جدال سوري أردني بشأن المتسبب بأزمة الشاحنات على الحدود

الانتظار الطويل لطوابير الشاحنات بسبب التدقيق المشدد بعد تصاعد عمليات تهريب المخدرات من سوريا إلى الأردن والتي باتت كابوسا بالنسبة لعمان.

دمشق – تحول الانتظار الطويل للشاحنات على الحدود الأردنية السورية إلى أزمة تسبب تلفا للحمولات وأضرارا مالية كبيرة لكلا الطرفين جراء التشدد من قبل السلطات الأردنية في عمليات التدقيق على البضائع خوفاً من دخول المخدرات إلى المملكة، بينما يتبادل مسؤولو البلدين الاتهامات حول المتسبب بالأزمة.

وأعلن رئيس اتحاد شركات شحن البضائع الدولي في سوريا محمد صالح كيشور، أن 150 شاحنة تلفت حمولتها نتيجة الانتظار الطويل، وقال في تصريحات لموقع "هاشتاغ" المحلي، أن التضييق على الشاحنات السورية مستمر منذ حوالي شهر ونصف، واصفاً ما تقوم به السلطات الأردنية من تشدد في الإجراءات بحثاً عن المخدرات في البضائع السورية، بأنه حجج واهية، وأمر معيب وغير مقبول.

وعن تأخير مرور الشاحنات الأردنية عبر سوريا، قال كيشور إن الجمارك يحق لها اتخاذ إجراءاتها النظامية للتدقيق في الأوراق، ولكن مع ذلك لا يتم تأخير شاحناتهم لعشرة أيام كما يفعلون مع السوريين، فالإجراءات الجمركية ربما تضطر إلى تأخير شاحنات الجانب الأردني من يوم إلى يومين كحدٍ أقصى.

غير أن الجانب الأردني ينفي هذه الرواية ويقول أن توقف العمل بالمنطقة الحرة السورية- الأردنية المشتركة تم بسبب "إجراءات معقدة جديدة" وضعتها الجمارك السورية تعوق العمل، وفق ما ذكرت وسائل إعلام أردنية في وقت سابق من الشهر الجاري.

وقال نقيب أصحاب شركات التخليص ونقل البضائع الأردني، ضيف الله أبو عاقولة، إن أكثر من 500 شاحنة بالجانب الأردني متعطلة بسبب "إجراءات تعسفية جديدة"، الأمر الذي أدى إلى خسائر كبيرة جراء تعطل الشاحنات والبضائع.

وأوضح أن الجانب السوري منع تنظيم أي بيان للشاحنات المتجهة إلى سوريا دون موافقة دائرة الجمارك السورية، ما أدى إلى تعطل حركة الشاحنات وإرباك العمل إذ تستغرق الموافقة أيام.

ولفت إلى أن المعدل اليومي لعبور الشاحنات الأردنية إلى سوريا قبل الإجراءات الجديدة تراوح بين 100 و120 شاحنة، فيما لم تعبر أي شاحنة بعد ذلك، مناشدًا الحكومة الأردنية للتدخل مع الجانب السوري لتسهيل انسياب البضائع.

في المقابل نفت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية السورية، وجود أي عرقلة لدخول الشاحنات الأردنية إلى سوريا. وقال وزير الاقتصاد، سامر الخليل، لصحيفة "الوطن" المحلية، إن الإجراءات الجمركية تأتي في السياق الطبيعي للتدقيق وضمان سلامة الوثائق، مشيرًا إلى أن حكومته تتواصل مع الجانب الأردني لضمان التبادل التجاري والحفاظ على مصلحة قطاع الأعمال في البلدين وسهولة مرور الشاحنات والبضائع بالاتجاهين.

وكان عضو لجنة تجار ومصدري الخضار والفواكه بدمشق، محمد العقاد، قال إن الصادرات السورية إلى الخليج انخفضت عن العام الماضي بنسبة كبيرة جدًا، بسبب "العرقلة الأردنية المقصودة لدخول البرادات السورية عبر معبر (جابر)، بهدف تسهيل دخول المنتجات الأردنية إلى السوق الخليجية، كبديل عن المنتجات السورية".

وأوضح العقاد أن عدد البرادات (الشاحنات) السورية التي تعبر الحدود الأردنية خلال الفترة الحالية يتراوح بين 25 و30 برادًا كحد أقصى، مشيرًا إلى أن الشاحنات السورية تقف على الحدود الأردنية لمدة تصل من 8 إلى 10 أيام قبل السماح لها بالدخول، ما يتسبب بتعرض هذه البضائع للتلف والضرر.

ويتعلق السبب الرئيسي في أزمة الشاحنات بعمليات تهريب المخدرات التي باتت كابوسا بالنسبة للسلطات الأردنية، وسبق أن أحبط الجيش الأردني محاولات عديدة لعمليات تهريب مخدرات في شحنات متنوعة، من سوريا إلى الأردن.

ويحاول المهربون نقل المخدرات نحو الأردن ومنها إلى دول الخليج العربي، بشتى الطرق والوسائل، بما في ذلك عبر معبر نصيب الذي يعتبر المنفذ البري الوحيد الذي يربط بين سوريا والأردن. وتتخذ محاولات تهريب المخدرات أشكالاً متعددة، ويقول مسؤولون أردنيون، على غرار حلفائهم الغربيين، إنّ هذه العمليات تتحكم فيها الميليشيات الإيرانية و"حزب الله" اللبناني، التي تسيطر على مناطق كبيرة من الجنوب السوري.

وصرح وزير الداخلية الأردني مازن الفراية إن ملف المخدرات "مؤرق"، مشيرًا إلى وجود زيادة في عدد القضايا المضبوطة خلال العام الحالي مقارنة بالعام الماضي.

وأضاف في مؤتمر صحفي الثلاثاء أن الأردن شهد زيادة في عمليات ضبط مادة "الكبتاغون" إذ ضبطت الحكومة الأردنية خمسة ملايين حبة مخدرة خلال العام الحالي، زيادة عن عمليات التهريب التي شهدتها العام الماضي.

ولفت إلى أن الإقبال على المراكز العلاجية من الإدمان على المخدرات محدود، موضحًا أن مركز الإدمان يتسع لـ 170 شخصًا، لكن عدد الموجودين فيه 60 شخصًا فقط.

وأشار إلى أنه في عام 2023 راجع 1368 شخصًا، مراكز الإدمان سواء مراجعة أو دخول ومبيت، في حين شفي تمامًا 1122 شخصًا، مضيفًا أن نسبة الشفاء عالية.

وأكد الفراية أنه "لا يوجد دليل مباشر على تورط دول بتهريب المخدرات إلى الأردن"، وتابع الفراية "ما أود قوله في هذا المجال أنه على كل دولة تقع مسؤولية حماية حدودها، رغم أنك كدولة غير متورط مباشرة وليس لدينا دليل على أنك متورط مباشر في تهريب المخدرات للأردن، لكن عليك ضبط حدودك ومنع وصول أي شيء ليس فقط المخدرات للأردن من خلال حدودك".

وقال إن بلاده لا تملك أي دليل حتى اليوم على وجود دول متورطة بتهريب المخدرات، معتبرًا أن كل دولة يقع على عاتقها حماية حدودها، ومنع الضرر بجيرانها.

وقبل يومين، أعلنت السلطات الأردنية عن ضبط محاولتي تهريب لحبوب مخدرة، بنحو 600 ألف حبة "كبتاغون".

ونقلت قناة "المملكة" عن الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام عامر السرطاوي، أن العاملين في إدارة مكافحة المخدرات تعاملوا خلال الأيام الماضية مع عدد من القضايا النوعية للتهريب والاتجار والترويج، ألقي القبص خلالها على 12 متورطًا.

وأحبطت السلطات محاولتي تهريب في قضيتين منفصلتين، ضبطت في الأولى 400 ألف حبة مخدرة حاول شخصان إدخالها إلى المملكة تمهيدًا لإعادة تهريبها لإحدى دول الجوار، وجرى إلقاء القبض على المتورطين الاثنين.

ووردت في القضية الثانية معلومات حول قيام شخصين بتجهيز كميات من الحبوب المخدرة ووضعها بمخبأ سري بإحدى مركبات الشحن تمهيدًا لتهريبها لدولة مجاورة.