جنوب سوريا يخلو من الدولة الاسلامية

قوات النظام السوري تسيطر على آخر جيب للدولة الاسلامية في الجنوب بعد انسحاب مقاتليها من المنطقة التي شهدت عمليات خطف وقتل وتسليم رهائن.

بيروت - سيطرت قوات النظام السوري السبت على آخر جيب تحصن فيه تنظيم الدولة الاسلامية على تخوم محافظة السويداء جنوباً، فيما تعرضت مواقعه في شرق البلاد لضربات شنّها التحالف الدولي بقيادة واشنطن أوقعت عشرات القتلى.
ومُني التنظيم المتطرف خلال العامين الماضيين بهزائم متلاحقة في سوريا، حيث لم يعد يسيطر الا على جيوب محدودة في أقصى محافظة دير الزور وفي البادية السورية شرق حمص.
وبعد نحو أربعة أشهر من القصف والمعارك، سيطرت قوات النظام السبت على منطقة تلول الصفا ذات الطبيعة الجغرافية الوعرة والواقعة عند الحدود الادارية بين محافظتي السويداء وريف دمشق، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن "سيطرت قوات النظام السبت على تلول الصفا بعد انسحاب مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية منها باتجاه البادية السورية شرقاً".
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" من جهتها نقلا عن مصدر عسكري أن وحدات الجيش أحرزت "تقدماً كبيراً في تلول الصفا" بعد سيطرتها "على أعلى التلال فيها"، وهي تتابع "تطهير المناطق المحررة من مخلفات تنظيم داعش الإرهابي" بعدما "قضت على أعداد كبيرة منهم".
وبعد شنه هجمات دموية طالت مدينة السويداء وريفها الشرقي في 25 تموز/يوليو تسببت بمقتل أكثر من 260 مدنياً، وخطف اثرها نحو ثلاثين مدنياً، انكفأ التنظيم الى هذه المنطقة التي تعرف بجروفها الصخرية القاسية وكثرة كهوفها.

توقعات بانسحاب ما بين 700 وألف من مقاتلي الدولة الاسلامية من تلول الصفا جراء اتفاق مع قوات النظام

وتتعرض المنطقة منذ نحو أربعة أشهر لغارات ازدادت وتيرتها في الأسابيع الأخيرة مع حشد قوات النظام تعزيزات عسكرية في محيطها وخوضها مواجهات عنيفة ضد مقاتلي التنظيم. وتسببت الغارات والمعارك بمقتل 245 من قوات النظام ومسلحين موالين لها مقابل 425 على الأقل من الجهاديين، بحسب المرصد.
ورجّح عبد الرحمن أن يكون انسحاب ما بين 700 وألف مقاتل من التنظيم من هذا الجيب قد تمّ "جراء اتفاق مع قوات النظام التي حاصرتهم على مدى أسابيع واستهدفت مواقعهم بغارات كثيفة".
وتأتي سيطرة قوات النظام على المنطقة، بعد أيام من اعلان دمشق تحرير 17 مخطوفاً من نساء وأطفال احتجزهم التنظيم خلال هجمات دموية شنها في 25 تموز/يوليو على محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية.
وخطف التنظيم حينها 30 شخصاً، أعدم اثنين منهم بينما توفيت امرأة مسنة خلال فترة خطفهم، ثم أفرج عن ستة رهائن الشهر الماضي بموجب اتّفاق تبادل أسرى مع الحكومة السورية. وقتل ثلاثة آخرون قبل تحرير من تبقى في الثامن من الشهر الحالي اثر عملية للجيش، وفق ما أعلنت دمشق.
على جبهة أخرى في شرق البلاد، أفاد المرصد السبت عن مقتل "36 مدنياً بينهم 17 طفلاً من افراد عائلات التنظيم في غارات نفذها التحالف فجر السبت على قرية أبو الحسن الواقعة في آخر جيب تحت سيطرة الجهاديين في محافظة دير الزور.
كما قتل سبعة آخرون جراء هذه الضربات، لم يتمكن المرصد من تحديد ما "إذا كانوا مدنيين أم جهاديين". وقال عبد الرحمن "إنها حصيلة القتلى الأكبر جراء غارات للتحالف، منذ بدء قوات سوريا الديموقراطية هجومها" في المنطقة في 10 أيلول/سبتمبر.
وأكد المتحدث باسم التحالف الدولي الكولونيل شون راين في تصريح السبت "توجيه قوات التحالف ضربات على منطقة أبوالحسن" لكنه شدد على أنه "ما من خسائر مدنية مرتبطة بتلك الضربات".
ويكثف التحالف في الأسبوعين الأخيرين وتيرة استهدافه لهذا الجيب، وأعلن تنفيذه في الفترة الممتدة بين الرابع والعاشر من الشهر الحالي 150 ضربة.

قوات سوريا الديمقراطية تخسر ما كسبته في ديرالزور
قوات سوريا الديمقراطية تخسر ما كسبته في ديرالزور

ومنذ بدء الهجوم، أحصى المرصد مقتل 234 مدنياً بينهم 82 طفلاً جراء ضربات التحالف، الذي غالباً ما ينفي تعمّد استهداف مدنيين في ضرباته ضد الجهاديين.
ويُقدّر التحالف وجود نحو ألفي عنصر من التنظيم في هذا الجيب. ويوضح راين أن المعركة ضد التنظيم "لا تزال معركة صعبة، ويزيد من صعوبتها استخدام التنظيم في أماكن مثل هجين المدنيين كدروع بشرية". ويضيف "يستولون (الجهاديون) على دور العبادة وأماكن أخرى كالمستشفيات ويستخدمونها للتخطيط وكمقرات قيادة".
وغالباً ما يلجأ التنظيم عند حصاره ومع اقتراب المعارك من معاقله الى استخدام المدنيين كدروع بشرية في محاولة للحد من الضربات الجوية ضد مواقعه ومقراته.
واستأنفت قوات سوريا الديموقراطية الأحد الماضي هجومها ضد التنظيم، بعد عشرة أيام من تعليقه رداً على قصف تركي طال مواقع كردية في شمال البلاد. وهي تحظى بدعم من قوات التحالف عبر غارات جوية وقصف مدفعي.
ولم تتمكن هذه القوات من تحقيق أي تقدّم بارز منذ بدء عملياتها، بعدما استعاد التنظيم كافة المواقع التي تقدّمت إليها منذ أيلول/سبتمبر.
وقال القيادي في صفوف قوات سوريا الديموقراطية ريدور خليل لفرانس برس السبت "العمليات مستمرة الآن. وأحرزنا تقدماً ميدانياً خلال الأيام الماضية لكنه تقدم حذر نتيجة حقول الألغام والتحصينات التي أقامها داعش من خنادق وأنفاق ومتاريس".
واستقدمت قوات سوريا الديموقراطية وفق المرصد نحو 1700 مقاتل من مناطق سيطرتها في اليومين الأخيرين الى محيط الجيب الأخير للتنظيم، في اطار مساعيها لانهاء وجود الجهاديين في شرق الفرات.
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبب منذ اندلاعه في منتصف آذار/مارس 2011 بمقتل أكثر من 360 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.