حرائق تركيا المستعرة تضع اردوغان في مأزق جديد

تركيا تكابر برفض المساعدات الدولية بما في ذلك عرض اليونان الخصم الإقليمي، بينما لم تعد تملك قاذفة مائية عاملة لإطفاء الحرائق المتسببة في مقتل ثمانية أشخاص وتخريب مساحات شاسعة من الغابات.
وسم #ساعدوا_تركيا يثير غضب اردوغان ومناصريه
الحرائق تكشف عجز حكومة اردوغان عن مواجهة الأزمات
حكومة اردوغان تتعرض لانتقادات لاذعة لعجزها عن إطفاء الحرائق

اسطنبول - يواجه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان واحدة من أكبر أزماته منذ توليه السلطة قبل 18 عاما لكون بلاده قد تطلب المساعدة بسبب الحرائق المستعرة في المناطق الساحلية من البلاد، بينما تعاني الحكومة التركية مشاكل متراكمة نتيجة الفشل في إدارة البلاد على غرار الأزمة الاقتصادية وانهيار الليرة وعزلة تركيا بسبب السياسات الخارجية العدوانية والتدخلات العسكرية في أكثر من جبهة صراع.

مع اتساع رقعة أكبر حرائق غابات في تاريخ تركيا الحديث، يستعر الجدل كذلك على تويتر عبر وسم #ساعدوا-تركيا، بين نقاشات وشبهات بالتلاعب.

وفتحت النيابة العامة تحقيقا في هذا الوسم الجديد الذي أشعل جدلا جديدا في هذا البلد المنقسم، حيث يمكن لأدنى حدث أن يثير مؤيدي اردوغان ومعارضيه. وأثار الوسم استياء الرئيس التركي.

ووصف اردوغان التغريدات المرتبطة بالوسم على أنها "ترهيب عبر أكاذيب منتشرة من أميركا وأوروبا وأماكن أخرى معينة"، معتبرا أنه "للرد على ذلك، هناك شيء واحد فقط يمكن قوله: تركيا قوية".

في الوقت نفسه، أشار مكتب المدعي العام إلى أنه سيفتح تحقيقا لتحديد ما إذا كانت التغريدات تهدف إلى "إثارة قلق وخوف وهلع بين السكان وإهانة الحكومة التركية".

وهددت الهيئة المنظمة للإعلام بتغريم المحطات التلفزيونية التي تواصل بث الصور الحية للحرائق ونشر مقالات "تثير خوف السكان وقلقهم".

وامتثلت غالبية القنوات للتعليمات، ما قلل من تغطيتها للحرائق التي أودت بحياة ثمانية أشخاص وأتت على مساحات شاسعة من الغابات على امتداد الساحل.

اتهامات بالتلاعب

تعرضت الحكومة لانتقادات عندما تبين أن تركيا لم تعد تملك قاذفة مائية عاملة ورفضها العديد من عروض المساعدة الخارجية، بما في ذلك عرض اليونان، الخصم الإقليمي.

بدا تصرف اردوغان الذي وصل إلى السلطة من خلال حملته ضد الفساد الذي يتهمه به معارضوه اليوم، منفصلا عن الواقع.

وأثارت زيارته إلى المناطق المتضررة من الحرائق في سيارة تحت حراسة مشددة من الشرطة ومجهزة بمكبرات صوت والتي صور منها وهو يلقي أكياس الشاي على السكان في منتصف الليل جدلا جديدا على مواقع التواصل الاجتماعي.

ودفاعا عن نفسها، تؤكد الحكومة أن الوسم تدعمه حسابات مزيفة تُستخدم للتأثير على الرأي العام.

قال مارك أوين جونز، الأستاذ في جامعة حمد بن خليفة في قطر، خلال مؤتمر صحافي نظمته الرئاسة إن نحو 5 بالمئة من التغريدات المرتبطة بوسم #ساعدوا_تركيا تم نشرها من حسابات مزيفة.

وأردف الباحث البريطاني "لا أعرف الهدف من ذلك. ما يمكنني قوله هو أن تلاعباً حدث"، موضحا "إذا كانت في البداية حملة تلاعب، فهي ذكية جداً لأن #ساعدوا_تركيا هي رسالة تبدو بريئة تماماً، وندرك لماذا قام الأشخاص بتداولها في تغريداتهم".

تشديد

يأتي الجدل حول الوسم في سياق تشديد الرقابة على شبكات التواصل الاجتماعية، حيث لا يزال النقاش الحيوي ممكنا في بلد تهيمن فيه وسائل الإعلام الموالية للحكومة.

وامتثلت أبرز مواقع التواصل الاجتماعي منها تويتر وفيسبوك، بعد أن رفضت في بادئ الأمر، للقوانين الجديدة التي تفرض على هذه الشبكات أن يكون لها ممثل في هذا البلد والانصياع لأوامر المحاكم التركية التي تطلب سحب مضمون معين في خلال 48 ساعة.

وكان اردوغان أعلن تقديم قانون جديد ينظم الشبكات الاجتماعية إلى البرلمان في أكتوبر/تشرين الأول، بدون أن يذكر تفاصيل عن كيفية تطبيقه.

وشكك خبير القانون الرقمي يمان أكدنيز في الحسابات المزيفة، مشيرا إلى أنه "بينما يدور الجدل في شبكات التواصل الاجتماعي، تتواصل الحرائق في الواقع".

وأضاف "في الواقع تعاني آلية حكومتنا من مشاكل جدية في التشغيل، وستدرج دون شك جريمة جديدة ثم قانونا جديدا حول التضليل، بهدف كم الأصوات الناقدة على الشبكات الاجتماعية بشكل أكبر".