حراك دبلوماسي لهدنة في الحديدة

مشروع قرار طرحته بريطانيا على مجلس الأمن يمهل أطراف الصراع أسبوعين لإزالة كل الحواجز أمام إيصال المساعدات الإنسانية، فيما يبقى قرار استمرار الحرب أوالسلام بيد زعيم الحوثيين الذي خبر المناورة والمماطلة طيلة جولات المفاوضات السابقة.

الكرة في ملعب الحوثيين للاختيار بين الحرب والسلام
للحوثيين سجل حافل في المماطلة وتقويض جهود السلام
غريفيث يتحدث عن اتفاق قريب لتبادل السجناء بين أطراف الصراع اليمني

نيويورك - يطالب مشروع قرار حول اليمن طرح على مجلس الأمن الدولي الاثنين بهدنة فورية في مرفأ الحديدة ويحدد أمام المتحاربين مهلة أسبوعين لإزالة كافة الحواجز التي تحول دون إيصال المساعدات الإنسانية.

ووزعت بريطانيا المسودة على أعضاء المجلس الأربعة عشر الآخرين بعد الاستماع إلى تقرير الجمعة من مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث الذي يسعى إلى مفاوضات سلام في السويد لإنهاء الحرب الدائرة منذ 2015 في البلد الفقير.

قال مكتب مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن اليوم الاثنين إنه رحب بإعلان الحوثيين وقف هجمات الصواريخ والطائرات المسيرة على السعودية.

وقال الوسيط الأممي في تغريدة على تويتر "المبعوث الخاص يرحب بإعلان أنصار الله (الحوثيين) ويأمل أن تواصل جميع الأطراف ممارسة ضبط النفس لإيجاد بيئة ملائمة لعقد المشاورات".

ويأتي مشروع القرار وسط حراك دبلوماسي إقليمي ودولي لإعطاء دفعة لمفاوضات السلام التي توقفت في السابق بسبب مماطلة الحوثيين.

وأعطى المتمردون اليمنيون والسلطة المعترف بها دوليا الاثنين زخما لجهود الأمم المتحدة الهادفة إلى عقد مفاوضات خلال الأسابيع المقبلة بين الطرفين الذين يتقاتلان في حرب مدمّرة في البلد الفقير منذ سنوات.

ففي صنعاء طالب محمد علي الحوثي القيادي البارز في صفوف الحوثيين قيادة التمرد بالتوجيه بوقف إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على دول التحالف.

ودعا أيضا المسؤول الذي يتولى رئاسة اللجنة الثورية العليا في الجماعة المتمردة المدعومة من إيران في بيان نشره على تويتر قيادة التمرد إلى تأكيد استعدادها "لتجميد وإيقاف العمليات العسكرية في كل الجبهات وصولا إلى سلام عادل ومشرّف".

ومنذ تدخلها في النزاع اليمني على رأس تحالف عسكري في مارس/آذار 2015 دعما لقوات الحكومة، يطلق المتمردون بشكل متواصل صواريخ بالستية ضد السعودية ويعلنون عن شن هجمات بطائرات من دون طيار ضد أهداف في المملكة.

وقد تعكس دعوة القيادي البارز رغبة لدى الحوثيين لتهدئة الأوضاع في أفقر دول شبه الجزيرة العربية قبيل زيارة لمبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث إلى صنعاء هذا الأسبوع، رغم أن قرار السلم والحرب يبقى في يد زعيم التمرد عبدالملك الحوثي.

وفي عدن، أعلنت الحكومة المعترف بها بشكل رسمي مشاركتها في محادثات السلام المقترحة. وقالت وزارة الخارجية في بيان نشرته وكالة سبأ الرسمية، إن الحكومة أكدّت في رسالة وجهتها إلى غريفيث أنها سترسل وفدا لتمثيلها في المفاوضات التي لم يحدد لها أي تاريخ بعد.

ودعت الحكومة في رسالتها الأمم المتحدة إلى "الضغط على المليشيات الحوثية للتجاوب مع الجهود الأممية والحضور إلى المشاورات دون قيد أو شرط".

وطالبت كذلك باتخاذ "موقف حازم من أي تعطيل قد تقوم به المليشيات لتأخير أو عدم حضور المشاورات في موعدها المحدد".

وأجرى وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت محادثات في طهران الاثنين تناولت الحرب اليمنية. وقال للصحافيين "نحن حريصون جدا جدا على المضي قدما نحو السلام في اليمن. هذه أولويتنا".

وتدعم إيران المتمردين بالمال والسلاح وساعدت منذ انقلاب الحوثيين على السلطة بقوة السلاح في صمود الميليشيا الشيعية.

وتأتي زيارة الوزير البريطاني في محاولة لدفع طهران للضغط على ميليشيات الحوثي للالتزام بالتهدئة وإتاحة الفرصة لجهود السلام.

ويسعى غريفيث إلى عقد محادثات السلام الجديدة في السويد خلال الأسابيع المقبلة، قبل نهاية العام، بدعم من دول كبرى في مقدمها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.

والاثنين جدّد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز في خطابه السنوي أمام مجلس الشورى تأييد المملكة للحل السياسي في هذا البلد.

وقال "وقوفنا إلى جانب اليمن لم يكن خيارا بل واجبا اقتضته نصرة الشعب اليمني بالتصدي لعدوان ميليشيات انقلابية مدعومة من إيران ونؤكد دعمنا للوصول إلى حل سياسي".

مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث
غريفيث يأمل التزام أطراف الصراع اليمني بوقف القتال لدعم جهود التسوية السياسية

وكان غريفيث أعلن أمام مجلس الأمن الدولي الجمعة أنّ الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، أظهروا "التزاما متجددا" بالعمل على حل سياسي وقدّموا "ضمانات مؤكدة" بأنهم سيشاركون في المحادثات.

وفشلت جولة المحادثات الأخيرة في سبتمبر/أيلول الماضي بالانعقاد في جنيف بسبب عدم حضور المتمردين الذين طالبوا بضمانات بالعودة إلى صنعاء الخاضعة لسيطرتهم ونقل جرحى على متن الطائرة. ومُنع المتمردون في 2016 من العودة إلى العاصمة إثر جولة محادثات.

لكن غريفيث أشار إلى أن التحالف الذي تقوده السعودية وافق على "ترتيبات لوجستية" لتمهيد الطريق أمام المحادثات، بما في ذلك عمليات الإجلاء الطبي من صنعاء كما أعلن أن التوصل إلى اتفاق لتبادل السجناء بات قريبا.

واقترح أيضا السفر مع وفد المتمردين الحوثيين إلى السويد "إذا كان ذلك ضروريا"، فيما أوضح محمد علي الحوثي في بيانه أن دعوته لوقف إطلاق الصواريخ ضد السعودية والتأكيد على الاستعداد لوقف الحرب، تأتي "دعما لجهود المبعوث الأممي (غريفيث) وإثباتا لحسن النوايا وتعزيزا للتحركات والجهود الرامية لإحلال السلام".

والتقى في صنعاء الأحد وزير الخارجية في حكومة المتمردين غير المعترف بها هشام شرف عبدالله مسؤولة في مكتب غريفيث.

وقالت وكالة أنباء سبأ التابعة للمتمردين، إن اللقاء تناول "آخر تطورات مهام المبعوث الخاص الرامية لبدء عملية التسوية السياسية والمفاوضات وإحلال السلام الدائم في اليمن".

ونقلت عن عبدالله قوله إن "على المجتمع الدولي والأمم المتحدة تبني "مسار الحل السياسي السلمي ضمانا لحقن دماء المدنيين وحماية ممتلكاتهم من العبث والتدمير".

وتكثّفت مساعي عقد محادثات جديدة مع اشتداد المعارك في مدينة الحديدة غرب اليمن في بداية نوفمبر/تشرين الثاني، قبل أن توقف القوات الحكومية محاولة تقدمها في المدينة الأسبوع الماضي.

وتضمّ الحُديدة ميناء حيويا تمرّ عبره غالبية السلع التجارية والمساعدات الموجّهة إلى ملايين السكان.وتحاول القوات الموالية للحكومة منذ يونيو/حزيران/تحرير المدينة من قبضة الحوثيين وقطع الشريان المالي الحيوي للمتمردين وأحد أهم منافذ دخول إمدادات السلاح الإيرانية للانقلابيين.

يسود الهدوء حاليا مدينة الحديدة منذ أعلنت القوات الحكومية وقف هجومها، إلا أن طائرات التحالف لا تزال تحلق في سماء المدينة من دون تنفيذ أي غارات.