تونس: خطط لتجاوز آثار الازمة على قطاع السياحة

طالت الأزمة الاقتصادية الدولية الناشئة عن اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر الماضي الوضع الاقتصادي التونسي, وأضرت بقطاعين اقتصاديين حيويين في تونس هما قطاع السياحة, الذي يجلب نحو ربع مدخول تونس من العملة الصعبة, وقطاع الطيران, الذي تعرض لمصاعب عديدة.
وذكرت مصادر مطلعة أن شركات الطيران في تونس تعاني من صعوبات كبيرة, رغم أن الحكومة منحت ضمانا إضافيا لشركتي الخطوط التونسية والخطوط الدولية "توننتار", من أجل تغطية الأضرار, التي تفوق الحد الأقصى المؤمن, والمحدد ضمن عقود تأمين الأسطول الجوي بخمسين مليون دولار.
ويذكر أن المسؤولية المدنية المترتبة عن المخاطر الحربية والمخاطر الشبيهة كانت لا تمثل إلا جزءا ضئيلا جدا من عقد التأمين, إلى حين وقوع أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001, والتي جعلت شركات التأمين العالمية تراجع حساباتها, وتطلب تأمينا يرتفع إلى خمس مرات ونصف المرة ما كان عليه عقد التأمين قبل ذلك التاريخ, وهو ما كان سيجبر شركتي الطيران المذكورتين على تعطيل نشاط طائراتها, لو لم تمنح الدولة لها تلك الضمانات.
ورغم ذلك فقد ارتفعت قيمة التأمين ثلاث مرات, بعد أن طالبت شركات التأمين العالمية مراجعة العقود, وهو ما أجبر شركة الخطوط التونسية على الزيادة في أسعار تذاكرها خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر المنقضي بنسبة 5 في المائة, يضاف إلى هذا المتاعب التي تعانيها الخطوط التونسية من جراء ارتفاع اسعار وقود الطائرات, ومعها أسعار الدولار منذ السنة المنقضية.
كما تقرر على مستوى الخطوط الجوية التونسية تأجيل برنامج استئجار الطائرات للصيف المقبل, والسحب النهائي لطائرتين من صنف بوينغ 200- 737, وتأخير تسليم طائرة كانت مبرمجة في رزنامة الشركة خلال الربيع المقبل. وعلى مستوى الخطوط الدولية (توننتار) تقرر إلغاء عقد إيجار طائرة كانت الشركة استأجرتها لدعم نشاطها خصوصا في نقل رحلات الشارتر.
أما شركة الطيران الجديد فقد قررت تأخير تسليم طائرة برمجت لاقتنائها خلال الأشهر القادمة من شركة إيرباص, وراجعت عقود استئجار 4 طائرات, كما أجرت للخطوط الجوية الليبية طائرتين لمدة شهرين.
وقد اعتبرت هذه الإجراءات من قبل مسؤولي شركات الطيران إجراءات أولية, في انتظار التطورات المقبلة, وهو ما يجعل المراقبين يتنبئون بانخفاض نمو نشاط الخطوط التونسية إلى ثلاثة في المائة, بعد أن كان متوقعا بلوغ هذا النمو 8 في المائة للعام الجاري, إلا أن الظروف العالمية عطلت هذه الآمال.
وقد أثرت هذه التحولات العالمية والصعوبات التي تعانيها الخطوط التونسية بشكل ملحوظ على السياحة, التي تعتبر واحدا من أهم مصادر دخل العملة الأجنبية إلى تونس, إذ تساهم بنسبة 23 في المائة من مداخيل العملة الصعبة إلى الخزينة التونسية, فقد أكدت عدة مصادر تونسية وجود تراجع كبير في عدد القادمين للسياحة بالبلاد التونسية, وخاصة من البلدان الأوروبية, وهو ما يتبين مقارنة بعدد السياح في العام الماضي, مما اضطر أصحاب النزل إلى الاستغناء عن عدد من العمال. وتقدر بعض الأوساط هذا التراجع الحاصل في قطاع السياحة بنحو 30 في المائة.
وقد أرجع عفيف كشك مدير مجلة "السياحة" التونسية وصاحب أحد النزل السياحية المعروفة في تصريح لجريدة "الصباح" اليومية واسعة الانتشار هذا التراجع إلى ما تأتي به وسائل الإعلام من أخبار تؤثر على الرأي العام, حتى إن المستهلك الأوروبي أصبح يتأثر بالمسار الإعلامي أكثر من الواقع الحي, وأضاف قائلا "ما أخشاه هو تغير حوافز المستهلكين, الذين لا يعتبرون قدومهم إلى تونس أمرا حتميا, خصوصا وأن البديل موجود لديهم وهو جنوب أوروبا".
ويخشى محللون ومراقبون من انعكاسات التراجع في الميدان السياحي العالمي على المدخولات التونسية, وان تتأثر بسبب ذلك العديد من المؤسسات الاقتصادية التونسية الصغرى والمتوسطة باتفاق الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي.