تونس توقف تزويد المزارع بالمياه بعد تقلص مخزون السدود
تونس- أصدرت السلطات المحلية في ولاية سليانة شمال غرب تونس الأحد قرارا بإيقاف تزويد المزارع العمومية المحيطة بسد "الأخماس" في المنطقة، بالمياه نتيجة تقلص مخزونه إلى مستويات خطيرة. في ظل تراجع كبير للموارد المائية في تونس بسبب تداعيات التغير المناخي وانحباس الأمطار لفترات طويلة والجفاف.
وأرجعت المندوبية الجهوية للزراعة في الولاية قرارها إلى تراجع كبير في مياه السد "إلى مستوى ينذر بالنفاد". وقدر المخزون الحالي بنحو 250 ألف متر مكعب بينما يبلغ إجمالي طاقة استيعاب السد سبعة ملايين متر مكعب.
ووفق بيانات حديثة للمرصد الوطني للفلاحة، بلغ حجم المخزون المائي في السدود الرئيسية للبلاد حتى يوم 26 يوليو/تموز الجاري، 26.6 بالمئة من إجمالي طاقة استيعابها.
وشهدت العديد من المناطق التونسية تكرار انقطاع الماء الصالح للشرب والذي يتواصل لأيام في بعض الأحيان، ما أدى إلى سلسلة من الاحتجاجات في بعض المناطق لا سيما الداخلية منها، أمام المكاتب المحلية للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه.
وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد أجرى الاثنين والثلاثاء زيارة إلى سدّي بوهرتمة وبربرة في محافظة جندوبة شمال غربي البلاد، كما عاين عددا من السدود في محافظات القيروان والمنستير ومنطقة قرمبالية، للاطلاع على وضعية السدود والوقوف على الأسباب المؤدية إلى انقطاع المياه الصالحة للشراب والري بعدد من الولايات.
وشدّد سعيّد على أنّ نسبة تعبئة السدود "ليست بالكارثية عكس ما تروج له الأبواق المسعورة والمأجورة من الداخل ومن الخارج"، مؤكّدا على أنّه لم يأمر بقطع المياه، وأنّ لديه خارطة للمناطق التي تقطع فيها في البلاد.
وقال إنّ المياه موجودة لكن التونسي يشكو من العطش، مشيرًا إلى وجود أطراف تقوم بتخريب أنابيب توزيع المياه، وشبكة إجرامية وغرفة عمليات تستهدفها.
وتعد تونس من بين الدول المهددة بندرة المياه في حوض المتوسط، وفي مسعى للتقشف في الموارد المائية المحدودة، فرضت وزارة الزراعة إجراءات من بينها نظام الحصص في توزيع مياه الشرب وحظر استخدامها في الري الزراعي ومحطات غسيل السيارات والساحات العامة.
ويتواصل الجفاف منذ ثماني سنوات، ما تسبب في تقلص لمخزونات المياه التي وصلت أدناها الى أقل من 23 بالمائة من طاقة استيعاب السدود، الى جانب تراجع المحاصيل الفلاحية لا سيما إنتاج الحبوب الذي انخفض إلى 60 بالمائة في 2023 مقارنة بعام 2022.
وأكدت دراسة للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حول تداعيات المتغيرات المناخية، أن الموارد المائية في تونس تراجعت بنسبة 30 بالمئة خلال العشرين سنة الأخيرة. وكشفت عن بيانات مثيرة للقلق تتعلق على وجه الخصوص بإسقاطات وآثار تغير المناخ، حيث سينخفض هطول الأمطار بنسبة 5 إلى 10 بالمائة بحلول عام 2050 وقد يصل إلى انخفاض بنسبة 5 إلى 20 بالمائة في عام 2100.
وفي إطار استراتيجية الدولة التونسية لمعالجة نقص المياه وضمان التزود بالمياه الصالحة للشرب خلال صيف 2024، بدأت السلطات في وقت سابق من الشهر الجاري في تشغيل محطة تحلية مياه البحر في قابس جنوب البلاد ويجري تجهيز محطتين آخريين في مدينتي صفاقس وسوسة وسط شرف البلاد، في مسعى لمجابهة شح المياه.