جريمة سريلانكا.. ستتكرر مراراً وتكراراً

فقهاء يشرعون مثل هذه الجرائم أنهم يدعون إلى أعمال وتصرفات لا بد وأن تنتهي إلى الإرهاب ولا يمكن اجتثاثها من المخيلة المسلمة المعاصرة إلا بنقد التراث الفقهي وإعادة قراءته خاصة تلك المقولات التي تعتبر القتل عند الاختلاف مسوغاً لحصاد رؤوس المخالفين في الدين أو المذهب.

بقلم: محمد آل الشيخ

عملية سريلانكا كانت عملية إرهابية بشعة لا يمكن أن يقبلها، فضلاً عن أن يبررها إنسان سوي، غير أننا يجب أن نعترف بأن أولئك القتلة السفاحين الذين قاموا بها، وقاموا بعشرات مثلها في العراق وسوريا وليبيا هم مسلمون، وتتلمذوا وتم استقطابهم وتحويلهم إلى وحوش بشرية من مسلمين، ومن أفتى لهم بالعمليات الانتحارية هم مسلمون أيضاً، على رأسهم الإرهابي الضال المضل يوسف القرضاوي، وطلاب هذا الإرهابي ومريدوه ما زالوا يعيشون، ويلعبون على المسلمين من البسطاء والسذج ويجنودنهم كأعضاء في هذه الخلايا الدموية التي لم يبق أحد إلا وشجبها واستقذرها واعتبرها أهم إساءة للإسلام منذ فرقة الحشاشين الباطنية وحتى اليوم؛ فالقرضاوي ظهر في صورة فوتوغرافية وهو في لقاء الإرهابي (زهران هاشم) الذي قاد ونفذ هذه العملية الإرهابية.

النقطة التي أقولها هنا، وقد قلتها مراراً، وقد لا يقبلها من يتخفون وراء أصابعهم، أن هناك مقولات في تراثنا واجتهادات بعض فقهائنا تشرع مثل هذه الجرائم، وتدعوا إليها، أو أنها تدعو إلى أعمال وتصرفات لا بد وأن تنتهي إلى الإرهاب، ولا يمكن أن نجتثها من المخيلة المسلمة المعاصرة إلا بنقد هذا التراث وإعادة قراءته، خاصة تلك المقولات التي تعتبر (القتل) عند الاختلاف مسوغاً لحصاد رؤوس المخالفين في الدين أو المذهب.

هناك أحاديث نبوية لا أشك لوهلة أنها نُسبت للرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، وهو لا يمكن أن يتلفظ بها، لأنها تنسف تعاليم القرآن الكريم، فهل يعقل أن يقدم عاقل حديثاً لم يدون إلا في بدايات القرن الثالث، رواه شخص واحد، يقدمه على قرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تعهد الله -جل وعلا- بحفظه، وهل ثمة عاقل يقدم حديثاً ظني الرواية، على قرآن قطعي الدلالة، بغض النظر عمّن رواه، فيكفي اختلافه مع النص السماوي اليقيني لنرده ولا نحفل به، ولا ما أمر به.

نعم وألف نعم فكل كتب التراث يجب أن نعيد قراءتها، ولا نكتفي بصحة السند، فما وافق القرآن قبلناه، وما اختلف معه أو ناقض مدلوله فيحق لنا أن نتوقف عنده، ولا نكترث به ولا بما يقول الله -جل وعلا- يقول في القرآن الكريم: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}، فكيف تستقيم هذه الرحمة مثلاً مع الحديث المنسوب إلى الرسول (أنا الضحوك القتال)؟..

ثم كيف يستقيم قولهم (إن الله لا يحب المعتدين) بإنها آية منسوخة، تتلى ولا يعتد بمعناها، فهل يحق يا عباد الله أنه جل وعلا غير رأيه، وأصبح يحب المعتدين، مثل أولئك الهمج الأعاجم المسلمين الذين اعتدوا على الناس في سريلانكا؟

إن مقولاتكم هذه وتقديسكم لكتب التراث التي كتبها أو رواها أو نقلها لنا وفسر معناها رجال ليسوا معصومين، يخطئون ويصيبون، ولا أراهم إذا خالفوا النص القرآني إلا مخطئين أو أن في سندها خللاً، وهذا هو السبب والباعث والدافع الذي أفرز لنا هؤلاء الوحوش البشرية الدموية الذين يسمون داعش أو القاعدة أو الإخونج، ومن قال غير ذلك فهو يبرر لهم أفعالهم، لأنهم في حقيقة الأمر يعتمدون على هذه الكتب ويُنفذون ما تأمرهم به.

وما زلت أتذكر تغريدة قالها أحد الفقهاء، ويحمل للأسف درجة الدكتوراه حين قال عن داعش مهوناً ما اقترفوه من جرائم: (إخواننا وبغوا علينا)، وما زالت تغريدته لدي، ولم أسمع أنه اعتذر عنها.

ختاماً أقول: إذا لم نواجه كتب التراث التي يمتلئ بها موروثنا الفقهي، فلن نبرح مكاننا قيد أنملة.

نُشر في الجزيرة السعودية