حرق شاب جزائري حي.. حين تلتهم النيران ما تبقى من إنسانية

حادثة حرق شاب حي في تزي وزو اعتقدت مجموعة أنه من مشعلي الحرائق، تظهر عصبية قبلية ومناطقية خطيرة وتسلط الضوء على نار تحت الرماد في خضم حرائق تقول السلطات إنها مفتعلة.
السلطات الجزائرية تفتح تحقيقا في قضية حرق مواطن حتى الموت
منظمة العفو الدولية تطالب بفتح تحقيق في حرق شاب جزائري
منظمات محلية ومواطنون ينددون بالجريمة مطالبين بالعدالة
والد الضحية يدعو للهدوء ويطالب السلطات بأن تسلمه جثة ابنه

الجزائر - تعيش الجزائر على وقع صدمتين، صدمة الحرائق التي قتل فيها نحو 70 شخصا بينهم عشرات الجنود ممن حاصرتهم النيران وهم يحاولون إنقاذ عالقين في غابات تيزي وزو وصدمة إقدام مجموعة من الشبان على إحراق شاب بعد إن اعتدوا عليه اعتقادا منهم أنه من مشعلي الحرائق ليتضح لاحقا أنه جاء ليساعد في جهود إخماد النيران.

وفتح القضاء الجزائري تحقيقا في الجريمة لدى دائرة منطقة الأربعاء ناث أيراثن في قضية "القتل عن طريق الحرق حتى لا تمر هذه الجريمة البشعة دون عقاب".

وبحسب النيابة "قامت مجموعة من المواطنين بإلقاء القبض على ثلاثة أشخاص كانوا على متن سيارة إثر شكوك راودتهم من أنهم متورطون في حرائق الغابات وبعد أن اعتدوا عليهم بالضرب تدخلت الشرطة لإنقاذ الثلاثة وتحويلهم إلى مقر الشرطة".

وتابع "غير أن المجموعة واصلت تهجمها على مقر الشرطة باستعمال العنف وتمكنوا من إخراج أحد الثلاثة وسحبه إلى ساحة المدينة والاعتداء عليه بالضرب وإضرام النار في جسده مما أدى إلى وفاته. كما تعرض عناصر الشرطة الذين تدخلوا لحماية الضحية وإنقاذه لإصابات متفاوتة".

وأثارت الحادثة سخطا في الجزائر بينما طالبت منظمة العفو الدولية الخميس السلطات الجزائرية بالتحقيق في صور فيديو نشرها رواد مواقع التواصل الاجتماعي تظهر إقدام المجموعة على إحراق شاب حيا بعد اتهامه بإشعال حرائق في الجزائر.

وتناقلت حسابات لسكان مدينة مليانة (120 كلم غرب العاصمة الجزائرية) على مواقع التواصل تعليقات تعبر عن السخط من "الاعتداء الوحشي" الذي تعرض له جمال بن اسماعيل البالغ من العمر 38 عاما في منطقة الأربعاء ناث إيراثن، إحدى أكثر المناطق تضررا من حرائق الغابات بولاية تيزي وزو.

وكانت انتشرت صور فيديو لشاب يتعرض للضرب على أيدي مجموعة كبيرة من شباب آخرين، ثم تظهر فيه جثة تشتعل نارا، ويقوم شبان حولها بتصويرها.

وأظهرت مقاطع فيديو حشودا غاضبة وهي تحاول إخراج الشاب من سيارة تابعة للدرك الوطني معتقدين أنه ممن اعتقلتهم السلطات بشبهة إشعال النيران وعجز عناصر الدرك في مقاومتهم بعد أن هشموا السيارة وأخرجوه واعتدوا عليه ثم أحرقوه حيا.

وتظهر هذه الحادثة عصبية قبلية ومناطقية خطيرة تسلط الضوء على نار تحت الرماد في خضم حرائق تقول السلطات إنها مفتعلة.

وقالت منظمة العفو الدولية فرع الجزائر في تغريدة على تويتر "على السلطات أن تبدأ فورا في التحقيق في معلومات الاعتداء حتى الموت على رجل من حشد غاضب من الناس، ومحاكمة المتورطين".

وتابعت "على السلطات أن تبعث رسالة واضحة بأنها لن تسمح بمثل هذا العنف"، فيما اعتبرت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في بيان ما حدث "عملا وحشيا، وحشية ما تعرض له ضحايا الحرائق" .

واندلعت الحرائق الاثنين في منطقة القبائل في شمال شرق الجزائر وتوسعت واجتاحت مناطق عدة وتسببت بمقتل 69 شخصا بينهم 28 عسكريا كانوا يساعدون في إخماد النيران. ولا يزال بعض هذه الحرائق مستمرا.

وطالب والد الشاب نورالدين بن اسماعيل في تصريح لوسائل إعلام محلية "السلطات بإحقاق الحق، داعيا إلى الهدوء". كما طلب من السلطات تسليمه جثة ابنه لأنه لا يستطيع الانتقال إلى تيزي وزو، قائلا "لا اعرف ما الذي ينتظرني هناك".

وأثارت الصور موجة غضب واستنكار وقال أصدقاء للشاب وجيران إنه ذهب إلى تيزي وزو للمساعدة.

وذكر جاره الذي قدّم نفسه باسم سيد أحمد.ب أن "جمال إنسان جميل، شاعر فنان وملحن يعزف على 12 آلة موسيقية"، و"هو متطوع في فرع الحماية المدنية بمليانة"، فيما كتبت مدونة "لقد أحرقت النيران ما تبقى لنا من إنسانية".