تونس تطلق حملة ضد خطاب الكراهية في أعقاب الانتخابات البلدية

المبادرة تأتي في أعقاب حالة من التشنج طغت على حملة الانتخابات البلدية لم تخلو من مفردات التحريض على العنف والتهديد والشحن الإيديولوجي.

دفعت مفردات الكراهية التي تضمنها الخطاب السياسي خلال حملة الانتخابات البلدية التي جرت الأحد الماضي بتونس، إلى إطلاق حملة وطنية شاملة ضد الكراهية في مسعى إلى الحفاظ على السلم الأهلي.

وبعد يوم فقط من إعلان نتائج الانتخابات أعلن يوسف الشاهد رئيس الحكومة، الأحد، في اختتام أشغال الدورة السادسة للجامعة المتوسطية التي نظمها المرصد الوطني للشباب تحت شعار "معا لإرساء قيم السلم والعمل وعلوية المؤسسات انخراط تونس في حملة وطنية تهدف إلى مكافحة خطاب الكراهية والتحريض على العنف.

وقال الشاهد إن الحكومة دعت كل القوى الوطنية المدنية للمشاركة في الحملة التي تهدف إلى مكافحة الخطاب السياسي العنيف بكل أشكاله التي تتنافى وقيم المجتمع.

وجاءت هذه المبادرة في أعقاب حالة التشنج التي طغت على حملة الانتخابات البلدية والتي لم تخلو من مفردات التحريض على العنف والتهديد والشحن الإيديولوجي.

هيئة الانتخابا بتونس
الهيئة حاضرة لتنظيم انتخابات دون عنف

وتظهر قراءات أن توقيت إعلان الحملة حمل رسالة إلى الأحزاب السياسية عامة وحركة النهضة خاصة للنأي بالخطاب السياسي عن إرباك الشأن العام والانزلاق بالعملية السياسية الديمقراطية إلى شتى أشكال العنف.

وكان راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التي فازت بنتائج الانتخابات انتهج خلال حملة الانتخابات البلدية، قد هدد سابقا بالزج بالبلاد في حرب أهلية في حال إخراج النهضة من المشهد السياسي. وهي المرة الأولى والسياسي الوحيد الذي تحدث عن هكذا حرب في بلد يسعى إلى تأمين الاستقرار وسط أوضاع صعبة.

وقبل أسبوع من الانتخابات لم يستنكف الغنوشي من وصف المنافسة بين النهضة والنداء بـ"الحرب الباردة" ما أثار عضب قيادات النداء التي رأت في استخدام رئيس الحركة الإسلامية للمفردات الحربية مسعى لفرض أجندة الحركة بنوع من القوة.

وشدد الشاهد على أن نجاح الحملة يبقى رهن مدى انخراط مختلف القوى التي تؤمن بالخطاب السياسي السلمي لذلك تم توجيه الدعوات للقوى المدنية الفاعلة لمعاضدة جهود الحكومة في التصدي ومكافحة الخطاب السياسي العنيف في كل الفضاءات.

ورأى خليل الرقيق المحلل السياسي أن "الحملة وتصريحات الشاهد تضمنت إيحاءات إلى خطاب حركة النهضة الذي زج بمفردات القاموس الحربي لأول مرة في تاريخ تونس في محتوى الخطاب السياسي الوطني في مختلف المحطات والاستحقاقات".

وقال الرقيق لميدل ايست أونلاين "إن الخطاب الذي تتبناه الطبقة السياسية منذ استقلال تونس العام 1956 هو خطاب سلمي مدني" مشدداعلى ان مفردات العنف تسللت إليه من في ظل محاولة سطوة الإسلاميين على الشأن العام. 

راية حزب النهضة التونسية
الاحزاب الدينية لا تغير طابع الدولة المدنية

وتخشى الحكومة والقوى المدنية أن يأخذ الخطاب السياسي العنيف نسقا تصاعديا قد يهدد سلمية العملية السياسية في ظل حالة من الاحتقان تعصف بالتونسيين نتيجة الأزمة السياسية والأزمة الهيكلية وما يرافها من احتجاجات على تردي الأوضاع.

ويرى مراقبون أن هشاشة الأوضاع العامة محليا وحالة الفوضى في المنطقة تعد أرضية خصبة لتفشي خطاب الكراهية والتحريض على العنف كآلية للتغيير.

ويبدو أن نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل الذي كان قاد خلال الأسابيع الماضية خطابا عنيفا ضد الحكومة خفف بشكل لافت من حدة خطابه.

وبعد أن كان الطبوبي قد أعلن الحرب على الحكومة تراجع ليشدد الجمعة على أن اتحاد الشغل "ليس في معركة مع الحكومة بل مشكلته الوحيدة هي الوضعية الصعبة التي وصلت إليها البلاد وأن الاتحاد لا يستهدف أي طرف".

وأعرب الشاهد عن أمله في أن تنخرط جميع المنظمات الوطنية والمؤسسات وتحشد جهودها لمقاومة خطاب الكراهية الذي تسلل أيضا إلى المنابر الإعلامية.

وتساور غالبية التونسيين مخاوف من استغلال حركة النهضة تموقعها في المجالس البلدية المسؤولة على إدارة الشؤون المحلية لمواصلة نوعية خطاب من خلال شحن الأهالي ضد خصومها والقوى السياسية المدنية مستفيدة من مقايضة الخدمات الإدارية والتنموية التي تقدمها مؤسسات الحكم المحلي للناس مقابل استمالتها والولاء إليها.

الطبوبي
الطبوبي يتراجع عن خطابه المتشنج