تونس تعتزم إعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع دمشق

الرئيس التونسي يدعو إلى تبادل تعيين السفراء بين تونس ودمشق، مشددا على رفض بلاده تقسيم سوريا إلى دويلات.

تونس – قال الرئيس التونسي قيس سعيد الجمعة، إن لا مبرر لعدم تبادل تعيين السفراء بين تونس وسوريا، في أحدث مؤشر على أن العودة الكاملة للعلاقات الدبلوماسية مع نظام الرئيس بشار الأسد قد تكون وشيكة، في إطار جهود السلطات التونسية للكشف عن ملابسات تسفير الجهاديين خلال السنوات التي تولت فيها حركة النهضة الإسلامية إدارة الدولة.

وخاطب الرئيس سعيد وزير خارجيته نبيل عمار خلال اجتماع مساء الجمعة قائلا يتعين اتخاذ قرار بهذا الشأن، وذلك وفقا لمقطع مصور نشره مكتب الرئيس على فيسبوك.

وكانت تونس في عهد الرئيس المؤقت منصف المرزوقي عام 2011، قد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا احتجاجا على قمع النظام السوري خصومه في بداية الحرب الأهلية والتي تصاعدت لاحقا إلى صراع مسلح أودى بحياة مئات الآلاف من المدنيين ودفع الملايين إلى الفرار.

وقوبلت خطوة المرزوقي بطرد سفير دمشق عام 2012 من تونس، بانتقادات شديدة من المعارضة والشارع التونسي.

وعقب ذلك أعادت تونس إلى سوريا بعثة دبلوماسية محدودة في 2017 للمساعدة في تعقب أكثر من 3000 مقاتل تونسي سافروا إلى سوريا للانضمام لجماعات إسلامية متطرفة.

ومنذ إعلان الرئيس سعيد عن الإجراءات الاستثنائية في يوليو 2021، أرسلت تونس إشارات بأنها منفتحة على تغيير موقفها الدبلوماسي تجاه سوريا.

وعززت تونس الشهر الماضي بعثتها الدبلوماسية في دمشق بدبلوماسي من بيروت، لكن مع إعلان الرئيس أنه يجب اتخاذ قرار، فمن المتوقع على نطاق واسع أن تعين وزارة الخارجية قريبا سفيرا لها في دمشق.

وقال الرئيس سعيد إن مسألة النظام السوري مسألة تعني الشعب السوري وحده.

وأضاف لا نقبل أن تقسم سوريا إلى أشلاء، وهو مخطط موجود منذ أكثر من قرن كان يهدف إلى تقسيم سوريا إلى دويلات.

وجدد سعيد التأكيد على أنه لا يقبل بالتدخل في شؤون بلاده "إطلاقا"، مضيفا أن "سيادتنا الوطنية فوق كل اعتبار ولا نتدخل في شؤون أحد".

ويقول محللون إن الأسد يسعى لتحقيق استفادة سياسية من الزلزال الذي دمر أجزاء كبيرة من سوريا وتركيا، ويضغط من أجل إيصال المساعدات الخارجية عبر أراضيه حيث يهدف إلى التخلص من عزلته الدولية.

وأرسلت تونس طائرات إغاثة إلى سوريا تتضمن فرق إنقاذ وحماية مدنية والتي وصلت إلى مطار حلب الخاضع لسيطرة حكومة الأسد.

وخلال عقد من حكم هيمن عليه الإسلاميون بقيادة حركة النهضة، التحق بالتنظيمات المتطرفة آلاف الجهاديين التونسيين منهم من قتل ومنهم من اعتقلته قوات النظام السوري وبعضهم عاد إلى البلاد.

ويأتي قرار الرئيس التونسي بينما ينظر القضاء في واحدة من القضايا الإرهابية المعقدة تتعلق بتسفير الجهاديين التونسيين إلى بؤر التوتر والذين قدرت الأمم المتحدة عددهم في السنوات التي أعقبت اندلاع النزاع السوري بما بين 5 إلى 6 آلاف جهادي.

ويحقق القطب القضائي لمكافحة الإرهاب مع قيادات في حركة النهضة بشبهة التورط في ملف التسفير ومن بينهم نائب رئيس الحركة رئيس الحكومة الأسبق علي العريض.

وإعادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق قد تفيد كثيرا التحقيقات المتعلقة بتسفير الجهاديين التونسيين إلى سوريا وقد تفتح الكثير من الملفات مع وجود معتقلين تونسيين من تنظيم الدولة الإسلامية في سجون النظام السوري.

ويرجح كذلك أن النظام السوري يمتلك الكثير من الملفات التي قد تفيد تونس في مكافحة الإرهاب، بعد أن بثت وسائل إعلام سورية رسمية خلال السنوات الماضية شهادات لجهاديين تونسيين كشفوا فيها رحلة السفر إلى سوريا من بداية التجنيد والاستقطاب إلى مراكز التجميع في ليبيا وصولا إلى نقلهم في رحلات جوية على متن طائرات تابعة لشركة أحدثها أحد أمراء الحرب وقائد سابق في الجماعة الليبية المقاتلة، إلى مرحلة دخول الأراضي السورية عبر الحدود من تركيا دون عراقيل.

وقال المعتقلون التونسيون في تلك الشهادات أنه جرى تسهيل سفرهم إلى ليبيا ومنها إلى اسطنبول حتى دخول الأراضي السورية، دون عراقيل.

وسبق لقيادات سياسية من المعارضة أن اتهمت حركة النهضة بالتورط في تسفير جهاديين، وهي ما نفته مرارا، بينما أعيد مؤخرا فتح الملف الذي ظل حبيس الرفوف حين كان القيادي في حركة النهضة نورالدين البحيري وزيرا للعدل.

واعتقل البحيري وخضع للتحقيق قبل أن يمنح سراحا شرطيا مع المنع من السفر وذلك على ذمة التحقيقات ومنها ما يتعلق ببيع الجنسية التونسية وجوازات سفر لأجانب.