جونسون ينكأ جراح ماي المثقلة ببريكست متعثر

وزير الخارجية البريطاني المستقيل يهاجم خطة رئيسة الوزراء البريطانية للخروج من الاتحاد الأوروبي والمعروفة باسم خطة "تشيكرز"، متوقعا أن يخرج الاتحاد الأوروبي منتصرا في معركة بريكست التي تنفتح على احتمال الانفصال بلا اتفاق مع بروكسل.

اتفاق الانفصال لايزال بعيدا رغم اقتراب موعده
20 نائبا محافظا يتعهدون بإسقاط خطة ماي
مايو تواجه انتقادات عنيفة حتى من داخل معسكرها

لندن - جدّد وزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون هجومه على الحكومة البريطانية الاثنين، متوقّعا "انتصار" الاتحاد الأوروبي في مفاوضاته مع لندن بشأن بريكست.

ومنذ استقالته من الحكومة البريطانية في يوليو/تموز، عاد جونسون إلى كتابة عموده في صحيفة "ذي ديلي تلغراف" الذي ينتقد فيه بانتظام رئيسة الوزراء تيريزا ماي على خلفيّة مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقد تعهد 20 نائبا من حزب ماي برفض مشروعها الذي عرف بـ"خطة تشيكرز" على اسم المقر الصيفي لرئاسة الحكومة البريطانية حيث تم التوصل إليه والذي يعتبرون أنه يبقي بريطانيا قريبة من الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بالتجارة.

ويأتي تصاعد الانتقادات ضد ماي قبل عودة البرلمان للعمل الثلاثاء وقبل بضعة أسابيع من انتهاء مهلة منتصف أكتوبر/تشرين الأول التي تضعها بروكسل ولندن للتوصل لاتفاق انفصال.

وتضاعفت مشكلات ماي بعد أن عارض كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي بشأن بريكست ميشال بارنييه مشروعها، مؤكدا أنه قد يؤدي لتآكل التكامل الأوروبي.

وكتب جونسون في الصحيفة الاثنين أن بريطانيا "ذهبت للمعركة والعلم الأبيض يرفرف على دبابة القيادة"، مضيفا "أخشى أنّ النتيجة الحتمية هي انتصار للاتحاد الأوروبي".

وقال "الفضيحة.. ليس أننا فشلنا، لكن أننا حتى لم نحاول".

وردا على هجوم جونسون، قال المتحدث الرسمي باسم ماي إن "بوريس جونسون استقال بسبب تشيكرز. ليس هناك أفكار في هذه المقالة للرد عليها".

وتابع "ما نحتاج إليه في هذا الوقت هو قيادة جادة وخطة جادة وهذا بالضبط ما تتمتع به البلاد بوجود رئيسة الوزراء هذه (تيريزا ماي) والخطة هذه (خطة تشيكرز)".

وكانت ماي عرضت في يوليو/تموز خطة نصّت على خروج بريطانيا من السوق الموحدة مع إنشاء "منطقة تبادل حر" جديدة للبضائع ومنتجات الصناعات الزراعية مع الاتحاد الأوروبي تقوم على اتفاق جمركي ومجموعة من القواعد المشتركة .

وواجه المشروع على الفور معارضة قوية من دعاة بريكست متشدد في صفوف حزبها المحافظ نفسه إذ اعتبروا أنه ينحرف عن نتيجة الاستفتاء الذي أفضى في يونيو/حزيران 2016 إلى الخروج من الاتحاد.

وعلى الإثر استقال جونسون والوزير المكلف ببريكست ديفيد ديفيس اللذان اعتبرا أن المشروع يبقي بريطانيا مرتبطة بالاتحاد الأوروبي، في خطوة كان لها وقع شديد، فيما شكك قادة الاتحاد الأوروبي بإمكان تطبيق الخطة.

والاثنين، أصدر 20 نائبا عن حزب المحافظين تعهدا علنيا مشتركا لمعارضة مشروع ماي.

وقال النواب إن تشيكرز قد يعيق قدرة بريطانيا على عقد اتفاقيات تجارة حرة وسيقتطع ايرلندا الشمالية من بريطانيا ويبقي الاختصاص القضائي الأوروبي في يد البريطانيين.

ويتمتع حزب المحافظين الذي تنتمي له ماي بغالبية ضعيفة تبلغ تسعة مقاعد في مجلس العموم ذي الـ650 مقعدا، وذلك بفضل دعم نواب الحزب الديمقراطي الوحدوي الايرلندي الشمالي التسعة، لكن مجلس العموم نفسه منقسم إلى أربعة معسكرات.

فبعض النواب يفضلون بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي والبعض يريدون طلاقا كاملا مع بروكسل والبعض يؤيدون تشيكرز، فيما يريد آخرون شكلا آخر من بريكست.

ويدعم الوزير البريطاني المكلف ببريكست ديفيد ديفيس بقاء ماي في منصبها.

وأبلغ صحيفة "ذا تايمز"، أنه "من الممكن تماما التخلي عن تشيكرز بدون تغيير القائد".

من جانبه، فتح بارنييه الباب لتمديد وجيز للمفاوضات المتعثرة مع لندن حاليا، مشيرا إلى وجوب إتمامها "بحلول منتصف نوفمبر/تشرين الثاني".

وقال بارنييه في مقابلة نشرتها صحيفة "فرانكفورتر ألغيمايني تسايتونغ" الأحد أنه "بعد الأخذ في الاعتبار الوقت الضروري لإبرام اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في البرلمانين البريطاني والأوروبي، علينا إنجاز المفاوضات بحلول منتصف نوفمبر".

وكان من المقرر بالأساس إنجاز المفاوضات قبل قمة قادة الاتحاد في 18 أكتوبر/تشرين الأول.

كما كرر بارنييه معارضته "الشديدة" لمشروع تشيكرز. وقال "نحن (الاتحاد الاوروبي) لدينا سوق متكامل للبضائع والخدمات ورأس المال والأشخاص... نظامنا الاقتصادي الخاص الذي كبر عبر عقود لا يمكن العبث به عبر اختيار أجزاء منها".

لكن ماي تعهدت الأحد بالتمسك بخطتها بشأن العلاقات التجارية المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي بعد بريكست، في مواجهة المعارضة الشديدة من أنصار الانفصال.

وكتبت ماي في صحيفة "ذي ديلي تلغراف" "لن أكون مرغمة على القبول بتسويات على مقترحات خطة تشيكرز ليست في مصلحتنا الوطنية"، مضيفة "سنكون على استعداد لعدم التوصل إلى أي اتفاق إذا لزم الأمر".

ومن المقرر أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 30 مارسي/آذار 2019، على أن تتوصل لندن وبروكسل إلى اتفاق بحلول أكتوبر/تشرين الأول لترتيب شروط الطلاق وإرساء قواعد علاقتهما المستقبلية، بحيث يكون أمام البرلمانات الوطنية مهلة كافية للمصادقة على الاتفاق.