جزائريون يقفون على الأطلال المحترقة

السلطات الجزائرية تواصل جهودها المضنية لإخماد الحرائق المستعرة منذ أيام مدعومة بطائرات خاصة تم استئجارها من أوروبا.

الجزائر - بدأ سكان المناطق المتضررة من الحرائق شمال شرق الجزائر العودة إلى بيوتهم المتلفة تماما بفعل النيران، فيما لا يزال جلهم يشعر بالألم والخوف من هول مشاهد اللهب التي أتلفت مساحات شاسعة وتسببت في مقتل العشرات.

تستمر جهود إخماد النيران التي اجتاحت شمال الجزائر منذ أربعة أيام، مدعومة بطائرات خاصة تم استئجارها من أوروبا، في اليوم الأول من الحداد الوطني على أرواح 69 قتيلا قضوا في الحرائق التي تغذيها ارتفاع درجات الحرارة.

وبلغ عدد قتلى حرائق الغابات 69 بينهم 28 عسكريا كانوا يساعدون في إطفاء النيران، بحسب آخر حصيلة أعلنتها السلطات مساء الأربعاء.

وقضى 37 مدنيا في تيزي وزو وأربعة في بجاية المجاورة. وتقول السلطات إن الحرائق التي اندلعت الاثنين، مفتعلة.

وأظهرت صور فيديو التقطها مصور وكالة فرنس برس في تيزي وزو مساحات شاسعة من الغابات أتلفتها النيران، وتمكن أفراد الحماية المدنية وقوات الجيش ومتطوعون من إخمادها. وبدأ سكان القرى الواقعة في المناطق العودة إلى بيوتهم التي كانوا فروا منها، وقالوا إن الخسائر كبيرة.

وتحدث أحدهم عن فقدان كل ما يملك "لم يبق شيء. احترقت ورشتي وسيارتي في الطابق الأرضي، بينما شقتي في الطابق الأعلى لم يبق منها شيء، حتى البلاط تحطّم من شدّة النيران".

ومع ذلك، يواسي هذا الشخص نفسه بأنه تمكن من إنقاذ نفسه وعائلته "بينما جيراني ماتوا وتركوا أطفالا وراءهم".

وفي اليوم الرابع من حرائق الغابات، تواصل فرق الإطفاء العمل على إخماد عشرات الحرائق في شمال شرق البلاد وصولا إلى الحدود مع تونس.

ويشارك 800 رجل و115 شاحنة في إخماد الحرائق بمساندة مروحيتين من المجموعة الجوية التابعة للحماية المدنية ومروحيات تابعة للجيش.

وستعزز فرق الإطفاء بطائرتين ابتداء من الخميس بعدما "توصلت الجزائر إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي يقضي باستئجار طائرتين كانتا قيد الاستغلال في اليونان"، بحسب بيان للحكومة.

وحصلت أكبر الحرائق في تيزي وزو وبجاية ثم ولايات جيجل وسكيكدة وعنابة والطارف، وكلها مناطق ساحلية متجاورة مطلة على البحر الأبيض المتوسط.

على الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، المنطقة الأكثر تضررًا خلال الأسبوعين الماضيين، خلفت سلسلة من الحرائق الضخمة ثمانية قتلى على الساحل التركي وثلاثة قتلى في اليونان حيث لا تزال بعض الحرائق مشتعلة.

حرائق ضخمة
حرائق ضخمة

حرائق إجرامية

وزار رئيس أركان الجيش الفريق سعيد شنقريحة الأربعاء وحدات الجيش في تيزي وزو وبجاية لتعزية العساكر الذي فقدوا رفاقهم. وانتقل رئيس الوزراء أيمن عبدالرحمان الخميس، في أول يوم حداد أعلنه الرئيس عبدالمجيد تبون، إلى تيزي وزو مع وزراء الصحة والداخلية والفلاحة.

وأكد بن عبدالرحمان أن "جرد الخسائر يبدأ اليوم دون انتظار إخماد كل الحرائق"، و"وعد بتخصيص ميزانية خاصة لتعويض الضحايا"، كما نقل عنه التلفزيون الحكومي.

وكشف رئيس الوزراء أن السلطات الأمنية والقضائية لديها "أدلة علمية بأن الحرائق إجرامية"، من دون إعطاء تفاصيل.

وكان النائب العام في تيزي وزو عبدالقادر عمروش، اعتبر أن الدليل على أن الحرائق فعل إجرامي هو "اشتعال النيران يوم 9 أغسطس/آب في آن واحد وفي نقاط غابية مختلفة"، كما نقل عنه موقع الإذاعة الرسمية، موضحا أن العقوبات تصل في حق "من أضرم النيران وتسبب في وفاة أشخاص أو احتراق مساكن إلى الإعدام".

ودون انتظار القضاء، أوقف سكان في منطقة الأربعاء ناث إيراثن شخصا اتهموه بأنه وراء إشعال الحرائق، "وقاموا بالاعتداء عليه قبل أن يضرموا فيه النار حتى مات"، بحسب ما أكدت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في بيان.

وطالبت الرابطة السلطات "بفتح تحقيق فوري لتحديد المسؤوليات وإحقاق العدل".

وتضم الجزائر، وهي أكبر دولة إفريقية، 4.1 ملايين هكتار من الغابات فقط مع نسبة إعادة تشجير متدنية بلغت 1.76 بالمئة.

وتشهد البلاد حرائق غابات سنويا، وقد أتت النيران عام 2020 على حوالى 44 ألف هكتار.

وتنتشر ظاهرة الحرائق في عدد من دول العالم، وترتبط بعناصر مختلفة توقعها العلماء، لا سيما ظاهرة الاحتباس الحراري. وتعتبر الزيادة في درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار مزيجًا مثاليًا لتطور الحرائق.

ومنذ الأحد، نبهت نشرة خاصة لمصالح الأرصاد الجوية بالجزائر من ارتفاع درجات الحرارة في المناطق التي شهدت حرائق الغابات.

وذكرت النشرة أن درجات الحرارة ستصل إلى 46 أو47 درجة خاصة يوم الثلاثاء الذي شهد اندلاع أكبر الحرائق.