جنرال عراقي: الحشد اختراع إيرانيّ.. والعامري يعترض

ذراع قوية لإيران وقوة نفوذ محتملة لها في بلد عانى فترات من عنف مروع على مدى 15 عاماً كان أغلبها على أيدي مليشيات استغلت ضعف الدولة لإذكاء التوتر الطائفي عقب الغزو الأميركي الذي أطاح بنظام صدام حسين في عام 2003.

  ترجمة: حامد أحمد

في شريط فيديو بثه الحشد الشعبي على موقعه الإلكتروني يظهر فيه أفراد من قواته وهم يعتلون شاحنة بيك أب في مهمة دورية بمدينة القائم الحدودية غرب العراق التي كانت أحد آخر المعاقل التي تم تحريرها من التنظيم. شريط الفيديو لايتحدث عن مهمة قتالية بل يبيّن دور قوات الحشد في المساعدة لإعادة إعمار مستشفى محلي في القائم بعد تحريرها من داعش.

هذا الشريط كان قد بُثّ على موقع الحشد قبل أيام من إعلان فوز قائمة الحشد السياسية (الفتح) بالترتيب الثاني في انتخابات 12 أيار البرلمانية. الآن وبينما يتفاوض السياسيون في ما بينهم على تشكيل الحكومة القادمة وانطلاقاً من الحملة الدعائية لدور الحشد وقائمة الفتح الانتخابية في البلد، فهل سيكون للحشد المؤلف مما يقارب 120 ألف شخص دور بناء أو مزعزع لفترة ما بعد داعش في العراق؟

بالنسبة لمؤيدين فإن مقاتلي الحشد يعتبرون منقذين دافعوا عن بلدهم في أحلك الظروف عندما اجتاح داعش ثلث البلد تقريباً وقدموا وفقاً لمسؤولين ما يقارب 8000 شهيد خلال حرب دامت ثلاث سنوات ضد داعش .

أما بالنسبة لمعارضين تجاه الحشد فإنهم يقولون أصبح بمثابة ذراع قوية لإيران وقوة نفوذ محتملة لها في بلد عانى فترات من عنف مروع على مدى 15 عاماً، كان أغلبها على أيدي مليشيات استغلت ضعف الدولة لإذكاء التوتر الطائفي عقب الغزو الأميركي الذي أطاح بنظام صدام حسين في عام 2003 . ويتخوف بعض المسؤولين العراقيين والغربيين من أن تصبح قوى الحشد قوة ظل شبيهة بالحرس الثوري الإيراني، أو حزب الله اللبناني الذي له أجنحة سياسية وعسكرية في العراق.

قال جنرال عراقي إن "الحشد اختراع إيراني يقوده رجال تابعون لإيران. إيران لديها الحرس الثوري والعراق لديه الحشد الشعبي".

يعترض هادي العامري، الرجل السياسي والقيادي في الحشد الذي قاد الحشد في معارك ضد داعش على هذا الوصف بقوله: "نحن نرفض ذلك. هذا تفكير خاطئ... إنه شأن داخلي".ويقول محللون إن الحشد هو شيء ما بين قوات الحرس الثوري الإيراني وحركة حزب الله اللبناني.

وعلى النقيض من ذلك فإن الحشد الذي يتألف من عشرات الفصائل المسلحة لا يعتبر نسيجاً متجانساً. ومع ذلك كانت كل من الولايات المتحدة والحشد، بشكل غير مباشر تجمعهم شراكة فعالة في العراق بهدف مشترك واحد هو إلحاق الهزيمة بداعش .

ويقول الدبلوماسي الأميركي روبرت فورد، زميل معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط، إن السؤال الكبير المطروح الآن هو ما الدور الذي سيضطلع به الحشد بعد انتهاء مرحلة داعش؟، مشيراً الى أنه يعتقد بأنّ العامري سيفضل البقاء على الحياد بين إيران والولايات المتحدة، ولكن إذا تفاقم العداء بين الخصمين بشكل حاد فإن ولاءه سينحاز عندها إلى طهران .

أضاف الدبلوماسي فورد بقوله إن "العامري وجميع الشيعة العراقيين تقريباً يعرفون أن النفوذ الاميركي في المنطقة سيزول عاجلاً أم آجلاً، ولكن إيران ستبقى دائماً جارة لهم". في تشرين الثاني عام 2016 صوّت البرلمان العراقي على قرار بجعل الحشد قوة مستقلة بميزانية قدرها 1.6 مليار دولار يكون ارتباطها بمكتب رئيس الوزراء بدلا من وزارتي الداخلية والدفاع .

تقوم الآن قوات الحشد بتنفيذ دوريات في المناطق المحررة بضمنها مدينة القائم وهي المنطقة الحدودية الستراتيجية بين العراق وسوريا، كما تسيطر على نقاط تفتيش في معظم مناطق العراق .

يقول ريناد منصور، محلل من مركز جاثام هاوس للدراسات الذي أجرى بحثاً بخصوص الحشد الشعبي: "العامري يلعب دور رجل الدولة عندما يناسبه الأمر، أما المطاف الأخير للحشد فإنه إما يسيطر على الدولة، أو يكون جزءاً منها إذا لم يستطع تحقيق ذلك".

ويضيف منصور بقوله إنه مكون من "مجاميع مسلحة مرتبطة بأحزاب وشخصيات سياسية تشكل مشكلة في كل أنحاء البلد، إنها جزء من مشكلة أكبر تتعلق في كيفية الحد من العنف حول البلاد وحصر السلاح بيد الدولة".

ويعطي موقع الحشد الإلكتروني صوراً متضاربة، إذ إن بياناته تسلّط الضوء على جهوده في توفير خدمات طبية وتسويات بين عشائر وترميم جوامع وطرق وجسور ومدارس في المناطق المحررة، بينما قادته يتحدثون عن نيتهم إنشاء جامعة يطلق عليها جامعة الشهداء".

ويقول ناثنيل رابكن، وهو محلل أمني من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إن سعي الحشد في الدخول إلى المجال الأكاديمي هو مثال على كيفية محاولته لأن يكون له دور أيديولوجي "في صياغة الطريق الذي سيسلكه العراق".

بينما توجد صور له معلّقة خارج مكتبه وهو بالزي العسكري عند خطوط القتال الأمامية ضد داعش، يقول كريم النوري، سياسي من قائمة الفتح، في حديث لصحيفة فايننشل تايمز البريطانية: "قسم من قادة الحشد أصبحوا سياسيين، ولكنهم يخدمون العراق لحماية الدولة. نحن سندخل البرلمان بملابس مدنية وليست عسكرية".

يقول محلل عراقي "إذا لم تتعرض مكاسب الحشد للتهديد فإنه قد يكون قوة جيدة، ولكن ستكون لهم مطالب كثيرة وسيحشرون أنفهم في كل شيء، كما هو الحال مع الحرس الثوري الإيراني... الحشد أهم قوة ضغط خلقتها إيران بعد حزب الله اللبناني".

أما العامري، فإنه لا يأبه لهذا الرأي حيث يقول: "تخلصوا من عقدة إيران التي لديكم. اذهبوا وحلّوا الحرس الوطني في أميركا وفي السعودية ثم ارجعوا لي. لو حللتم قوات البيشمركة سنحلّ الحشد الشعبي، ولكنكم تقبلون بالبيشمركة وتهللون لهم. هذه معايير مزدوجة".

صحيفة فايننشل تايمز البريطانية
نشر النص العربي في المدى البغدادية