جهود عراقية لا تهدأ لإنهاء تهديدات بقايا داعش

اعتقال القوات العراقية لـ12 عنصرا من تنظيم الدولة يأتي بعد أيام من إعلانها قتل ما لا يقل عن 20 إرهابيا خلال مايو الجاري وإلقاء القبض على آخرين، بينما لا يزال يشكل التنظيم خطرا على أمن العراق في ظل انتشار خلاياه النائمة وعودة نازحين من مخيم الهول يشتبه في انتمائهم لداعش.

بغداد - ألقت القوات العراقية السبت ضمن جهودها المكثفة في مهمة إنهاء خطر تنظيم الدولة الإسلامية القضاء نهائيا على تواجده، القبض على 12 من عناصر التنظيم في عمليات أمنية متفرقة بمحافظة نينوى 400/ كم شمالي بغداد.

وقالت خلية الإعلام الأمني في قيادة العمليات المشتركة، في بيان صحفي اليوم، إن "قوات وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في وزارة الداخلية  تمكنت بعمليتين  منفصلتين من إلقاء القبض على 12 إرهابياً بمناطق متفرقة من محافظة نينوى مطلوبين وفق أحكام قانون الإرهاب".

وذكرت أن المعتقلين يعملون كمقاتلين بما يسمى ديوان الجند وقاطع دجلة و المعسكرات العامة وديوان العسكر تحت أسماء مختلفة.

وأوضحت أنه  من خلال التحقيقات الأولية معهم اعترفوا بالاشتراك بعدد من العمليات الإرهابية ضد القوات الأمنية والمواطنين وحث المواطنين بالانضمام لداعش وتجنيدهم كخلايا نائمة وعلى مجموعتين في محافظة نينوى .

يأتي هذا بينما تستمر السلطات العراقية في تكثيف جهود ملاحقة عناصر التنظيم الإرهابي للقضاء على بقاياه واجتثاث خلاياه النائمة في محافظات ديالى (شرق) وكركوك ونينوى (شمال) ضمن المنطقة المعروفة باسم "مثلث الموت".

وتمكن الجيش العراقي خلال الأسابيع القليلة الماضية من تصفية ما لايقل عن عشرين عنصرا من التنظيم في عمليات أمنية نوعية تم ضبط 202 عبوة ناسفة و963 قطعة سلاح في الفترة الممتدة بين 1 و21 مايو/أيار الجاري.

وخلال الشهور الأخيرة زادت وتيرة هجمات مسلحين يشتبه بأنهم من "داعش"، لا سيما في المنطقة بين كركوك وصلاح الدين (شمال) وديالى (شرق).

وأعلن العراق عام 2017 تحقيق النصر على "داعش" باستعادة كامل أراضيه، التي كانت تقدر بنحو ثلث مساحة البلاد اجتاحها التنظيم صيف 2014، إلا أن التنظيم لا يزال يحتفظ بخلايا نائمة في مناطق واسعة بالعراق ويشن هجمات بين فترات متباينة.

وبينما تكثف السلطات العراقية جهود القضاء على داعش، تثير عودة عشرات العائلات العراقية التي يشتبه بارتباطها بتنظيم الدولة الإسلامية من مخيم الهول في سوريا إلى الموصل مخاوف في صفوف سكان المنطقة إذ لا تزال ذكرى فظائع هذا التنظيم المتطرف ماثلة في الأذهان.

فتحت جنح الظلام ووسط حراسة أمنية مشددة، عبرت نحو مئة عائلة عراقية ليل الثلاثاء من مخيم الهول في سوريا، إلى العراق لتستقر في مخيم الجدعة الواقع جنوب الموصل.

وهي المرة الأولى التي يعاد فيها نازحون عراقيون من الهول الذي يضم أكثر من 60 ألف شخص بينهم أقارب لمقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية. وقال مسؤول في الإدارة المحلية الكردية في شمال شرق سوريا، إن العملية نظمت بموجب اتفاق بين بغداد والتحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية الذي تقوده واشنطن، وتشكل "الموجة الأولى" على أن تليها دفعات أخرى.

العائدون من مخيم الهول "قنبلة موقوتة" بالنسبة لسكان نينوى شمال العراق
العائدون من مخيم الهول "قنبلة موقوتة" بالنسبة لسكان نينوى شمال العراق

أعادت العملية إلى أذهان الكثير من سكان الموصل ذكرى فظائع تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر على المنطقة مدة تزيد عن ثلاث سنوات.

يؤكد عمر البالغ 28 عاما والذي فقد والده على يد التنظيم المتطرف لوكالة فرانس برس أمام مقبرة تضمّ ضحايا التنظيم، "الرفض القاطع لأهالي القيارة" حيث يقع مخيم الجدعة "لعودة هؤلاء، فأفكارهم متشددة وداعمة للتنظيم".

ويضيف "لا يمكن التعايش معهم" فيما لا يزال مصير نحو 200 من أبناء المنطقة مجهولا بعدما اعتقلهم التنظيم. وكانت القيارة إحدى أولى المناطق التي تحررت من براثن الجهاديين في منطقة الموصل.

يؤكد مدير ناحية القيارة صالح حسن الجبوري "هناك رفض شعبي كبير لعودتهم خاصة وأنهم كانوا من سكان مخيم الهول" الذي يضمّ عشرات آلاف النازحين من سوريين وعراقيين بينهم أفراد عائلات مقاتلي التنظيم.

ووصلت إلى الجدعة 90 عائلةً، وفق الجبوري، معظم أفرادها من النساء والأطفال ويقدّر عددهم بنحو 300، فيما يضمّ المخيم 7500 نازح، بينهم جهاديون.

قنبلة موقوتة

ويعود القلق الأساسي لخلو موضوع نقل هذه العائلات "من أي شفافية"، على ما يشرح عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان علي البياتي.

ويقول إن مصدر الخشية الأول برأيه يتمثل بعدم وضوح "ما إذا كانت تلك العائلات قد خضعت لتدقيق أمني أو مساءلة خصوصاً وأن غالبية العائلات التي كانت في مخيم الهول تابعة لتنظيم الدولة الاسلامية وعليها ملاحظات أمنية كثيرة".

ويرى البياتي أنه "كان ينبغي التأكد من عدم وجود أي تهمة ضدهم ومن عدم ارتكابهم أي جريمة ضد مدنيين في الحرب أو مشاركتهم فيها"، قبل إعادتهم، في حين يؤكد مدير ناحية القيارة إلى أن معظمهم من النساء والأطفال ولا يشكلون بالتالي خطراً.

في المقابل تؤكد السلطات العراقية على لسان وزيرة الهجرة ايفان فائق، بأن "الأجهزة الأمنية استأنفت التدقيق الأمني" بهؤلاء العائدين.

إلا أن ذلك لا يطمئن عمر الذي يتخوف من أن "القادم سيكون سيئاً لأنهم أصبحوا قريبين جداً علينا". ويردف "بعضهم قنبلة موقوتة".

لا تزال مسألة النازحين في العراق عالقة ومعقدة.

فبعد ثلاث سنوات من إعلان العراق هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، لا يزال هناك 1.3 مليون نازح، في مقابل 3.2 ملاينن في العام 2016، وفق الأمم المتحدة.

وكان التنظيم المتطرف اجتاح مساحات واسعة من العراق في 2014، وتسببت ممارساته وانتهاكاته لا سيما في حق الأقلية الايزيدية، ثم المعارك مع القوات الحكومية لطرده، بموجات نزوح.