جنون الخيال العلمي يتحقق في شريحة دماغية لتعديل المزاج

باحثون من كوريا الجنوبية يختبرون رقاقة ذكية فائقة الصغر يتم توصيلها بالعقل البشري للتخلص من العديد من الأمراض النفسية.
هذه التكنولوجيا قد تحدث ثورة في عالم أبحاث الدماغ
الشريحة تساعد في علاج الإدمان والاكتئاب ومرض باركنسون

لندن - بدأ العلماء في تطوير شريحة ذكية فائقة الصغر يتم توصيلها بالعقل البشري للتخلص من العديد من الأمراض وعلى رأسها الاكتئاب والحزن.
قد تبدو الفكرة ضربا من الخيال العلمي، لكن مجموعة من الباحثين في المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا في كوريا الجنوبية، يعكفون حاليا على اختبار هذه الشريحة على الفئران، ويتوقعون أن تكون مساهماً قوياً في علاج الكثير من المشاكل الصحية.
الرقاقة الذكية التي ستتحكم في المزاج من خلال تطبيق تم تحميله على الهاتف والذي يرسل إشارات معينة إلى الدماغ، عبارة عن غرسة دماغية صغيرة جدًا تحتوي على مصابيح ليد، بحيث لا يتجاوز حجم المصباح الواحد حجم حبة الملح، وقد تم تركيب هذه المصابيح بأجهزة استشعار رفيعة جدًا (سمك شعرة الإنسان)، كما يمكن لهذه المستشعرات أن تتلاعب لاسلكيًا بالخلايا العصبية المستهدفة في الدماغ باستخدام الضوء.
وتم تصنيع الشريحة من بوليمرات فائقة النعومة تتوافق مع الأنسجة الحيوية التي يتكون منها الدماغ، وبعبارات أبسط، هذه الشريحة عبارة عن نظام إلكتروني ضوئي قابل للزرع في الدماغ يمكن التحكم فيه عن بُعد باستخدام هاتف ذكي.
وقاد البروفيسور جاي وونغ جيونغ الدراسة التي أنتجت هذه الشريحة والتي نشرت في مجلة "نيتشر كوميونيكشن" في 22 يناير/كانون الثاني 2021.
ويقول الباحثون إن لهذه الشريحة قدرة على التأثير على الدماغ والتحكم في الحالة المزاجية، كما يمكن استخدامها لعلاج العديد من الأمراض.
فوائد الشريحة
وفقا لموقع "ساينس ديلي" تُستخدم الأضواء الموجودة على الرقاقة لإرسال رسائل إلى الخلايا العصبية في الدماغ، وبالتالي يمكن استخدامها في أي مكان وزمان للتعامل مع الدوائر العصبية، مما يجعلها أداة متعددة الاستخدامات للغاية، حيث تشمل فوائدها، استخدامها لعلاج أمراض الدماغ والأعضاء الأخرى، والكشف عن الاضطرابات العقلية والأمراض العصبية التنكسية وعلاجها مثل الإدمان والاكتئاب ومرض باركنسون، واستخدامها في عمليات زرع الدماغ.

ما يجعل هذه الشريحة أكثر إثارة للإعجاب هو القدرة على توصيلها بتطبيق عبر الهاتف الذكي، ويمكن أيضًا شحنها لاسلكيًا من خارج الجسم

وهي كتقنية لاسلكية، ستكون بديلاً عمليًا لتقنيات الزرع التجريبية المطبقة على الحيوانات، حيث تسمح بحرية الحركة للحيوانات أثناء الدراسة ، كما أنها تقلل من الإجهاد والالتهابات التي قد تسببها تقنيات الزرع الأخرى.
ويمكن تطبيق نفس التقنية على أنواع مختلفة من الغرسات بما في ذلك أجهزة تنظيم ضربات القلب وأجهزة المعدة، وقد تحدث هذه التكنولوجيا ثورة في عالم أبحاث الدماغ.
الشحن اللاسلكي والتحكم في الهواتف الذكية
ما يجعل هذه الشريحة أكثر إثارة للإعجاب هو القدرة على توصيلها بتطبيق عبر الهاتف الذكي، ويمكن أيضًا شحنها لاسلكيًا من خارج الجسم.
ولتمكين الشحن والتحكم، يمكن للحقل المغناطيسي المتناوب اختراق الأنسجة بشكل غير ضار، وتوليد الكهرباء داخل الشريحة لشحن البطارية عبر شريحة البلوتوث.
بمعنى آخر، لن تكون هناك حاجة لإجراء عمليات جراحية دورية طويلة الأمد لاستبدال بطارية الغرسة.
وقال المؤلف الرئيسي المشارك مين جيونغ هون، الباحث في كلية الطب بجامعة يونسي في كوريا الجنوبية "إن إعادة شحن البطارية لاسلكيًا تجعل الإجراءات التجريبية أقل تعقيدًا بكثير".
واختبر علماء الأعصاب بنجاح هذه الغرسات على الفئران بعد حقنها بالكوكايين، وتمكنوا من التحكم في سلوك الفئران وقمع الأعراض الناتجة عن المنشط باستخدام تطبيق هاتف ذكي يتحكم في الشريحة المزروعة في أدمغة الفأر، وكانت التجارب سلسلة بسبب إمكانية التحكم في الشريحة عن بعد، وكذلك بسبب إمكانية شحن البطارية لاسلكيًا من خارج الجسم، مما يسمح بدراسة سلوك الفئران أثناء تحركها بحرية تامة.
قال جيونغ هون: "أمر مثير للغاية أنه يمكننا التحكم في سلوك حيوان معين من خلال توفير التحفيز البصري فقط للدماغ، عبر التلاعب البسيط في تطبيق الهاتف الذكي ومشاهدة الحيوانات تتحرك بحرية في مكان قريب".