جهود غريفيث تمنح الحوثيين فرصة لتعزيز تحصيناتهم بالحديدة

المعلومات الواردة من الحديدة تؤكد أن الميليشيا الانقلابية تستغل تعليق الإمارات مؤقتا للعملية العسكرية لاستقدام تعزيزات وحفر عشرات الخنادق وسط شوارع رئيسية وفرعية بالمدينة.

ميليشيا الحوثي تحاور غريفيث وتحفر الخنادق
الحوثيون يناورون لكسب الوقت من أجل إعادة ترتيب صفوفهم

الخوخة (اليمن) - استغل الحوثيون تعليق دولة الإمارات للعملية العسكرية في الحديدة بشكل مؤقت لتعزيز دفاعاتهم وتحصيناتهم، ما يؤكد مرة أخرى أنهم لا يعتزمون الانسحاب.

وكانت أبوظبي قد علقت العملية العسكرية مؤقتا لإتاحة الفرصة للجهود التي يقودها المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث من أجل إقناع المتمردين بتسليم الحديدة سلميا.

وبدا واضحا أن الميليشيا الانقلابية المدعومة من إيران تناور لكسب الوقت لإعادة ترتيب صفوفها بعد أن انهارت دفاعاتها على أكثر من جبهة بعد تحرير القوات اليمنية بإسناد إماراتي مطار الحديدة الدولي.

وكانت مصادر غربية قد نقلت عن الحوثيين قولهم إنهم مستعدون لقبول إشراف أممي رقابي على إيرادات ميناء الحديدة.

لكنهم لم يظهروا في الوقت ذاته أي مرونة لتسليم المدينة والانسحاب منها طوعا، وسط أنباء عن خلافات حادة في صفوف قادة الصف الأول في الجماعة الشيعية حول تسليم المدينة أو مواصلة القتال.

ويعتبر شق من الحوثيين أن تسليم المدينة والانسحاب منها يعني بداية الانهيار الفعلي للميليشيا الانقلابية.

وقال سكان في مدينة الحديدة إن الحوثيين حفروا عشرات الخنادق الجديدة وسط شوارع رئيسية وفرعية وحولوا حاويات نفايات ومجسمات خرسانية إضافية إلى عوائق.

وأكدوا أن حفر الخنادق وإقامة العوائق امتد من مدينة الحديدة، مركز المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، إلى المديريات والطرق الرئيسية المحاذية للمدينة.

وذكرت مصادر في القوات الحكومية المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية، أن تعزيزات عسكرية للمتمردين الحوثيين وصلت إلى مدينة الحديدة. كما استقدمت القوات الحكومية تعزيزات إضافية إلى مواقعها عند الأطراف الجنوبية للمدينة.

وأوضحت المصادر أن الطرفين يستعدان لخوض مواجهات جديدة بعد أيام من الهدوء.

وكانت الإمارات، الشريك الرئيسي في التحالف والتي تقود عمليات القوات الحكومية عند الساحل الغربي لليمن باتجاه مدينة الحديدة، أعلنت الأحد أنها أوقفت "مؤقتا" العملية العسكرية من أجل إفساح المجال أمام جهود مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث لتسهيل عملية تسليم مدينة الحديدة "دون شروط".

وتضم الحديدة ميناء رئيسيا تدخل منه غالبية المساعدات والمواد التجارية والغذائية الموجهة إلى ملايين السكان في البلد الذي يعاني من أزمة إنسانية كبيرة ويهدد شبح المجاعة نحو 8 ملايين من سكانه، لكن التحالف يعتبره ممرا حيويا لإمدادات الأسلحة الإيرانية للحوثيين ولمهاجمة سفن في البحر الأحمر.

ويقود غريفيث الذي يزور صنعاء حاليا جهودا لإقناع الحوثيين بتسليم الميناء والمدينة لتجنب حرب شوارع فيها.

مارتن غريفيث في صنعاء للمرة الثانية في أقل من أسبوعين
غريفيث يستطلع مدى تجحاوب الحوثيين مع فرصة الانسحاب سلميا من الحديدة

وبدأت القوات الموالية للحكومة هجومها في 13 يونيو/حزيران بمساندة الإمارات وتمكنت من السيطرة على مطار الحديدة الواقع في جنوب المدينة بعد نحو أسبوع من المعارك، قبل أن يتوقف الهجوم مع بدء المبعوث الدولي جولات مكوكية بين صنعاء وعواصم مجاورة سعيا للتوصل إلى حل سياسي.

وتضم القوة التي وحدتها الإمارات لشن الهجوم على ساحل البحر الأحمر "ألوية العمالقة" التي ينخرط فيها آلاف المقاتلين الجنوبيين الذين كانوا في السابق عناصر في قوة النخبة في الجيش اليمني والمقاومة التهامية التي تضم عسكريين من أبناء الحديدة موالين لسلطة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.

وثالث هذه القوى هي المقاومة الوطنية التي يقودها طارق محمد عبدالله صالح، نجل شقيق الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي قتله حلفاؤه السابقون الحوثيون في ديسمبر/كانون الأول 2017. وطارق صالح لا يعترف بسلطة الرئيس هادي.

ومنذ 2014، يشهد اليمن حربا بين المتمردين الحوثيين والقوات الموالية لهادي، تصاعدت مع تدخل السعودية على رأس التحالف العسكري في مارس/اذار 2015 دعما للحكومة المعترف بها دوليا بعدما تمكن المتمردون من السيطرة على مناطق واسعة من البلاد بينها

ورغم تراجع حدة المعارك منذ سيطرة القوات الموالية للحكومة على مطار مدينة الحديدة، نفذ التحالف العسكري غارات متواصلة على مواقع المتمردين في مناطق أخرى من المحافظة.

وقالت مصادر طبية في محافظة الحديدة إن 54 شخصا، بينهم 11 مدنيا، قتلوا في غارات جوية في مناطق زبيد والتحيتا وبيت الفقية الواقعة جنوب مدينة الحديدة في اليوم الماضيين.

وبهذا يرتفع عدد القتلى منذ بدء الهجوم نحو المدينة إلى 483 قتيلا.

وبحسب المعلومات الواردة من الحديدة فإن المتمردين يتحصنون وسط المباني السكنية لتفادي استهدافهم باتخاذ سكان المنطقة دروعا بشرية.