جرائم قتل متواترة تشعل الجدل حول عقوبة الإعدام في تونس

الرئيس التونسي يدعو إلى تفعيل تنفيذ عقوبة الإعدام وسط انقسامات في الساحة التونسية بين مؤيد ومعارض للعقوبة التي صدرت بحق العديد من المدانين لكنها لمك تنفذ.
أكثر من جريمة قتل في أقل من أسبوع تصطدم التونسيين
غياب أحكام ردعية تسبب في ارتفاع نسبة الجريمة في تونس
قاتل الفتاة رحمة من ذوي السوابق الإجرامية

تونس - أثارت جرائم قتل متتالية منها قتل فتاة تونسية اثر خروجها من العمل، الجدل من جديد حول عقوبة الإعدام بعد أن دعا الرئيس قيس سعيّد إلى تطبيقها، فيما أطلق نشطاء على فيسبوك حملة لتفعيل تنفيذ أحكام الإعدام بينما يحشد آخرون لتنظيم مظاهرة تأييدا لهذا المسار، في حين يرفضه آخرون يتصدرهم حقوقيون.

ويرى كثيرون أن غياب الأحكام الردعية كان سببا في تواتر الاعتداءات وجرائم القتل وأن على السلطة أن تتحمل مسؤوليتها كاملة في مواجهة ظاهرة خطيرة تزايدت بشكل لافت بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011.

ويصدر القضاء التونسي أحكاما بالإعدام خصوصا في حق المتهمين بتنفيذ هجمات "إرهابية"، لكن لا يتم تنفيذها منذ ثلاثين عاما وتحديدا منذ العام 1991.

وعثرت الشرطة على جثة الفتاة رحمة (29 عاما) الأسبوع الماضي ملقاة في خندق على الطريق بين العاصمة تونس ومنطقة المرسى في منطقة خضراء أهملتها السلطات وتحولت إلى مرتع لشرب الخمر والمخدرات.

وقامت الشرطة بتوقيف المتهم واثر التحقيق الأولي معه اعترف بقيامه بجريمة القتل بأن خنقها بيديه ثم سرق هاتفها وهو تحت تأثير الكحول، وفقا لبيان صادر عن وزارة الداخلية.

وفي تصريح إذاعي، طالب والد الضحية الذي تلقى دعما واسع من شرائح كثيرة من المجتمع التونسي، بالقصاص وتطبيق عقوبة الإعدام.

وأثارت الحادثة جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي وردود فعل من منظمات المجتمع المدني ووُصفت "بالبشعة".

وأصدرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بيانا أكدت فيه أن "الإعدام لا يردع ولا يحد من تفشي الجريمة" وجددت المطالبة بإلغاء هذه العقوبة.

وقال الرئيس التونسي خلال اجتماع أمني الاثنين "من قتل نفسا بغير حق جزاؤه الإعدام"، مضيفا "توفر له (المتهم) كل ظروف الدفاع عن النفس وإذا ثبت أنه ارتكب قتل نفس أو أكثر فلا أعتقد أن الحلّ هو كما يدعي البعض عدم تنفيذ عقوبة الإعدام".

وأضاف في مستهل الاجتماع "لكل مجتمع خياراته ولنا خياراتنا ومبادئنا والنص موجود" في إشارة إلى الفصل السابع من المجلة الجزائية والتي ينص فيها على أن "ينفذ حكم الإعدام شنقا".

وقال قيس سعيد "لن يتمتع بالسراح مرّة أخرى أو بالتقليص في العقوبة من ارتكب مثل هذه الجرائم البشعة"، مضيفا "إذا كان هناك عفو فلمن يستحقه لا لمن أجرم مرتين، ويبدو أن القاتل الذي قبض عليه قتل في السابق وتمتع بعفو سابق".

والقاتل من أصحاب السوابق العدلية، حيث أكد الثلاثاء الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للسجون والإصلاح سفيان مزغيش  في تصريح لإذاعة موزاييك المحلية الخاصة أن قاتل الشابة رحمة بجهة عين زغوان الشمالية كان قد أودع في سجن المرناقية في 2013 من أجل ارتكابه وتورطه في قضية القتل العمد المصحوب بالسرقة.

وبحسب نفس المصدر صدر بتاريخ 12 يونيو/حزيران 2014 في شأنه حكم يقضي بعدم سماع الدعوى لعدم المؤاخذة الجزائية وتم إطلاق سراحه في نفس تاريخ الجلسة.

وأضاف مزغيش أنها لم تكن القضية الوحيدة التي حزوكم فيها وأنه بتاريخ الخامس من مايو/ايار أي بعد أشهر من إطلاق سراحه أودع سجن الهوارب بعد أن حكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات من أجل تكوين وفاق قصد الاعتداء على أملاك وأشخاص ومحاولة السرقة والاعتداء بالعنف الشديد على موظف والسكر الواضح، لكن تم استئناف الحكم الابتدائي ليطلق سراحه مؤقتا من طرف محكمة الاستئناف بالقيروان بتاريخ 20 يناير/كانون الثاني 2016.

وعبر الرئيس التونسي وهو أستاذ قانون دستوري خلال حملته الانتخابات الرئاسية في العام 2019 عن رفضه لإلغاء عقوبة الإعدام. ويقرّ الدستور التونسي للعام 2014 "الحق في الحياة" ولا يلغي جريمة الإعدام.

وتصدر عشرات الأحكام بالإعدام سنويا في تونس، وفقا لمنظمة مناهضة للتعذيب في تونس وتحصي نحو مئة شخص أعدموا في البلاد قبل 1991.