جنازات مبتكرة مع مساحة أنيقة للحزن بلا تعقيدات في مصر

شركة ناشئة تسعى لإحداث تغيير في سوق دفن الموتى بعيدا عن مقدمي تلك الخدمات من التقليديين الذين يعملون في المجال منذ زمن.

القاهرة - تنتظر مريم محمد (23 عاما) عند طاولة لامعة في بهو مستشفى في القاهرة، وعندما يتوفى مريض تعرض على أحبائه قائمة بخدمات الدفن ومراسم الجنازات التي تتراوح أسعارها بين 4500 و9000 جنيه مصري (287 و 574 دولارا).
وتعمل مريم مع شركة ناشئة بمصر تقدم مجموعة كاملة من خدمات الجنازات والدفن للعملاء المستهدفين في المستشفيات، الشركة اسمها سُكنة وشعارها (سكون للعائلة.. سكون لأحبابكم). وتقول الشركة إنها تتيح للمفجوعين مساحة للحزن خالية من التعقيدات والبيروقراطية المعتادة.
وتحصل شركة سُكنة على نحو 90 في المئة من عملائها من خلال تعاقدات لها مع 15 مستشفى، الأمر الذي يتيح لها تقديم خدمات الدفن والجنازات للمكلومين الجدد بعيدا عن مقدمي تلك الخدمات من التقليديين الذين يعملون في المجال منذ زمن.
وفي الجنازات يتولى موظفون بالزي الرسمي لشركة سُكنة ترتيب الكراسي والمظلات والمناديل لأهل المتوفى والمعزين.
وقال أحمد جاب الله، مؤسس شركة سُكنة والذي كان يعمل في فيسبوك وغوغل قبل أن يؤسس شركته في 2019، "أنا اسمي أحمد جاب الله، أنا مؤسس شركة سُكنة، أنا عندي 39 سنة، أنا ابتديت الشركة دية بهدف أساسي هو إن من حق أي شخص في العالم إن هو يبقى عنده وقت إن هو يودع أحباءه بطريقة فيها سلام وهدوء. طبعا رؤيتنا للشركة وإحنا بنحاول نحقق إيه، إحنا الهدف الأساسي هو إن إحنا نشيل العبء من ع الناس في الظروف الصعبة دي. الوقت طبعا بتاع حالة الوفاة بيكون وقت صعب جدا، الناس بتكون عندها حزن طبعا شديد وكده، فميبقاش كمان لسه فيه إجراءات وحاجات لازم تتعمل ويضطروا هم يشيلوا العبء ده ويعملوه في الوقت الصعب".

وأضاف لتلفزيون رويترز "هي برضه حاجة بالنسبة لنا، يعني فينا وكفريق وكأشخاص هو إن إحنا مؤمنين جدا إن الموت مش بيفرق ما بين غني وفقير وإن إحنا مهتمين بإن إحنا نساعد كل الناس. فيه حالات طبعا بتجيلنا بتكون حالات غير مقتدرة خالص، إحنا بنقدر إن إحنا نساعدها بطريقة كويسة جدا. برضه في التعاقدات مع المستشفيات إحنا فيه حالات برضه بتبقى غير مقتدرة خالص، فإحنا بنقدر إن إحنا نساعدها، وساعات بنعمل حالات بطريقة مجانية بحيث إن إحنا نقف مع الناس في الوقت الصعب ده. تاني الموت مش بيفرق ما بين غني وفقير، إحنا بالنسبة لنا ده مش هدفنا، إحنا مش هدفنا إن إحنا نكسب فلوس، إحنا هدفنا إن إحنا نساعد الناس في الوقت ده ونغير فعلا من المجال ده في مصر بحيث إن كل إنسان هنا يقدر إن هو يبقى عنده نهاية فيها تحضر زي أي حتى (مكان) تانية في العالم".
وتتيح سُكنة خدمات بعيدة كل البعد عن تلك التي يقدمها الحانوتيون التقليديون في مصر منذ زمن، مثل محمد محمود الذي يعمل حانوتيا في القاهرة منذ ما يقرب من نصف قرن.
فمحمود يقدم التوابيت والسيارة والسائق لكن مع قليل من العرض الحديث الأنيق الذي تتيحه سُكنه.
ويمتلئ محل الحانوتي الخاص بمحمود (65 عاما) بالأكفان البيضاء والتوابيت المطلية بالورنيش والمياه العطرة، ويقع المحل في حي شبرا بالقاهرة حيث ولد وترعرع الرجل.
ويرى محمود أن تعاقدات شركة سُكنة مع المستشفيات مصدر إحباط له موضحا أنه طُرد من المستشفيات التي كان يبحث فيها عن عمل.
وقال "1200، 1300، 1000 جنيه، 1100، 1400 جنيه (64-89 دولار)، مُغسل أو مُغسلة وعربية وكفن وسواق والكلام ده، أما تروحلك الشركة وتقولك 6000 جنيه و7000 جنيه (382-446 دولار)، أنت كإدارة مستشفى راضي بالموضوع ده ليه؟".
وأضاف جاب الله "الأول كان فيه ضغط، أو كان فيه رفض كبير ولكن مع الوقت لما ابتدأ الناس اللي موجودين في المجال ده يتعاونوا معانا ويشوفوا قد إيه إحنا بنساعدهم في التطوير وإن إحنا بنساعدهم مش بس يطوروا من نفسهم ماليا وإن هم يعملوا حالات الوفاة بطريقة أكثر نظاما وكده، ولكن برضه النظرة المجتمعية ليهم".
وقالت هبة عمر، وهي امرأة مصرية استخدمت شركة سُكنة، "من هنا بقه كمان بدأت أشعر إن قد إيه هم، حسيت إن الشباب اللي واقف هم من العيلة، يعني هم مش حد غريب، الناس كلها نزلت وهم نزلوا، الشماسي، الميه، حطوا سماعات عشان يحطوا الأدعية طول الوقت، والأول كانوا حطوا قرآن، وبعد كده حطوا أدعية، وبعدين طول الوقت هم محاوطينك بشكل رهيب: عايزة حاجة؟ طيب أنتوا ناقصكوا حاجة؟. بعدين مامة البنت الحقيقة فضلت قاعدة فترة كبيرة قوي حتى بعد الدفن، فضلت قاعدة فترة كبيرة، إحنا بقينا نقول لها ياللا نمشي، مش عاوزة تمشي، هم فضلوا قاعدين لحد آخر وقت".
وتقدم سُكنة خدمات إضافية تصل إلى 5000 (نحو 318 دولارا).