حزب الله العراقي يتوعد وترامب يمنح البنتاغون صلاحيات الرد

قائد القيادة المركزية في الجيش الأميركي يتهم ميليشيات حزب الله العراقي بالوقوف وراء عملية استهداف قاعدة التاجي باعتبارها المجموعة الوحيدة التي يمكن أن تقوم بمثل هذه الهجمات.

بغداد - أعلن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر اليوم الخميس عن سماح الرئيس دونالد ترامب للبنتاغون السلطة لإمكانية الرد على هجوم شنته جماعة مسلحة تدعمها إيران في العراق الأربعاء وأسفر عن مقتل جنديين أميركيين وجندي بريطاني، وذلك بالتزامن مع دعوة ميليشيات حزب الله العراقي استئناف العمليات القتالية ضد القوات الأجنبية وطردها من العراق.

وقال إسبر للصحفيين في البنتاغون "تحدثت مع الرئيس. وأعطاني السلطة لفعل ما ينبغي علينا فعله بما يتماشى مع توجيهاته".

وبسؤاله عما إذا كان أي رد أميركي قد يتضمن توجيه ضربات داخل إيران، قال إسبر إن كل الخيارات مطروحة على الطاولة الآن "لكننا نركز على الجماعة، أو الجماعات، التي نعتقد أنها نفذت هذا (الهجوم) في العراق، في الوقت الحالي".
وصباح الخميس، أعلن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم داعش في بيان الخميس عن "مقتل ثلاثة من أفراد قوات التحالف وإصابة ما يقارب 12 فرداً إضافياً" في الهجوم على معسكر التاجي، مشيراً إلى سقوط 18 صاروخ كاتيوشا.

ونددت قيادة العمليات المشتركة بالهجوم الذي اعتبرته "تحدياً أمنياً خطيراً جداً".

في المقابل دعت ميليشيات حزب الله العراقي الموالية لإيران اليوم الخميس، بقية الفصائل الشيعية المعارضة للوجود الأجنبي في العراق إلى استئناف عملياتها ضد القوات الأجنبية وطردها من البلاد، تزامنا مع مقتل عناصر من الحشد الشعبي في ضربة نفذها التحالف قرب الحدود العراقية السورية.

وأشاد حزب الله في بيان نشر على موقع "تلغرام" بالعملية العسكرية على قاعدة التاجي العسكرية شمال بغداد.

وهدد البيان قوات التحالف من أن وجودها في العراق لن يكون بلا ثمن قائلا إنه "على قواتِ الاحتلالِ تحملِ نتائجِ وجودهِا غيرِ الشرعيّ عَلى أرضِ العراقِ العزيزِ، فتماديها واستخفافها بإرادةِ وكرامةِ الشعبِ العراقيّ لن يكونَ بلا ثَمن، وحقُ مُقاومَةِ المحتلينَ والغُزاةِ كَفَلتهُ الشّرائعُ السّماويّة والقَوانينُ الدوليّةُ".

وطلب الحزب من بقية الفصائل الشيعية الموالية لإيران والمعارضة للوجود الأجنبي في العراق "بالكشف عن نفسهم لكي يتسنى للحزب الدفاع عنهم".

واتهم قائد القيادة المركزية في الجيش الأميركي الجنرال كينيث ماكنزي الخميس الميليشيات الموالية لإيران بالوقوف وراء العملية، قائلا خلال جلسة استماع في الكونغرس الأميركي إن الولايات المتحدة لا تزال تحقق في الهجوم "ولاحظنا أن كتائب حزب الله هي المجموعة الوحيدة التي يمكن أن تقوم بمثل هذه الهجمات".

وأضاف أن "ما حدث بالأمس يشير إلى النظام الإيراني يود الاستمرار بأنشطته الشريرة وتهديد الملاحة الدولية وإمدادات الطاقة والاقتصاد العالمي".

ال
طهران تطلق ميليشياتها لتحويل العراق ساحة حرب مع واشنطن

من جهتهما، دان رئيسا الجمهورية برهم صالح والبرلمان محمـد الحلبوسي "الاعتداء الإرهابي" الذي "هو استهداف للعراق وأمنه".

فيما طالبت بريطانيا السلطات العراقية باتخاذ تحرك لمحاسبة المسؤولين عن الهجوم الصاروخي الذي قتل فيه بريطاني من بين الثلاثة المعلن عن مقتلهم.

وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب في بيان "ينبغي أن نعثر على المسؤولين.. أرحب بدعوة الرئيس العراقي لفتح تحقيق فوري لمحاسبة الجناة.. لكن لابد أن نرى تحركا".

ودعت البعثة الأممية في العراق إلى "ممارسة أقصى درجات ضبط النفس"، معتبرة أن "قيام جماعاتٍ مسلحةٍ بأعمال مارقة يشكل مصدر قلق دائم" في العراق.

وأضافت البعثة في بيان الخميس أن "آخر ما يحتاجه العراق هو أن يكون ساحة للثأر والمعارك الخارجية".

وفي رد على تلك التنديدات هدد حزب الله الموالي لإيران والذي كان وراء عدد متواتر من الهجمات ضد القواعد الأميركية في العراق في الفترة الأخيرة، من وصفهم بـ"الذين سَارعوا بالاستِنكاراتِ وإبداءِ تَعاطُفِهم مَعَ المُجرمينَ"، قائلا "لو أنّكُم مَارستُم احتلالا لِدولةٍ ما، وقَتلتُم قادَةَ نَصرهِا، وَقَصفتُم المُرابِطينَ عَلى حُدودِها مِن جُندِها، وَصَوّتَ مُمثلو شعبِها عَلى طَردِكُم، فهل سَتجدونَ مَن يُدافع عَنكُم، أو يمنَحكُم الشَرعيّةَ، كَما تُدافِعونَ عَن هَؤلاءِ القَتلة... بئس مَا فَعلتم، وَتبا لِلعقولِ وَالنفوسِ الرَخيصةِ أيًا كانَ انتماؤها".

وهدد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بإنه لن يتم التسامح إزاء الهجوم.

وليل الأربعاء، جاء الرد الأميركي سريعا، حيث قتل  26 مقاتلا من الحشد الشعبي العراقي في ضربة جوية قرب بلدة البوكمال الحدودية شرق سوريا.

ورجح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن تكون قوات التحالف الدولي هي التي نفذت العملية ردا على هجوم قاعدة تاجي.

وسبق لهجمات مماثلة استهدفت جنوداً ودبلوماسيين أميركيين أو منشآت أميركية في العراق أن أسفرت عن مقتل متعاقد أميركي وجندي عراقي.

ويعد هذا الهجوم في العراق الثاني والعشرين منذ نهاية أكتوبر ضد مصالح أميركية في العراق أهمها تعرض السفارة الأميركية في بغداد إلى هجوم شارك فيه قادة الحشد الشعبي وحزب الله وأنصارهم بالإضافة إلى فصائل عراقية أخرى موالية لإيران.

ال
التحالف يتوعد بالرد على هجمات إيران وميليشياتها

وبعدها بأيام قليلة استهدفت غارة أميركية قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس قرب مطار بغداد وكادت تلك العملية التي نفذت في يناير الماضي أن تدخل المنطقة كلها في حرب.

وفي إشارة على أن التوتر بين الولايات المتحدة وإيران يمكن أن تتحول إلى صراع مفتوح أقر مجلس النواب الأميركي الذي يقوده الديمقراطيون تشريعا يقيد قدرة الرئيس دونالد ترامب على شن حرب على إيران.

والرئيس منخرط في تطبيق سياسة "الضغوط القصوى" على إيران بعد أن أعلن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الدولي الذي تم التوصل إليه في عهد الرئيس باراك أوباما الديمقراطي.

وكان التوتر بين واشنطن وطهران يدور في أغلبه على الأراضي العراقية في الأشهر الأخيرة.

ويضمّ التحالف الدولي الذي تشكّل ضد تنظيم الدولة الإسلامية في 2014 بقيادة الولايات المتحدة، عشرات الدول الأعضاء، ولا يزال آلاف الجنود في العراق. وعلى الرّغم من خسارة التنظيم الجهادي لكل الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق إلا أنّه ما زال يحتفظ بخلايا نائمة لا تزال قادرة على تنفيذ هجمات.

وصوّت البرلمان العراقي في الآونة الأخيرة على إخراج القوات الأميركية من البلاد، وعددها 5200 عنصر. لكن الحكومة التي يقع على عاتقها تنفيذ هذا القرار ليس لها وجود بعد، حيث يواجه العراق مأزقاً سياسياً منذ عدّة أشهر بسبب عدم توافق الطبقة السياسية والأحزاب على اختيار رئيس حكومة جديد يلبي مطالب الشارع العراقي الذي خرج في احتجاجات غير مسبوقة منذ أكتوبر الماضي للمطالبة باصلاحات سياسية واجتماعية ووضع حد للفساد المستشري بين المسؤولين في الدولة.

ولم يتم بعد استبدال حكومة عادل عبدالمهدي التي استقالت في كانون الأول/ديسمبر، بسبب انعدام التوافق في البرلمان الذي يعدّ الأكثر تشتتاً في تاريخ العراق الحديث، في وقت تحاول إيران فيه فرض شخصية موالية لها من الكتل الشيعية في البرلمان لرئاسة الحكومة المقبلة.