ثاني استقالة بالحكومة اللبنانية بعد نكبة بيروت

رأس الكنيسة المارونية بلبنان البطريرك بشارة بطرس الراعي يدعو إلى استقالة الحكومة إن لم تستطع تغيير طريقة حكمها ومساعدة لبنان على النهوض بعد انفجار بيروت الذي أوقع أكثر من 170 قتيلاً وستة آلاف جريح.

بيروت - أعلن وزير البيئة والتنمية الإدارية اللبناني دميانوس قطار الأحد استقالته من حكومة رئيس الوزراء حسان دياب مرجعا قراره لإضاعة الحكومة الكثير من الفرص التي كانت متاحة للإصلاحن وهي الاستقالة الثانية لوزير بالحكومة اللبنانية بعد كارثة بيروت.

وتأتي استقالة قطار بعد أن أعلنت وزيرة الإعلام منال عبدالصمد استقالتها أيضا اليوم الأحد في أعقاب الانفجار المروع في مرفأ بيروت يوم الثلاثاء الماضي.

وقال قطار في بيان "مع انسداد أفق الحلول على وقع التجاذبات العبثية وفي ظل آليات نظام عقيم ومترهل أضاع العديد من الفرص، وتجاوبا مع قناعاتي وضميري، قررت أن أتقدم باستقالتي من الحكومة".

وتأتي استقالات الوزيرانب بعد يوم من استقالة بعض النواب من البرلمان، فيما تشهد حكومة دياب انفراطا بعد مغادرة وزير الخارجية نصيف حتّي منصبه قبل أيام من الانفجار الكارثي الذي حل بالعاصمة.

وقالت عبد الصمد في كلمة بثتها وسائل إعلام محلية "بعد هول كارثة بيروت، أتقدم باستقالتي من الحكومة متمنية لوطننا الحبيب لبنان استعادة عافيته في أسرع وقت ممكن". وقدمت "اعتذارها" من اللبنانيين "لعدم تلبية طموحاتهم" في الحكومة التي تشكلت بداية العام الحالي.

وقبل عبدالصمد أعلن رئيس حزب الكتائب اللبناني سامي الجميل السبت استقالة نواب الحزب الثلاثة من البرلمان.

كما أعلن نائبان آخران استقالتهما من المجلس وهما مروان حمادة، وهو درزي، وبولا يعقوبيان إحدى المشرعات الست في مجلس النواب.

وبذلك يرتفع عدد النواب الذين يعتزمون الاستقالة في أعقاب انفجار المرفأ إلى خمسة نواب. ومن المتوقع أن يعلن عدد من الوزراء استقالتهم في الايام القليلة القادمة، في ظل تعالي الأصوات باستقالة الحكومة ورحيل النخبة السياسية كاملة.

وتأتي استقالة عبدالصمد بالتزامن مع دعوة وجهها رأس الكنيسة المارونية بلبنان البطريرك بشارة بطرس الراعي الأحد إلى الحكومة للإستقالة "إن لم تستطع تغيير طريقة حكمها" والعجز على المساعدة في تعافي البلاد من الانفجار الهائل الذي وقع يوم الثلاثاء الماضي.

وقال الراعي خلال عظة قداس الأحد إن "الحكومة يجب أن تستقيل إذا لم تكن قادرة على المساعدة فى نهوض البلاد".

وأضاف أن انفجار مرفأ بيروت الذي جد الثلاثاء الماضي “كارثة هزت دول ​العالم​ ومن حقها أن تعرف أسبابه (...) ووجود هذه الكمية الهائلة من المواد المتفجرة في أخطر مكان في العاصمة”.

ووصف بطريرك الموارنة الانفجار بـ"الجريمة الموصوفة ضد الانسانية"، داعا إلى ضرورة  "الاستعانة ب​تحقيق​ دولي لكشف حقائقها كاملة واعلانها مع وجوب محاسبة كل مسؤول عن هذه المجزرة مهما علا شأنه".

وقدم "تحية عرفان الجميل وشكر لجميع الدول شرقا وغربا الذين سارعوا وأرسلوا ​مساعدات​ ل​لبنان​"، مشيرا إلى أن "هذا التضامن الانساني الذي عبرت به هذه الدول عن حقيقة مفهوم التضامن، وبهذا التضامن لم ترفع الدول الحصار عن ​السلطة​ الحاكمة بل عن ​الشعب اللبناني​ المنكوب”.

بي
بيروت تنزف

وأثنى البطريرك الماروني على ما قام به الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون خلال زيارته الخميس لبنان، داعيا السلطة إلى "الإصغاء لصوت الشعب​ و​الثورة​ وإلى نداءات ​المجتمع الدولي​ المتكررة من الدول الكبرى إلى ​الاتحاد الأوروبي​ التي حثت المسؤولين حكومة ومجلس نيابيا على سماع صوت الشعب وتغيير الأداء واجراء الاصلاحات و​مكافحة الفساد​ والحياد عن الصراعات واحترام القرارات الدولية واشراك الأجيال ​الجديدة​ في حكم البلاد".

واستدرك قائلا إن "كل نداءات العالم ذهبت سدا فتفاقمت الأوضاع وعمت ​المحاصصة​ وتناثرت مؤسسات ​الدولة​ اشلاء كزجاج بيروت".

وأوضح البطريك الماروني أن ما شهدته بيروت أمس السبت "من تحركات شعبية غاضبة يؤكد على نفاذ صبر الشعب اللبناني ويدل على التصميم في التغيير إلى الأفضل لكن في الوقت عينه نبدي حزننا لسقوط شهيد من قوى الامن الأداخلي”.

وتساءل “ألا يستوجب كل ذلك مضافا إلى كارثة بيروت قرارات جريئة في دولة ديمقراطية تعيد النظر في التركيبة الحاكمة وطريقة حكمها فلا تكفي ​استقالة​ نائب من هنا ووزير من هناك فيجب الوصول إلى استقالة ​الحكومة​ برمتها إذا باتت عاجزة عن النهوض بالبلاد واجراء انتخبات نيابية مبكرة”.

وأعلن الأمن اللبناني، الأحد، مقتل أحد عناصر الأمن وإصابة أكثر من 70 عنصرا وتوقيف 20 شخصا، خلال مظاهرات "سبت الحساب"، التي شهدها وسط العاصمة بيروت.
وقالت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي اللبناني، في بيان "سقط لقوى الأمن الداخلي شهيد الواجب الرقيب الأول توفيق الدويهي، وأصيب ما يفوق الـ 70عنصرا"ً.
وأضافت أنه جرى "توقيف 20 شخصًا ضُبط بحوزة أحدهم مخدّرات، وتبيّن نتيجة إجراء الفحوصات، بأن 13 منهم من المتعاطين، تزامنًا مع التظاهرة التي نُظِّمت يوم سبت الحساب في وسط بيروت، والتي تخلّلها أعمال شغب".
ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من الداعين للمظاهرات بخصوص ما أعلنته قوى الأمن حول التوقيفات.
وشهدت احتجاجات السبت، تعليق المشانق الرمزية لمسؤولين كبار في الساحات، ومهاجمة سلاح حزب الله، والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الانفجار، علاوة على اقتحام لبعض مقار الوزارات، لعدة ساعات قبل الخروج منها.
كل هذه الأحداث تخللتها مناوشات ومواجهات بين المتظاهرين وقوى الأمن أسفرت أيضا عن سقوط 238 متظاهرا، بحسب بيان للصليب الأحمر اللبناني.
وتأتي هذه المظاهرات احتجاجا على الانفجار الذي خلف ما لا يقل عن 170 قتيلا وأكثر من 6 آلاف جريح في حصيلة غير نهائية.
واحتجاجات "يوم الحساب" دعا إليها ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهناك دعوات للحشد اليوم الأحد في بيروت بعد ن تمسك بعض المحتجون بالبقاء والاعتصام في ساحات الاحتجاج.
وجراء هذه التطورات، أعلنت السفارة الأميركية في بيروت، السبت، "دعمها للمتظاهرين في حقهم بالاحتجاج السلمي"، مطالبة "جميع المعنيين بالامتناع عن العنف".
في المقابل، دعت قيادة الجيش في تغريدة، السبت، المحتجين إلى "الالتزام بسلمية التعبير، والابتعاد عن قطع الطرق، والتعدي على الأملاك العامة والخاصة".
وزاد انفجار مرفأ بيروت من أوجاع لبنان الذي يشهد منذ أشهر، أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975 ـ 1990)، ما فجر احتجاجات شعبية منذ 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ترفع مطالب اقتصادية وسياسية.
وأجبر المحتجون، بعد 12 يوما، حكومة سعد الحريري على الاستقالة، وحلت محلها حكومة حسان دياب، منذ 11 فبراير/ شباط الماضي.
ويطالب المحتجون برحيل الطبقة السياسية، التي يحملونها مسؤولية "الفساد المستشري" في مؤسسات الدولة، والذي يرونه السبب الأساسي للانهيار المالي والاقتصادي في البلاد.

وقد تحتاج إعادة بناء بيروت مليارات الدولارات. ويتوقع اقتصاديون أن يمحو الانفجار ما يصل إلى 25 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.