حزب الله في قلب محاكمة شبكة دولية لتبييض أموال المخدرات

محكمة الجنيات في باريس تبدأ اعتبارا من الثلاثاء محاكمة شبكة لبنانية تضم 15 متهما بينهم لبنانيون عن عمليات جمع أموال المخدرات وتبييضها ضمن عصابة منظمة في جلسات تستمر حتى 28 نوفمبر وتسلط الضوء على صلة محتملة لحزب الله اللبناني بالكارتيلات الكولومبية لتجارة المخدرات وتبييض الأموال.

تعاون أميركي فرنسي في تعقب شبكات تبييض الأموال الدولية
التحقيقات تتركز على دور حزب الله في تجارة المخدرات وتبييض الأموال
المتهم الرئيسي في القضية ينفي أي صلة لحزب الله في عمليات تبييض الأموال
شبكة إجرامية متشعبة لتبييض أموال مخدرات أبطالها لبنانيون

 باريس - تجري اعتبارا من الثلاثاء محاكمة شبكة واسعة لتبييض أموال المخدرات أمام محكمة الجنايات في باريس في قضية تفتح ملفات تمويل كارتيل ميديين وأنشطة الشبكة اللبنانية لإعادة تحويل أمواله إلى كولومبيا بعد توظيفها في شراء مجوهرات وسيارات فاخرة.

ومن بين المتهمين عدد من اللبنانيين تشتبه أجهزة مكافحة المخدرات وتبييض الأموال الأميركية والفرنسية في أنهم على صلة بحزب الله اللبناني.

لكن أحد المتهمين اللبنانيين الرئيسيين في هذه القضية نفى بشدة أن يكون قسم من الأموال التي تم جمعها مخصصة لحزب الله، وفق خيط تقصته مديرية مكافحة المخدرات غير أن التحقيق الفرنسي لم يتبعه.

وتتعقب الأجهزة الأمنية الأميركية والأوروبية منذ سنوات الشبكة المتشعبة فيما تبقى علاقة حزب الله بهذه الشبكة احدى النقاط المهمة التي يتركز عليها التحقيق خاصة منذ اعتقال رجل الأعمال اللبناني محمد نورالدين (44 عاما) الذي ينشط في القطاع العقاري وتجارة المجوهرات وهو أبرز المتهمين في هذه القضية.

وسيمثل 15 رجلا يحاكمون بدرجات متفاوتة من المسؤولية عن عمليات جمع أموال المخدرات وتبييضها ضمن عصابة منظمة في محاكمة تستمر حتى 28 نوفمبر/تشرين الثاني.

وكانت الولايات المتحدة قد جمدت أموال نورالدين كإجراء لمكافحة تمويل الإرهاب. كما قام الأميركيون بجمع معلومات في أميركا الجنوبية.

وتشير المعلومات التي تم تحصيلها إلى إن الكارتيلات التي تتعامل مع الشبكة اللبنانية هي إما مكسيكية أو كولومبية. وتم تسجيل اتصالات هاتفية بين مهربي مخدرات من البلدين ومحصّل أموال لبناني خصوصا أثناء عملية تسليم أموال حصلت في ضاحية مونتروي الباريسية في فبراير/شباط 2015.

تحرك أميركي أوروبي لتجفيف منابع تمويل حزب الله
تحرك أميركي أوروبي لتجفيف منابع تمويل حزب الله

وكان مكتب مكافحة المخدرات الأميركي هو من بادر برفع القضية لدى القضاء الفرنسي في سياق تحقيق يجريه بشأن شبكة تنشط منذ 2012 بين أميركا اللاتينية وأوروبا والشرق الأوسط.

وإحدى طرق التبييض التي رصدها مكتب مكافحة المخدرات الأميركي تجعل من فرنسا حيث يقيم عدد من المتهمين مركز تهريب المخدرات في أوروبا، فيتم جمع الأموال الناجمة عن بيع الكوكايين تجمع في أنحاء القارة فيها ثم ترسل إلى لبنان ومن هناك يعاد تسديدها إلى المهربين الكولومبيين عبر حوالات مالية.

ويعود نظام تحويل الأموال هذا إلى ما قبل المصارف، حيث كان نقل الأموال على طرق الحرير والتوابل يتطلب شبكات متينة تقوم على ضمانات ثقة قديمة.

وهنا يبرز دور الصرافين ومنهم لبنانيون كانوا مفصلا أساسيا في شبكة الحوالات المالية إذ يتبادلون ديون زبائنهم وفق نظام لا يترك أي أثر في النظام المصرفي.

وفتح تحقيق في باريس في فبراير/شباط 2015، أدى إلى حملة توقيفات واسعة النطاق في يناير/كانون الثاني 2016 شملت بشكل شبه متزامن فرنسا وإيطاليا وبلجيكا وألمانيا.

وبعد بضعة أشهر، أوقفت الولايات المتحدة رئيس الشبكة واسمه محمد عمار يعرف باسم "أليكس" ويتنقل بين كولومبيا وكاليفورنيا وأقر بارتباطه بالكارتيلات الكولومبية.

ويصف التحقيق الفرنسي حول "الشبكة اللبنانية" أو قضية "الأرز" كما تعرف بأنها "شبكة على درجة عالية من الهيكلية والتنظيم" تمكنت من تبييض عشرات ملايين اليوروهات في السنة لحساب تاجر المخدرات الكولومبي إل تشابولين المسؤول عن إرسال حاويات من الكوكايين إلى أوروبا.

وكان المهربون يعمدون إلى تغيير هواتفهم الذكية بانتظام ويستخدمون لغة مشفرة.

الشبكة اللبنانية حولت مئات ملايين اليورهات من تجارة المخدرات عبر بيع وشراء السيارات الفاخرة والمجوهرات
الشبكة اللبنانية حولت مئات ملايين اليورهات من تجارة المخدرات عبر بيع وشراء السيارات الفاخرة والمجوهرات

وتتضمن الشبكة رؤساء فرق وجباة أموال وناقلين. وفي مرحلة أولى، كان يتم جمع الأموال النقدية الناتجة عن تهريب المخدرات في جميع أنحاء أوروبا من خلال الصرافين وفي المرحلة الثانية يتم شراء مجوهرات وساعات وسيارات فاخرة، قبل أن يعاد بيعها في مرحلة ثالثة في لبنان وغرب إفريقيا. وأخيرا، يعاد تحويل الأموال المبيضة بهذه الطريقة إلى الكولومبيين من خلال مكاتب الصيرفة.

وسمحت عمليات التنصت على الاتصالات برصد مواقع الشبكة الجغرافية وكشف رموز اللغة المستخدمة بين المهربين، فكانت عبارة "مرسيدس 250" تعني جمع 250 ألف يورو، و"شاحنة" مليون يورو أما "الفرن"، فكان يعني هولندا و"الطاحون" بلجيكا.

وأقر المتهم الرئيسي محمد نورالدين بتنظيم عمليات الجباية، لكنه نفى أن يكون على علم بمصدر الأموال.

ورأى محامي أحد المتهمين وليام جولييه الخبير في الملفات الجنائية العابرة للبلدان التي تشارك فيها الأجهزة الأميركية والأوروبية أنه "إن كان لا بد من هذا التعاون بالطبع، إلا أنه غالبا ما تفرضه آليات تقوم بالتضخيم أو التشويه بهدف توسيع نطاق التوقيفات والاتهامات قدر الإمكان، ما يؤدي إلى وقوع أفراد ذوي أدوار ثانوية في شباك القمع".

وأكد أن هذه تحديدا هي حال موكله وهو مقرب من محمد نورالدين لطالما أكد براءته وقضى 18 شهرا في السجن قبل إطلاق سراحه ووضعه قيد المراقبة القضائية. وجميع المتهمين في هذا الملف لا سوابق لهم.