية اللازمة مما يرسخ صورة الدولة المهينة لكرامة مواطنيها والمنقطعة عن مشاغلهم ومطالبهم".
وكانت هذه القضية قد أثارت غضبا واسعا في تونس وعلى منصات التواصل الاجتماعي واتهامات بتورط مسؤولين كبار في إغراق تونس بالنفايات الايطالية.
وكان رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي أقال وزير البيئة مصطفى العروي اثر الكشف عن ملف فضيحة الايطالية.
وأكدت وزارة الشؤون المحلية والبيئة حينها أنها لم تقدم أي ترخيص لتلك الشركة أو غيرها لتوريد نفايات من الخارج، مضيفة أن الشركة تعمّدت القيام بالعديد المغالطات في مختلف إجراءاتها وخاصة في ما يتعلق بإجراءات التوريد المحددة بالتشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية.
وهذه واحدة من ملفات الفساد المستشري في تونس في أعقاب نحو 10 سنوات من ثورة يناير/كانون الثاني 2011 التي اندلعت احتجاجا على الفساد والمحسوبية ورفعت شعار "حرية.. تشغيل.. كرامة وطنية".
وقال الخبير في تقدير النفايات وعضو ائتلاف منظمات "تونس الخضراء" حمدي شعبان أن "هذه القضية تكشف ان هناك لوبيات كبيرة للفساد".
وفي تقديره ان الوزارة تعرضت لضغوط كبيرة من رجال أعمال في تونس خلال السنوات الفائتة لتمكينهم من توريد النفايات. ولكن "هذه المرة الاولى" التي يتم الكشف خلالها عن مثل هذا الملف.