حادثة الحمدانية.. العنف وعقلية القطيع

الإعلام الاجتماعي يدور في عالم الأفكار والمعتقدات ولا نستغرب حين ينتقل إلى العالم الواقعي بصيغة أو بأخرى والواجب العمل على تجفيف المنبع الذي يغذي التعصب إزاء أي فكرة أو عامل يقودان في المحصلة إلى مثل هذه الأحداث التي لا تحل فيها الخلافات إلا بالعنف.

بقلم: مها الشهري

على إثر حادثة الشجار في حي الحمدانية والتي راح ضحيتها شاب وآخرون مصابون، بمقابل مجموعة من الشباب المتفقين مسبقا فيما يبدو على الاعتداء عليهم في مشهد الشجار الثالث كما أفادت بعض المصادر الإخبارية، حيث أتى الاستنجاد بالمجموعة على نظام عقلية القطيع المصحوبة بدوغمائية العنف.

قد نقول؛ مواطنون وحدث بينهم شجار أدى إلى جريمة قتل، ولكن حتى وإن كنا سننظر إلى القضية من مستوى مختلف عما يتم تداوله أو ما تم الوصول إليه، إلا أن الانعكاس لهذه الحالة في الواقع الافتراضي يثار من اعتقادات كامنة ويتشكل في اصطفاف من التجمع اللاواعي لوضع المرجع القبلي للمجني عليهم في حالة من المفاضلة مع المرجع القبلي للجناة، هذا بالرغم من أن الحادثة مدمية وتقض المضاجع، ولكن في هذه الحالة نكتشف كم تتفوق الدوغمائية وما يصاحبها من السلوكيات الشاذة على سنن الحياة والطبيعة، من حيث تخرج الإنسان من منظومتها وقوانينها حتى يصبح مسخا لا يرتبط بصلة يستطيع أن يقدم بها نفسه للإنسانية.

لنعرف مدى خطورة الحالة؛ فالعقل الدوغمائي لا يجد في السلم والسلام موطنا له، هو يعيش حالة الحرب المعلنة يتغذى بالعنف والعدوانية ويتنفسها في أتفه المواقف غير مبال بالنتائج المروعة، وفي الوضع الكارثي يصبح الصراع جماعيا منظما، من حيث لا يوجد للردع والقانون أي قيمة اعتبارية لديه، وسيجد النظام حينها صعوبة في تنظيم تعاملات الجماعات من حيث أن يضع الجميع في ميزان العدالة كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، حتى وإن طبقت الأحكام إلا أن الحوادث تتكرر.

ما يحدث في الإعلام الاجتماعي يدور في عالم الأفكار والمعتقدات، ولا نستغرب حين ينتقل إلى العالم الواقعي بصيغة أو بأخرى، والواجب العمل على تجفيف المنبع الذي يغذي التعصب إزاء أي فكرة أو عامل يقودان في المحصلة إلى مثل هذه الأحداث التي لا تحل فيها الخلافات إلا بالعنف، لعلنا نصل في يوم من الأيام إلى حالة نغلب فيها العقل ومصلحة الإنسان والمجتمع بإعادة التربية والانفتاح والتسامح وتعزيز قيمها بدلا من القيم البالية التي ما عادت تخدمنا بأي شكل من الأشكال.

عن عكاظ