جهود وقف النار في قره باغ تجري تحت أزيز القصف المستمر

هيئة الوساطة التاريخية في النزاع الأرميني الأذربيجاني تجتمع في جينيف لبحث وقف الصراع على إقليم ناغورني قره باغ، فيما تتواصل عمليات القصف المتبادل من كلا الجانبين.
تركيا تستمر في تجنيد المرتزقة السوريين للقتال في قره باغ
آمال ضعيفة في التوصل لتهدئة بين أذربيجان وأرمينيا
الحصيلة المعلنة لقتلى المعارك في قره باغ تبلغ نحو 400 قتيل
مخاوف من تدويل النزاع في منطقة تتداخل فيها مصالح أطراف خارجية
مقتل 50 مرتزقا سوريا في معارك قره باغ

ستيباناكرت - لم تظهر أي مؤشرات تهدئة الخميس في ناغورني قره باغ حيث استمر القصف بين الانفصاليين الأرمن وقوات أذربيجان قبل أول اجتماع للوساطة الدولية حول هذا النزاع في جنيف.

وواصلت قوات أذربيجان طوال ليل الأربعاء الخميس قصف ستيباناكرت، كبرى مدن إقليم قره باغ الانفصالي، فيما استمر قصف القوات الأرمينية على مناطق مأهولة في اذربيجان.

وأعلنت السلطات الأرمينية إصابة كاتدرائية تاريخية في ناغورني قره باغ في قصف للقوات الأذربيجانية.

وسيلتقي قادة مجموعة مينسك هيئة الوساطة التاريخية في النزاع التي تضم روسيا والولايات المتحدة وفرنسا، وزير الخارجية الأذربيجاني جيهون بيرموف خلال النهار في جنيف.

وتتولى هيئة الوساطة الدولية البحث عن حل بالتفاوض للنزاع القائم منذ تسعينات القرن الماضي. وأسفرت أول حرب بين الانفصاليين الأرمن والقوات الأذربيجانية عند انهيار الاتحاد السوفياتي عن سقوط 30 ألف قتيل.

وأعلنت الخارجية الأذربيجانية أن "هدف الزيارة هو عرض موقف أذربيجان حول تسوية النزاع".

وأبدت باكو تصميمها على استعادة إقليم قره باغ الذي تسكنه غالبية أرمينية بالقوة، مؤكدة أن النزاع لن ينتهي إلا بانسحاب القوات الانفصالية والأرمينية.

وفي هذا السياق استبعد متحدث باسم وزارة الخارجية الأرمينية عقد لقاء بين وزيري خارجية أذربيجان وأرمينيا في جنيف لأنه "لا يمكن أن نفاوض بيد ونقوم بعمليات عسكرية باليد الأخرى"، منددا بعدوان أذربيجاني على قره باغ.

القصف يدمر أجزاء من كاتدرائية تاريخية في قره باغ
القصف يدمر أجزاء من كاتدرائية تاريخية في قره باغ

ولن ترسل أرمينيا بالتالي مسؤولا كبيرا الخميس إلى اجتماع جنيف.

في المقابل، يلتقي وزير الخارجية الأرميني زهراب مناتساكانيان نظيره الروسي سيرغي لافروف الإثنين في موسكو.

وأعرب وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان عن أمله بأن تسمح اجتماعات جنيف وموسكو بـ"التوصل إلى بدء مفاوضات".

لا يمكن أن نفاوض بيد ونقوم بعمليات عسكرية باليد الأخرى

ميدانيا، استمرت المعارك وعمليات القصف لليوم الثاني عشر على التوالي وشملت المدنيين من جانبي خط الجبهة، من غير أن تلوح تهدئة في الأفق.

وأفادت السلطات الانفصالية أن النزاع أدى إلى نزوح نصف سكان ناغورني قره باغ البالغ عددهم حوالى 140 ألفا.

وتعرضت ستيباناكرت عاصمة الجمهورية المعلنة من طرف واحد مجددا لعمليات قصف من القوات الأذربيجانية ليل الاربعاء الخميس، ودوت صفارات الإنذار مرات عديدة خلال الليل، تلتها في كل مرة انفجارات قوية.

ولم يعرف تحديدا نوع الأسلحة المستخدمة لكن السلطات المحلية أفادت عن قصف بصواريخ "سميرتش" من عيار 300 ملم على المدن.

ويمكن رؤية صواريخ لم تنفجر تبدو من هذا الطراز في المدن، فيما دمر القصف عددا من المساكن بالكامل مخلفا حفرا يصل بعضها إلى عشرة أمتار، ما يشهد على قوة القذائف المستخدمة.

كما تحلق طائرات بدون طيار باستمرار فوق المدينة ولا سيما خلال النهار وتنفذ عمليات قصف متفرقة على أهداف محددة على ما يبدو.

من جهتها تتهم أذربيجان الانفصاليين بـ"إطلاق النار على المناطق المأهولة" ذاكرة منها باردينسك وأغجابيدين وغورانبوي وترتار وأغدام. وقالت وزارة الدفاع الأذربيجانية "هناك قتلى وجرحى".

في المقابل، قالت وزارة الدفاع في قره باغ إن الوضع على الجبهة كان خلال الليل "مستقرا إنما متوترا"، مشيرة إلى "استئناف المعارك في الشمال والجنوب" قبل الظهر.

وبلغت الحصيلة الرسمية للمعارك منذ 27 سبتمبر/أيلول 300 إلى 400 قتيل بينهم خمسون مدنيا، لكن هذه الأعداد لا تزال جزئية إذ لا تعلن باكو خسائرها العسكرية، كما يؤكد كل من الطرفين أنه كبد الآخر آلاف القتلى في صفوف جنوده.

القصف العشوائي يستهدف مناطق مأهولة في أذربيجان وقره باغ
القصف العشوائي يستهدف مناطق مأهولة في أذربيجان وقره باغ

يثير تجدد القتال مخاوف في الخارج من "تدويل" النزاع في منطقة تتداخل فيها مصالح روسيا وتركيا وإيران والغرب، لا سيما وأن باكو تحظى بدعم تركي فيما ترتبط موسكو بمعاهدة عسكرية مع يريفان.

ووجهت اتهامات إلى تركيا بالتدخل في النزاع بإرسال معدات وقوات.

وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يلعب دور الحكم في المنطقة بأنه في حال امتدت المعارك إلى خارج قره باغ لتطال أرمينيا، فإن موسكو ستفي بـ"التزاماتها" بموجب تحالفها العسكري مع يريفان.

وفي سياق التدخلات التركية، أكد نشطاء في شمال غرب سوريا، أن تركيا جندت مسلحين سوريين للقتال في المعارك الجارية بين أرمينيا وأذربيجان، وذلك مقابل المال.

وتدعم أنقرة بعض الفصائل المسلحة في الصراع السوري المستمر منذ تسع سنوات.

وقال أحد النشطاء شريطة عدم الكشف عن هويته خوفا على سلامته، إن "المسلحين ومعظمهم من الفصائل المدعومة من تركيا، مثل لواء السلطان مراد ولواء حمزة ودرع الفرات، يذهبون مقابل المال".

وأوضح ناشط آخر "إنهم في الأساس مقاتلون يائسون تجندهم تركيا مقابل نحو 1500 إلى 2000 دولار أميركي شهريا".

وقال مصدر مقرب من لواء السلطان مراد إن 50 مقاتلا من الفصيل قتلوا خلال الأيام الثلاثة الماضية في منطقة ناغورني قره باغ المتنازع عليها بين أذربيجان وأرمينيا، فضلا عن إصابة العشرات بجروح.

واعتبر أن "المشكلة الرئيسية هي أن المقاتلين السوريين غير مدربين على القتال في مثل هذه المناطق"، مضيفا أن نحو ألفي مسلح غادروا سوريا إلى أذربيجان عبر مطار غازي عنتاب التركي.

وصرح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، بأن معظم من غادروا للقتال في المعارك بين أرمينيا وأذربيجان هم "مقاتلون مدربون قاتلوا من قبل في مناطق جبلية في اللاذقية بسوريا".