أربعة قتلى في العراق وسط مخاوف من فض الاحتجاجات بالرصاص

المحتجون في ساحات الاعتصام في بغداد والبصرة يواجهون عنفا غير مسبوق من خلال حرق خيام المعتصمين ومحاولة اخلاء بعض الساحات بالقوة واعتقال ناشطين.

بغداد - أسفر السبت استخدام قوات الأمن العراقية الرصاص الحي لتفريق المحتجين في ساحات الاعتصام بالمدن العراقية، عن مقتل أربعة متظاهرين في بغداد والناصرية جنوب العراق وإصابة العشرات بجروح، وفق مصادر طبية، وهو ما أثار مخاوف من فض الاحتجاجات المطلبية بالقوة.

ويواجه المحتجون العراقيون في مختلف ساحات الاعتصام بالعاصمة والمحافظات الجنوبية حملة أمنية تتصاعد تدريجيا.

وأفادت مصادر إعلامية أن السلطات العراقية أعادت فتح ساحات وشوارع في بغداد ومدن جنوبية، غداة تظاهرات كبيرة  للمطالبة بخروج القوات الأميركية من العراق.

وفي هذا الاطار قال مصدر طبي وشهود عيان إن 15 متظاهراً أصيبوا بجروح وحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع خلال محاولة قوات الأمن تفريق معتصمين في مسعى لحصر الاحتجاجات بساحة رئيسية وسط العاصمة بغداد. 

وقال 3 شهود عيان إن "الإصابات وقعت عند جسر الأحرار وساحة الوثبة وصولاً إلى ساحة الخلاني وجسر السنك وسط بغداد". 
وأضاف الشهود أن قوات الأمن باغتت المعتصمين وأبعدتهم عن جسر الأحرار وساحة الوثبة القريبة ومن ثم تقدمت إلى ساحة الخلاني القريبة من جسر السنك وأضرمت النار في خيام المعتصمين. 
وأردف الشهود أن هذا التحرك يأتي لحصر الاحتجاجات في ساحة التحرير فقط، معقل المتظاهرين، تمهيداً لإنهاء الاحتجاجات في بغداد. 
ولا تزال مواجهات تدور بين المتظاهرين وقوات الأمن في ساحة الخلاني التي تبعد كثيرا عن ساحة التحرير. 
وكان المتظاهرون يسيطرون على الجانب الشرقي من ثلاثة جسور رئيسية والمؤدية إلى المنطقة الخضراء وهي الأحرار والسنك والجمهورية منذ أسابيع طويلة.  وتحاول قوات الأمن إبعاد المتظاهرين عن جسري الأحرار والسنك. 
وفي وقت سابق السبت قالت قيادة عمليات بغداد التابعة للجيش في بيان إن "قوات الأمن أعادت فتح جسر الأحرار وساحة الوثبة القريبة أمام حركة السير". 
من جانبه، قال سكرتير القائد العام للقوات المسلحة محمد حميد البياتي في تصريح صحفي، إن "قوات الأمن ستعيد فتح الجسر التالي وهو الأحرار عصر اليوم". 
وإذا ما نجحت قوات الأمن بإبعاد المتظاهرين عن ساحة الخلاني وجسر السنك القريب فإن الاحتجاجات ستنحصر في ساحة التحرير وجسر الجمهورية القريب منه فقط. 
ومنذ الاثنين، صعد الحراك الشعبي من احتجاجاتهم بإغلاق العديد من الجامعات والمدارس والمؤسسات الحكومية والطرق الرئيسية في العاصمة بغداد ومدن وبلدات وسط وجنوبي البلاد. 
واتجه المتظاهرون نحو التصعيد مع انتهاء مهلة ممنوحة للسلطات للاستجابة لمطالبهم وعلى رأسها تكليف شخص مستقل نزيه لتشكيل الحكومة المقبلة، فضلا عن محاسبة قتلة المتظاهرين والناشطين في الاحتجاجات. 
وعمدت قوت الامن العراقية فجر السبت الى اقتحام ساحة الاعتصام بمحافظة البصرة جنوب البلاد في محاولة لفض المعتصمين.
وقامت قوات الصدمة التي اقتحمت الساحة باعتقال عدد من المحتجين واحراق بعض خيم المعتصمين فيما اتهم المتظاهرون محافظ البصرة باعطاء اوامر الهجوم.
ونشر عدد من المحتجين فيديو يظهر عميدا في الجيش الوطني وهو يطمئن المتظاهرين بانه لن يتم اقتحام ساحة الاعتصام لكن تلك الوعود لم تتحقق حيث بادرت القوات الامنية الى اقتحام المكان.
وتاتي تلك الخطوة بعد يوم من امر وجهه قائد عمليات البصرة الفريق الركن قاسم نزال بضرورة نزول قوات الجيش لحماية المحتجين وساحة الاعتصام شريطة عدم خروج المعتصمين من الاماكن المخصصة لهم للتظاهر وذلك حتى لا يتم استهدافهم من المندسين والمخربين.

وأفاد بيان لقيادة عمليات بغداد السبت بأنه تم اعادة فتح جميع الطرق المحيطة بساحة التحرير المركزية للتظاهرات في المدينة، واستئناف الحركة فيها. 
وياتي هذا الاجراء بعد يوم دام شهدته مدينة بغداد على خلفية مصادمات بين القوات الأمنية والمتظاهرين، وخاصة على جسر محمد القاسم للمرور السريع اوقع 6 قتلى وأكثر من 50 مصابا حسب وسائل اعلام عراقية. 
وذكر شهود عيان أن أعدادا كبيرة من المتظاهرين من اتباع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر انسحبوا من ساحة التحرير، ورفعوا خيام الاعتصام العائدة لهم بطلب من الصدر. 
والجمعة تعرض عدد من المحتجين العراقيين الى اعتداءات من قبل مجهولين كانوا يستقلون سيارات نقل جماعي قرب ساحة التحرير بالعاصمة بغداد.
كما قام مجهولون بالهجوم على المحتجين عند طريق محمد القاسم حيث فتحوا النار عليهم وسط انباء عن سقوط اصابات.
والجمعة كذلك انطلقت في بغداد تظاهرة دعا لها مقتدى الصدر، للمطالبة بطرد القوات الأميركية من العراق.
ويشهد العراق منذ الأول من تشرين الأول/أكتوبر الماضي حركة احتجاجات مطلبية، شهدت تراجعاً في الآونة الأخيرة بعدما اغتالت الولايات المتحدة بطائرة مسيّرة مطلع كانون الثاني/يناير الحالي قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس قرب بغداد، ما أثار موجة غضب لدى فئات واسعة من العراقيين.
ودعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى التريث في قتال القوات الأميركية لحين استنفاد الطرق السلمية لإخراجها من العراق. 
وحظيت دعوة الصدر، التي جاءت بعد تصويت في البرلمان العراقي على تفويض الحكومة بإنهاء تواجد القوات الأجنبية في البلاد، بتأييد واسع من الفصائل الشيعية المقربة من إيران، والتي تتهم بالوقوف وراء بعض أعمال العنف ضد المتظاهرين الذين يتجمعون في ساحة التحرير المركزية.
ولكن الجدير بالذكر، أن الصدر كان أعطى لأنصاره حرية المشاركة في التظاهرات المناهضة للفساد، كما وطلب من أنصاره حماية المتظاهرين من مجموعات مسلحة متهمة بتنفيذ عمليات اغتيال وخطف ضد ناشطين.
وأسفرت أعمال العنف التي شهدتها التظاهرات في أنحاء البلاد عن مقتل نحو 470 شخصاً غالبيتهم من المحتجين، وإصابة أكثر من 25 ألفاً بجروح، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استناداً إلى مسعفين ومصادر أمنية ومفوضية حقوق الإنسان العراقية.