جواد حسن نصرالله.. والعقوبات الأميركية

هدف العقوبات الأميركية على أسماء برمزية جواد حسن نصرالله هو سياسي قبل أن يكون تقنيا أو ماديا ويأتي في وقت تضع الإدارة الأميركية حزب الله في عين العاصفة في حملتها ضد إيران وكونه الذراع العسكري والسياسي الأقوى والأكثر فعالية لطهران إقليميا.

بقلم: جويس كرم

اختارت واشنطن هذا الأسبوع رفع معيار المواجهة والضغوط ضد حزب الله اللبناني، مضيفة نجل أمينه العام، جواد حسن نصرالله على لائحة "الإرهاب العالمي" وعدد من ممولي الحزب على لوائح الحظر.

العقوبات تفترض من الناحية النظرية تجميد أصول ووقف التعاملات المالية مع أو عبر الولايات المتحدة لهؤلاء الأسماء المدرجة على اللوائح. إنما في حال حزب الله فالضغط السياسي وعزله كقوة سياسية وقص أجنحته داخليا هو الهدف الأكثر واقعية هنا.

بداية، جواد نصرالله وعدنان حسين كوثراني وشبل محسن عبيد الزيدي ويوسف هاشم ومحمد عبد الهادي فرحات وخليل يوسف حرب، وهيثم علي طبطبائي الذين تم إدراجهم أو تحديد جوائز بقيمة خمسة ملايين دولار للوصول لبعضهم، ليست لديهم حسابات مصرفية في الولايات المتحدة، ولا يعملون ولا يتنقلون في وضح النهار للقيام بأنشطتهم لدى حزب الله. ما يجمعهم هو الارتباط بالنشاطات العسكرية لحزب الله سواء في تنسيق عمليات في خلايا داخل الضفة الغربية أو اليمن أو سوريا أو في التواصل مع الحرس الثوري وفيلق القدس، بالإضافة إلى تمويل بعضهم هذه الأنشطة.

لذلك فإن هدف العقوبات الأميركية على أسماء برمزية جواد حسن نصرالله هو سياسي قبل أن يكون تقنيا أو ماديا. ويأتي في وقت تضع الإدارة الأميركية حزب الله في عين العاصفة في حملتها ضد إيران وكونه الذراع العسكري والسياسي الأقوى والأكثر فعالية لطهران إقليميا. وعليه فهي تسعى من خلال العقوبات الجديدة باتجاه هدفين:

١-الأول إلغاء التمايز بين جناحي حزب الله السياسي والعسكري، وفي ذلك رسالة للأوروبيين الذين يفرقون بين الاثنين وللداخل اللبناني عشية تشكيل الحكومة اللبنانية (في حال تشكلت). والرسالة هنا أن الإدارة الأميركية لا تفرق بين الجناحين، وهي ترصد أنشطة القياديين في الحزب كما تحذر الحكومة اللبنانية من الالتفاف على العقوبات أو منح حزب الله وزارات سياسية وخدماتية قد يستفيد منها ماليا في تمويل أنشطة عسكرية.

٢-الهدف الثاني هو الضغط على البيئة الحاضنة لحزب الله وعلى مناصريه من رجال أعمال وأثرياء حول العالم، مثل أدهم طباجة أو الحلقة التي تدور حوله. فالقيادات الحزبية لا تقوم بتعاملات مصرفية وليس لديها شبكات مالية متشعبة من أفريقيا إلى آسيا وأميركا اللاتينية، وهي تعتمد على نجاحات الكثيرين في بيئتها الحاضنة في التمويل والدعم.

يبقى السؤال، ما فرص نجاح هذه العقوبات؟

الإجراءات الاقتصادية الخارجية وحدها لن تؤذي حزب الله الذي يعتمد اليوم على السيولة النقدية في تمويله وتسيير نشاطاته من لبنان إلى اليمن. إنما ما قد تفعله هذه العقوبات وخصوصا تلك الموجهة على القطاع النفطي في إيران هو الحد من السيولة النقدية بالدولار وبالتالي خلق إشكاليات للحزب. هذا يعني لبنانيا، أن حزب الله مضطر للاعتماد أكثر على مصادر التمويل الداخلية وعلى البيئة الحاضنة له، والتي ستتأذى بشكل مباشر من العقوبات.

لذلك، فإن الأثر غير المعلن للعقوبات هو إضعاف حزب الله سياسيا بسبب الضائقة المالية، مقابل إمكانية تحوله بشكل أكبر نحو الجهود العسكرية. ففي وقت تدرج فيه واشنطن أسماء قياديي الحزب، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال أن الحزب ساهم في انشقاق مقاتلين معارضين للنظام السوري وضمهم لصفوف الأسد في الجنوب السوري لقاء مبلغ ٢٥٠ دولار شهريا.

الأنشطة العسكرية باتت أسهل على حزب الله سواء في سوريا أو غيرها من خوض المعارك السياسية، وهذا ما قد تعززه فرضية العقوبات بزيادة الضغوط على الحزب في الداخل اللبناني وعلى البيئة الداعمة له من دون أن تكون هناك استراتيجية عملية وواضحة لإضعافه عسكريا.

نشر في صفحة الحرة الأمريكية