جاك شيراك: رئيس نعم، لكن مخلص للجمهورية لا!

باريس - من سيجفريد مورتكفيتز
رب ضارة نافعة، لسان حال شيراك الآن

ظهر الرئيس الفرنسي جاك شيراك في كارتون بمجلة أسبوعية فرنسية مؤخرا وهو يستيقظ في منتصف الليل ويقول لزوجته "لقد رأيت في المنام أن حتى الشيوعيين كانوا يصوتون لي".
وتجيب زوجته "إن ذلك لم يكن حلما، يا عزيزي".
ولاشك أن الكرتون يلخص بصورة طريفة مشاعر الرئيس اليميني المعروفة بعدم الامان والموقف غير المريح الذي يجد نفسه فيه باعتباره حامل اللواء في أمة بأكملها يستمتع بدعم كل الاحزاب السياسية تقريبا - بما فيها الحزب الشيوعي.
ومنذ انتخابات 21 نيسان/إبريل التي تفوق فيها اليميني المتطرف جين-ماري لوبان على رئيس الوزراء الاشتراكي ليونيل جوسبان وفاز بالحق في منازلة شيراك في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 5 أيار/مايو، حظي الرئيس الفرنسي (69 عاما) بدعم أكثر مما كان يأمل بكثير.
وفي موقفه إزاء رجل يعد موضع سخرية باعتباره عنصري وديماجوجي، أصبح شيراك هو المدافع عن القيم الفرنسية والديمقراطية ومنقذ الجمهورية.
ويمثل ذلك موقف غير مرجح لرجل لوثت سمعته كثيرا بتورطه على الاقل في ثلاث تحقيقات قضائية بشأن التمويل الحزبي غير المشروع، كما أنه رجل تم تصويره في برنامج تهكمي في التلفزيون بأنه "كذاب كبير".
وقال نويل مامير مرشح حزب الخضر للرئاسة بعد أن طلب من مسانديه التصويت لشيراك "إنه خيار مستحيل، بين شخص محتال وآخر جدير بالازدراء".
وقال المتظاهرون الشباب الذين يعارضون لوبان وهم يصيحون في شوارع باريس "صوتوا للمحتال وليس للفاشي".
وقد كشفت الحملة عن الاحتقار الذي يكنه العديد من الناخبين للرئيس الفرنسي لدرجة أنه اضطر أن يطلب علنا من الناس أن يتوقفوا عن السخرية منه.
وباعتباره خبيرا في حملات الدعاية الانتخابية يحب أن يصافح السيدات الصغيرات الجميلات ويقبلهن، فإن شيراك طموح أيضا إلى حد بعيد كما أن قطاعات كبيرة من الناخبين الفرنسيين لا يثقون به ومن بينهم حتى بعض مسانديه.
وقد تلقت سمعته المهتزة ضربة قاسية في عام 2000 عندما تم اكتشاف شريط فيديو ونشره كان قد سجله مساعد سياسي سابق قبل أن يموت بالسرطان.
وفي الشريط يصف المساعد جان-كلود ميري مشروع رشاوى انتخابية يشمل عقود أشغال عامة في منطقة باريس الكبرى أثناء تولي شيراك منصب عمدة العاصمة الفرنسية، وكان يدير المشروع رفاق شيراك لمصلحته السياسية.
ويحكي ميري حتى كيف أنه ظهر ذات مرة في قاعة البلدية بباريس وهو يحمل حقيبة بها خمسة ملايين فرنك فرنسي (حوالي 680 ألف دولار) نقدا سلمها لكبير موظفي شيراك في حضوره.
غير أن شيراك حتى الان نجا من هذه الفضيحة، كما خرج من العديد من الانتكاسات التي تعرض لها أثناء عمله السياسي الطويل.
وكان شيراك عمدة محبوب للعاصمة الفرنسية لاكثر من 18 عاما وتم تعيينه مرتين في منصب رئيس الوزراء الفرنسي كما خاض انتخابات الرئاسة مرتين وفشل في الحصول عليها. ويعتقد الكثير من الناخبين أنه ليس مؤهلا لادارة ما يزيد على مدنية كبيرة مثل باريس.
وفي النهاية في عام،1995 في المحاولة الثالثة، وبعد حملة شرسة أدت إلى انقسام اليمين على نحو خطير، هزم الاشتراكي ليونيل جوسبان بفارق ضئيل.
وبعد عامين، وبعد أن حاصرته الاضرابات ورئيس وزراء غير محبوب بالمرة من الشعب، اتخذ شيراك ما يعتبر أحد أسوأ القرارات السياسية في التاريخ الفرنسي.
ودعا شيراك، الذي كان يستمتع بدعم الاغلبية في الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي) إلى انتخابات جديدة، معتقدا أن أغلبية متجددة، حتى لو كانت أصغر، سوف تعزز الحكومة اليمينية.
غير أن اليمين خسر أكثر من 230 مقعد وأصبح جوسبان رئيسا للوزراء، حيث بدأ فقترة رئاسة الوزراء لمدة خمس سنوات تقاسم شيراك خلالها السلطة مع اليسار، وهو ترتيب أضعف الرجلين وحزبيهما.
ويمكن قياس ضعف شعبية شيراك بالنسبة التي حصل عليها في الانتخابات في 21 نيسان/إبريل وهي 19.9 في المائة، وهي أقل نسبة حصل عليها رئيس فرنسي وهو في مقاعد السلطة.
وضد لوبان من المرجح أن يحصل شيراك على حوالي 80 في المائة من الاصوات، مما يعد بمثابة تفويض هائل لاي شخص ولا سيما لرجل لا يثير سوي القليل جدا من الحماس.