جرعة أكسجين للسياحة الصحراوية بتونس تهب من 'الكثبان الإلكترونية'

بعد توقف ثلاث سنوات، مهرجان موسيقي راقص غرب تونس يستقطب وسط الصحراء آلاف الرواد من البلاد وخارجها وسط ديكور مهجور من فيلم 'ستار وورز'.

عنق الجمل (تونس) - استضاف موقع عنق الجمل الصحراوي التونسي في الأيام الماضية مهرجان "الكثبان الإلكترونية" بعد توقف ثلاث سنوات بمشاركة عشرات منسقي الأسطوانات وآلاف الرواد، في مؤشر إلى انتعاش السياحة في هذه المنطقة في غرب تونس.

يتردد صدى الموسيقى الصاخبة وصولا إلى قطيع الجمال المجاورة فيما أنوار الليزر تتمايل على كثبان الصحراء التونسية.

يوضح ليوبولد بوانيان (22 عاما) الذي أتى من باريس للرقص في عنق الجمل وزيارة مدينة توزر "سبق لي أن زرت تونس العاصمة والآن أتيت إلى المهرجان".

ويضيف الطالب في العلوم السياسية "ثمة أسماء بارزة مثل آدم بورت وكونستانتان سيبولد لكننا أتينا أيضا من أجل التجربة. فنحن محاطون بديكور يشبه أجواء 'ستار وورز' والسهر وسط الكثبان أمر مميز فعلا".

تتجاور المنصات الحديد وأكشاك المشروبات مع ديكور مهجور من فيلم "ستار وورز: ذي فانتوم ميناس".

وكانت عنق الجمل أشهر المواقع في تونس ألتي اختارها جورج لوكاس لتصوير مشاهد من شباب سكياووكر في 1976 و1999. وتستقطب بقايا ديكور بلدة موس إيسبا المتخيلة عشرات آلاف السياح سنويا.

خلال المهرجان يبث عرض الأنوار ومعه الحضور، الحياة في هذه المحطة السيئة السمعة التي كان يعمل فيها اناكين سكايووكر قبل أن يصبح جداي.

"نتوقف للزيارة"

من لا يرقص من الحضور، يحتمي من البرد والرياح في خيم أمازيغية أو حول موقد نار. وقد تواصلت الموسيقى دونما انقطاع على مدى يومين حتى مساء الأحد.

وتسيّر الشرطة والجيش دوريات في المكان الواقع على بعد أقل 40 كيلومترا من العاصمة الجزائرية.

ويشكل التونسيون غالبية رواد المهرجان الذين يزيد عددهم عن خمسة آلاف.

وسبق لأنيس الوافي الذي وضع نظارات حمراء أن أتى مرة واحدة إلى جنوب تونس ليوم واحد مع مجموعة من الأصدقاء. ويقول مصفف الشعر من نابل (شرق) الذي أتى رفقة أصدقاء إيطاليين وفرنسيين "هذه المرة نتوقف لزيارة المنطقة".

وكانت ثورة 2011 وسلسلة هجمات قاتلة سقط خلالها عشرات السياح في 2015، وجهت ضربة قاسية لقطاع السياحية الحيوي في البلاد.

ومنذ ذلك الحين باتت الرحلات إلى الجنوب رغم أنه بمنأى عن هذه الهجمات، تقتصر على ذهاب وإياب في اليوم نفسه لزيارة الصحراء من مجمعات فندقية كبيرة على الساحل ما وضع تجار توزر في وضع صعب.

ويقول التاجر نجا رمزي الذي تراجعت عائداته بشكل كبير في السنوات العشر الأخيرة "الأكثر عددا الآن هم الروس لكنهم لا يشترون إلا المياه. الوضع صعب لأن جل ما لدينا هنا هي التمور والسياحة".

فنادق محجوزة بالكامل

لكن مع تحسن الوضع الأمني، بدأت أعداد كبيرة من المصطافين تعود إلى تونس في السنوات الأخيرة وراحت المنطقة تستضيف فعاليات أكثر.

فقد أطلق ماراتون صحراوي يمتد على مئة كيلومتر تحت اسم "ألترا ميراج الجريد" ومهرجان توزر السينمائي الدولي ومهرجان للموسيقى الصوفية بعنوان "روحانيات" إضافة إلى استئناف فعاليات قديمة.

وباتت الفنادق محجوزة بالكامل في مراحل معينة ويأتي السياح لفترات أطول.

وشهد عدد نزلاء الفنادق ارتفاعا للسنة الثالثة على التوالي، على ما يؤكد مفوض السياحة في توزر يوسف صوف. وحتى 30 تشرين الأول/أكتوبر الماضي زاد عدد الزوار بنسبة 27 % على سنة فيما ارتفع عدد الليالي في الفنادق بنسبة 29 %.

وأعادت فنادق فتح أبوابها فيما تكثر النزل العائلية وتدشن مجموعة “انانتارا” التايلاندية الفخمة فندقا 5 نجوم في نهاية كانون الأول/ديسمبر.

ويقول صلاح أكون الذي يواجه صعوبة في كسب لقمة العيش مع عربته التي تجرها جياد "آمل أن ياخذ السياح وقتهم ليتنزهوا ويزوروا الواحة والمدينة". وهو يعتبر "إنها الطريقة الوحيدة ليستفيد عدد أقصى من العائلات في هذه المنطقة المهمشة".