حدود جديدة لسواحل العالم يرسمها التغير المناخي

مستقبل المناطق الساحلية وسكانها المقدّر عددهم بالملايين معلق بكتلة الجليد في القطب الجنوبي، وذوبانها من شأنه أن يرفع مستوى المحيطات ثلاثة أمتار على الأقل لكن الأمر قد يستغرق قرونا.
هونغ كونغ ونيو أورلينز ونيويورك وهامبورغ وكالكوتا وشنغهاي كلها قد تختفي
ارتفاع في مستوى البحار بمعدّل 50 سنتيمترا بحلول العام 2100 جراء ذوبان القطب الجنوبي
حصر الاحترار دون درجتين مئويتين سيبطئ ارتفاع مستوى البحر لكنه لن يوقفه

موناكو - بات مستقبل المناطق الساحلية وسكانها المقدّر عددهم بالملايين رهن كتلة الجليد التي تغطي أنتاركتيا الغربية والتي من شأنها أن ترفع مستوى المحيطات ثلاثة أمتار على الأقل في حال ذوبانها.

وعشية نشر خبراء الأمم المتحدة تقريرهم حول المحيطات والمناطق المجمّدة، استعرض أندرز ليفرمان الخبير في منطقة القطب الجنوبي في معهد بوتسدام إنستيتوت المناخي في مقابلة تداعيات الاحترار المناخي على أصقع منطقة في العالم.

هل تأثير الاحترار على الصفائح الجليدية في غرينلاند والقطب الجنوبي هو عينه؟

ليفرمان: لا، ليس نفسه. ففي القطب الجنوبي، تنحسر الكتلة الجليدية في 99 % من الحالات عندما يتقدّم الجليد نحو المحيط. وذوبان الجليد شبه معدوم على السطح، بسبب شدّة البرد بكل بساطة. أما في غرينلاند، فإن خسارة الكتلة تتأتى في 50 % من الحالات من مياه الذوبان التي تسيل نحو المحيط.

وفي القطب الجنوبي أو في غرينلاند، عندما يتّجه الجليد نحو المحيط ويشكّل منصة جليدية (امتداد جليدي فوق البحر يبقى معلّقا بالمنطقة القارية)، فهو يلامس سطح المياه. لكن فارقا بواقع عُشر درجة في الحرارة قد يؤدي إلى اختلال في المنصة.

والصفيحة الجليدية في غرينلاند هي أصغر بكثير من تلك الموجودة في القطب الجنوبي، مع ما يوازي سبعة أمتار فوق سطح البحر، في مقابل 55 مترا، لكنها تخسر نسبة أكبر من الجليد إذ إن الطقس أبرد بكثير في القطب الجنوبي.

منظر لذوبان الجليد خلال موجة حارة في كانغيرلوسواك، شوهد في غرينلاند
الصفيحة الجليدية في القطب الجنوبي تخسر 150 مليون طنّ من الجليد بمعدّل سنوي منذ العام 2015

ماذا عن دور القطب الجنوبي في ارتفاع مستوى المحيطات؟

ليفرمان: قبل 10 سنوات، لم تكن نماذج المحاكاة بشأن القطب الجنوبي تظهر خسارة كبيرة في الجليد طوال قرن. ودارت حتى نقاشات حول احتمال ارتفاع كتلة الجليد.

أما اليوم، فكلّ النماذج تظهر انحسارا للجليد بوتيرة متسارعة. وقد خسرت الصفيحة الجليدية في القارة 150 مليون طنّ من الجليد بمعدّل سنوي منذ العام 2015، أي ما يوازي تقريبا مساحة أنتاركتيكا الغربية. والوتيرة قيد التسارع.

أما في ما يخصّ مساهمة القطب الجنوبي في ارتفاع مستوى المحيطات بحلول نهاية القرن، فقد توقّعت دراسة أجريتها مع زملاء في العام 2014 ارتفاعا بمعدّل 50 سنتيمترا بحلول العام 2100، وهو من دون شكّ ارتفاع كبير. وتمحورت التقديرات الأخيرة لهيئة الأمم المتحدة المعنية بالمناخ على 17 سنتيمترا كحدّ أقصى.

وفي العام 2016، توقّعت دراسة واسعة في مجلّة "نيتشر" معدلا أكبر بكثير يتخطى المتر الواحد. وهي لقيت انتقادات عدة ويمكن إعادة النظر في خلاصاتها.

وإذا التزم اتفاق باريس (مع حصر الاحترار دون درجتين مئويتين)، فمن المتوقع أن يتباطأ ارتفاع مستوى البحر، لكنه لن يتوقف.

كم من الوقت سيستغرق ذوبان الصفيحة الجليدية في القطب الجنوبي بالكامل؟

ليفرمان: أظن أننا لا نحسن تقدير الوتيرة. لكن الامر سيستغرق في كل الأحوال قرونا قبل أن يذوب كلّ الجليد.

ولن يموت أحد بسبب ارتفاع مستوى المحيطات، فحتى لو باتت نيويورك دون مستوى البحر بخمسة أمتار، يمكنها أن تتحصن بسدود. لكنني لا أدري إن كان الناس لا يزالون يريدون العيش فيها.

لكن الأثر الفعلي هو القيم التي سنخسرها، فهونغ كونغ نبراس للديموقراطية في الصين ونيو أورلينز معقل ثقافي، في حين أن نيويورك تحتل مكانة مهمة في مجال الأعمال، كما هامبورغ وكالكوتا وشنغهاي. ونحن سنفقدها كلها بسبب التغير المناخي إذا لم نخفضّ انبعاثاتنا لغاز ثاني أكسيد الكربون.