جبهات المعارك في ليبيا تنتقل الى 'بابجي'

اللعبة الشهيرة المنتشرة على الهواتف المحمولة الذكية يكون الرابح فيها لاعبا ينجح في الصمود بعد قتل الجميع في طريقه.
منع 'بابجي' في العراق لتشجيعها على العنف
لعبة تحتوي على الكثير من 'الأسرار' القتالية
آثار سلبية للعبة على الصحة والتربية والأمن
تحميل اللعبة الشهيرة أكثر من 360 مليون مرة

طرابلس – إنه يوم راحة من القتال على الجبهة في ليبيا لكن ما إن يضع عبدالعزيز ورفاقه أسلحتهم جانبا حتى يتسلحون بهواتفهم لاستئناف قتال من نوع آخر… على الهواتف المحمولة من خلال لعبة "بابجي" الشهيرة.
وتحظى هذه اللعبة واسمها الكامل "بلاير أنّونز باتلغراوندز" بشعبية كبيرة بين مستخدمي الهواتف الذكية حول العالم إذ حُمّلت أكثر من 360 مليون مرة، ويكون الرابح فيها اللاعب الذي ينجح في الصمود بعد قتل الجميع في طريقه. وهي مُنعت في العراق بحجة أنها تشجع على العنف ولها آثار سلبية على الصحة والتربية والأمن في المجتمع.
كذلك مُنعت اللعبة في نيبال وولاية غوجارات الهندية.

غير أن "بابجي" تحقق نجاحا كبيرا في ليبيا، حتى عند خطوط جبهات المعارك الدائرة منذ قرابة شهر بين القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا وقوات المشير خليفة حفتر الذي بدأ في الرابع من نيسان/أبريل زحفا مسلحا من الشرق الليبي باتجاه العاصمة بهدف السيطرة على طرابلس.
ويقول عبدالعزيز بوراوي بصوته الأجش مرتديا بزة عسكرية "نلعب بهذه اللعبة بعد العودة من الجبهة، وأحيانا على الجبهة".
هذا الشاب البالغ 25 عاما ورفاق السلاح في "كتيبة مصراتة"، المدينة الواقعة في شرق طرابلس، يقاتلون في صفوف القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني في عين زارة على التخوم الجنوبية للعاصمة.

وفي عصر هذا اليوم، يأخذ هؤلاء قسطا من الراحة في معسكرهم في تاجوراء بضاحية طرابلس الشرقية.
وخلال استراحة المحاربين، ألقى عبدالعزيز ورفاقه وهم بأكثريتهم في العشرينات من العمر، رشاشاتهم وقاذفات "أر بي جي" الصاروخية جانبا ووضعوها على الطاولة.
وسحبوا هواتفهم ليباشروا لعبة "بابجي" مع انطلاقة تقليدية تقوم على قفز مئة لاعب من الطائرة لتبدأ مهمتهم على جزيرة وهي تقضي بجمع الأسلحة والقضاء على منافسيهم ليفوز لاعب وحيد في النهاية بعد مقتل الجميع.
ويشير عبدالعزيز إلى أنه اكتشف اللعبة عن طريق رفاقه وجرّبها من باب الفضول إلى أن أصبح شغوفا بها.
ويقول رفيق له مازحا "في الليل نلعب (بابجي). نحن لا ننام".
ويؤكد محمد وهو مقاتل في سن التاسعة عشرة "نلعب في الصباح وبعد الظهر والمساء".
وهو يلفت إلى أنه يتعلم الكثير من "الأسرار" القتالية بواسطة هذه اللعبة بينها كيفية توجيه النظر خلال القتال والزحف والتدرب، مشيرا إلى أن "بابجي" تبث الحماسة لدى المقاتلين قبل التوجه إلى الجبهة.
حول الطاولة يسمع أزيز أولى طلقات النيران تصدر من الهواتف.
ومع عيون شاخصة إلى الشاشات، يتبادل الشبان الأربعة التعليمات كما لو كانوا في ساح القتال… "انتبه ثمة أحدهم تحت الشجرة"، "انبطح"، "انت بعيد"، "ليس لديك سلاح؟ لا تقلق أنا هنا".
ويشير عبدالعزيز بوراوي إلى أن الخصوم الافتراضيين هم أنفسهم أولئك الذين يقاتلهم في شوارع عين زارة، أي عناصر قوات المشير حفتر.
ويقول أكرم وهو مقاتل آخر إن "الجبهة هي "بابجي" في الحياة الواقعية. لهذا نحب هذه اللعبة".
لكن عبدالعزيز يقول إن "ثمة فرقا كبيرا" بين القتال عبر "بابجي" والمعارك في الحياة الواقعية. ويقول "في اللعبة، عندما تموت يمكنك العودة للعب لكن في الواقع، عندما تموت فهذه النهاية".
وبعد جولة لعب استمرت عشر دقائق، يرفع أحد اللاعبين رأسه أخيرا عن الشاشة، ليرمي بهاتفه على الطاولة بعصبية ظاهرة ويقول "لقد فرغت بطاريتي".