حزب إسلامي لاعب محوري في جهود تشكيل حكومة إسرائيلية

الحركة الإسلامية الجنوبية الفائزة باربعة مقاعد في الكنيست تطالب بتغيير الواقع دون ان تحدد ما إذا كانت ستدعم نتانياهو أم المعسكر الخصم في المعركة على تشكيل الحكومة المقبلة.
نتنياهو يغازل القائمة العربية للحصول على اغلبية تمكنه من تشكيل حكومة
تلبية مطالب المواطنين العرب في إسرائيل من محددات تحالف القائمة العربية سواء مع نتنياهو او معارضيه

القدس - دعا رئيس "الحركة الإسلامية الجنوبية" منصور عبّاس الذي أصبح أحد "صانعي الملوك" في إسرائيل بعد فوز حزبه الإسلامي الصغير بأربعة مقاعد في الكنيست، مساء الخميس إلى "تغيير الواقع"، من دون أن يفصح عمّا إذا كان سيدعم بنيامين نتانياهو أم المعسكر الخصم في المعركة على تشكيل الحكومة المقبلة.
وقال عبّاس (46 عاماً) في خطاب ألقاه في الناصرة، المدينة العربية في شمال الدولة العبرية، ونقلت وقائعه مباشرة على الهواء محطات تلفزة إسرائيلية عديدة، إنّ "الوقت حان لتشكيل واقع مختلف لجميع مواطني هذا البلد".
وأضاف في خطابه الذي ألقاه باللغة العبرية "لا أريد أن أكون جزءاً من كتلة من اليمين أو اليسار. أنا في كتلة أخرى، الكتلة التي انتخبتني لخدمة شعبي والتي أعطتني تفويضاً حتى تصبح مطالب الجمهور العربي، وهي منذ سنوات عديدة مجرّد مطالب، برنامج عمل حقيقياً".

لا أريد أن أكون جزءاً من كتلة من اليمين أو اليسار. أنا في كتلة أخرى

وأدلى عبّاس بخطابه في ساعة الذروة التلفزيونية وقد عكس نقل قنوات عديدة وقائع هذا الخطاب الأهمية المعقودة على قراره لجهة ما إذا كان يعتزم المشاركة في ائتلاف حكومي بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في 23 آذار/مارس وكانت الرابعة من نوعها غضون أقلّ من عامين، والمعسكر الذي ينوي التصويت لصالحه في المعركة على تشكيل الحكومة المقبلة.
وكان عبّاس قال إثر الانتخابات إنّه مستعدّ للتفاوض مع معسكر بنيامين نتانياهو كما مع المعسكر المناوئ لرئيس الوزراء المنتهية ولايته والمكوّن من أحزاب لديها أيديولوجيات متعارضة في بعض الأحيان لكنّها اجتمعت على هدف الإطاحة بزعيم الليكود من السلطة.
وفي خطابه استشهد عبّاس بآيات قرآنية وقال عن نفسه "أنا عربي مسلم وافتخر بذلك"، في تصريح غير مسبوق لمن بات يعتبر أحد "صانعي الملوك" في السياسة الإسرائيلية.
وفازت القائمة العربية الموحّدة التي يترأسها عبّاس بأربعة مقاعد في الكنيست. ولم يسبق أن شارك أيّ حزب عربي في ائتلاف حكومي في الدولة العبرية، في حين أنّ آخر ائتلاف حكومي إسرائيلي حصل على دعم حزب عربي كان في تسعينيات القرن الماضي.
وفي خطابه تطرّق عبّاس إلى المواضيع التي طرحها في حملته الانتخابية، وهي الجريمة ونقص الغذاء ومشاكل الإسكان التي تعاني منها الأقليّة العربية في إسرائيل (20% من السكان).
وتنقسم الأحزاب الإسرائيلية إلى فريقين، الأول يريد استمرار نتنياهو مجددا في رئاسة الحكومة، والثاني يسعى جاهدا إلى استبداله.
وبانتهاء الانتخابات الإسرائيلية ، دون أغلبية لأي من المعسكرين، فإن الاحتمالات تبدو مفتوحة على سيناريوهات عديدة لتشكيل الحكومة القادمة.
وفعليا، فإن ثمّة ثلاثة احتمالات واقعية للمشهد الإسرائيلي، الأول تشكيل بنيامين نتنياهو للحكومة، والثاني تشكيل المعارضة للحكومة، أما الأخير فهو العودة إلى صناديق الاقتراع مجددا.
ولكن عمليا، فإن هناك العديد من السيناريوهات التي قد يلجأ إليها نتنياهو أو المعارضة لتشكيل الحكومة الإسرائيلية.
وسيبدأ الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين، الإثنين المقبل، المشاورات مع الأحزاب الفائزة بالانتخابات الإسرائيلية وعددها 13.
وبحلول يوم الأربعاء، فإن ريفلين سيحدد شخصية النائب الذي سيكلفه بتشكيل الحكومة، ضمن مهلة تستمر 28 يوما يمكن تمديدها إلى 14 يوما إضافية بموافقة الرئيس الإسرائيلي.
غير أن فشل هذه المكلَّف، لن يكون نهاية المطاف، إذ من الممكن أن يكلف ريفلين شخصية أخرى بتشكيل الحكومة ضمن مهلة تستمر 28 يوما.
وفقط، في حال فشل المكلف الثاني بتشكيل الحكومة، يمكن للرئيس الإسرائيلي أن يعيد الأمور الى الكنيست الذي سيقرر إما تكليف شخصية مدعومة من 61 من أعضاء الكنيست الـ 120 بتشكيل الحكومة، أو الإعلان عن حلّ الكنيست والعودة لصناديق الاقتراع.
خيارات نتنياهو

الليكود بقيادة نتانياهو بحاجة الى مقعدين للوصول الى 61 صوتا المطلوبة للحصول على حكومة تنال ثقة الكنيست
الليكود بقيادة نتانياهو بحاجة الى مقعدين للوصول الى 61 صوتا المطلوبة للحصول على حكومة تنال ثقة الكنيست

وتشير نتائج الانتخابات إلى أن معسكر نتنياهو حصل على 52 مقعدا، يمكنه رفعها الى 59 حال التوصل الى اتفاق مع حزب "يمينا" اليميني برئاسة نفتالي بينيت.
ويبدو هذا هو المسار الأمثل لنتنياهو، زعيم حزب "الليكود" اليميني، ولكنه يبقى بحاجة الى مقعدين للوصول الى 61 صوتا المطلوبة للحصول على حكومة تنال ثقة الكنيست.
وفي سبيل الحصول على مقعدين، فإن ثمة عدة خيارات يمكن أن يلجأ لها:
أولا، إقناع حزب "أمل جديد" اليميني برئاسة جدعون ساعر الذي لديه 6 مقاعد بالكنيست.
ولكن ساعر، الذي انشق عن "الليكود" بسبب خلافات شخصية عميقة مع نتنياهو، أعلن مباشرة بعد الانتخابات إنه لن ينضم إلى حكومة برئاسة الأخير.
ويبدو هذا الخيار صعبا، ما لم يتراجع ساعر عن مواقفه.
الثاني، إقناع أعضاء من "أمل جديد" بالانضمام إلى حزب "الليكود".
وينتمي أعضاء الكنيست في حزب "أمل جديد" بغالبيتهم أصلا إلى حزب "الليكود" ما يفتح الباب أمام إمكانية محاولة الحزب الأم استقطابهم للعودة اليه.
وفي حال نجح "الليكود" باستقطاب عضوين من "أمل جديد" فإن ذلك يفتح الطريق أمام تشكيل نتنياهو للحكومة.
أما الخيار الثالث أمام نتنياهو للحصول على المقعدين لنيل الثقة، فهو الحصول على دعم منصور عباس، سواء من داخل الحكومة أو الكنيست.
وفي هذا الصدد، يقول عباس "ما لم تقتنع الأطراف بأن هناك دور للقائمة العربية الموحدة في ترتيبات المرحلة القادمة، فمن الصعب رؤية تشكيل حكومة".
وكان أعضاء من "الليكود" (يمتلك 30 مقعدا) قد عارضوا تشكيل حكومة تعتمد على أصوات نواب عرب، وهو الموقف الذي يطرحه أيضا حزب "الصهيونية الدينية" الذي حصل على 6 مقاعد ويعتبر شريكا أساسيا لنتنياهو بتشكيل الحكومة.
وإضافة إلى "الصهيونية الدينية" فإن معسكر نتنياهو يضم حزب "شاس" اليميني، الذي حصل على 9 مقاعد، وحزب "يهودوت هتوراه" اليميني، الذي حصل على 7 مقاعد.
خيارات المعسكر المعارض
فعليا، فإن لدى معسكر المعارضة 57 مقعدا، ولكنه خليط من الأحزاب غير المتجانسة سياسيا وعرقيا، حيث يضم أحزاب من اليمين والوسط واليسار والعرب.
وبالإمكان، رفع عدد مقاعد هذا المعسكر إلى 61 مقعدا في حال الحصول على دعم القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس.
ويتكون هذا المعسكر من "هناك مستقبل" الوسطي الذي حصل على 17 مقعدا، و"أزرق أبيض" 8 مقاعد، و"إسرائيل بيتنا" اليميني 7 مقاعد، وحزب "العمل" الوسطي 7 مقاعد، وحزب "أمل جديد" اليميني 6 مقاعد، وحزب "ميرتس" اليساري 6 مقاعد، إضافة إلى القائمة المشتركة، وهي تحالف 3 أحزاب عربية وحصلت على 6 مقاعد.
ويُرجّح أن يقود هذا المعسكر زعيم حزب "هناك مستقبل" يائير لابيد.
وأمام هذا المعسكر خيارين، لتشكيل الحكومة
الأول، وهو الحصول على دعم "القائمة العربية الموحدة" برئاسة عباس للوصول الى 61 مقعدا.
ولكنّ عباس لم يحسم الموقف حتى الآن بدعم هذا المعسكر، بانتظار ما سيقدمه لتلبية مطالب المواطنين العرب في إسرائيل، وهي المطالب التي يتفق فيها مع باقي الأحزاب العربية.
الخيار الثاني أمام معسكر المعارضة، هو الحصول على دعم حزب "يمينا" اليميني برئاسة بينيت.
ولكن بينيت أعلن رفضه الانضمام إلى حكومة برئاسة لابيد، فضلا عن موقفه الرافض للانضمام إلى أي حكومة، تحظى بدعم العرب.
الثالث: تشكيل بينيت للحكومة
وتسود تقديرات حول إمكانية أن يطلب نفتالي بينيت، أن يُشكّل الحكومة.
ولكن سياسات زعيم "يمينا" اليمينية المتشددة، تتعارض مع الكثير من مكونات المعسكر المعارض لنتنياهو، وخاصة أحزاب الوسط واليسار والنواب العرب.
الانتخابات
وتجعل تعقيدات فرص تشكيل الحكومة القادمة، فُرص العودة للانتخابات واردة جدا.
ويقول عباس للأناضول "الموقف مُركّب، فرص العودة الى انتخابات واردة أيضا، لأن الحالة السياسية الإسرائيلية تمكن السياسيين من الذهاب إلى انتخابات خامسة، وربما سادسة أيضا".
وأضاف موضحا مقصده "بمعنى، أننا لا نلمس غضبا شعبيا إسرائيليا ضد أداء وسلوك السياسيين في إسرائيل، سواء نتنياهو أو غير نتنياهو فالشعب نفسه منقسم انقسام السياسيين ولا يحسم الانتخابات".