حزب الله يستبق وصول الوسيط الأميركي بمناورة تعرقل ترسيم الحدود
بيروت – استبقت جماعة حزب الله وصول الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين لترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل بمناورة جديدة تعقدّ المفاوضات، إثر بثها الأحد مقطعا مصورا تظهر فيه سفن مشاركة في صناعة النفط والغاز البحرية الإسرائيلية، وتحذيرها من "التلاعب بالوقت"، في تأكيد على تهديدها بالتصعيد العسكري.
ويخوض لبنان وإسرائيل مفاوضات بوساطة أميركية لترسيم حدودهما البحرية المشتركة التي من شأنها أن تساعد في تحديد موارد النفط والغاز التي تخص أيا منها وتمهد الطريق لمزيد من الاستكشاف.
وأعرب مسؤولون لبنانيون عن تفاؤلهم بأن هذه الجولة من المحادثات يمكن أن تؤدي إلى اتفاق بعد مفاوضات غير مباشرة دامت سنوات على نحو متقطع، لكن حزب الله أبدى استعداده لمنع إسرائيل من استخراج النفط والغاز إذا لم يُسمح للبنان بذلك.
وخاضت إسرائيل وحزب الله حربا استمرت شهرا في عام 2006 وتبادلا إطلاق النار في مناسبات عدة منذ ذلك الحين، لكنهما تجنبا مواجهة واسعة النطاق.
وبثت قناة المنار التابعة للحزب المقطع المصور، الذي يحتوي أيضا على لمحة نادرة عن أسلحة حزب الله، قبل ساعات من الموعد المقرر للقاء المسؤول الأميركي الذي يتوسط في النزاع البحري مع مسؤولين لبنانيين في بيروت.
وصدر المقطع المصور عن الإعلام الحربي التابع لحزب الله والذي يستخدمه لبث لقطات للعمليات العسكرية والمعارك، ويحتوي على صور لسفن تشارك في التنقيب عن المحروقات واستخراجها، إلى جانب إحداثياتها على ما يبدو.
ويبدأ المقطع المصور بعبارات لزعيم حزب الله حسن نصر الله خلال كلمة ألقاها في الآونة الأخيرة وحذر فيها من أن "التلاعب بالوقت ليس مفيدا" في هذه المسألة.
وقال مراسل كبير بقناة المنار على تويتر "الرسالة تهديد جدي".
وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية السبت أن زيارة هوكشتاين لبيروت تهدف إلى تسهيل المحادثات بشأن الحدود البحرية.
وأضاف "التوصل إلى حل أمر ضروري وممكن ولكن لا يمكن تحقيقه إلا من خلال المفاوضات والدبلوماسية".
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول إسرائيلي كبير -طلب عدم الكشف عن هويته- قوله إن هوكشتاين سيعرض اقتراحا إسرائيليا جديدا "يتضمن حلا يسمح للبنانيين بتطوير احتياطيات الغاز في المنطقة المتنازع عليها مع الحفاظ على الحقوق التجارية لإسرائيل".
وقال المسؤول الإسرائيلي دون الخوض في التفاصيل إنه إذا تم التوصل إلى اتفاق، فسوف يتمكن اللبنانيون من القيام "ببعض التنقيب هناك".
وأضاف المسؤول "العرض الذي نُقل هو اقتراح جاد يمكن أن يحول لبنان من بلد خراب اقتصادي يعاني أزمة طاقة إلى دولة منتجة للغاز الطبيعي، من خلال تمكينه من استخراج هذا المورد".
وفي غضون ذلك، كشف وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب، عن أن أبرز لقاءات الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية ستكون مع الرئيس ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وهناك موقف واحد للمسؤولين اللبنانيين وهو العودة إلى المفاوضات في الناقورة.
ومفاوضات الناقورة هي مفاوضات تجري في مركز للأمم المتحدة بين وفدين عسكريين من إسرائيل ولبنان، يجري خلالها عرض الخرائط بين الطرفين.
وشدد بو حبيب على أنه "لم يسبق أن كان هناك تفاؤل بالقدر الموجود اليوم".
وتترقب الأوساط الدبلوماسية بكثير من الشكوك أداء المسؤولين اللبنانيين بعد التدخلات الأخيرة لأمين عام "حزب الله" حسن نصرالله في الملف، وتأثيره على التعامل مع ما سينقله الوسيط الأميركي.
وسبقت زيارة هوكشتاين لقاءات مكوكية للسفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا، قالت إنه "حتى إذا لم يتوصل لبنان خلال وساطة هوكشتاين إلى الحل النهائي فلا شك أننا أصبحنا أقرب إلى تقريب وجهات النظر".
واعتبرت الدبلوماسية الأميركية، أن الوسيط في ملف الترسيم "آت بشيء زائد أقرب إلى الحل، لكن يبقى أن الشيطان يكمن في التفاصيل"، مؤكدة أن "لبنان سيستمع إلى هوكشتاين قبل اتخاذ قرار بشأن الخطوة التالية".
وكان الوسيط الأمريكي باشر وساطاته بعد توقف دام أشهراً وزار لبنان في الشهر الماضي وعقد سلسلة مفاوضات مع المسؤولين اللبنانيين، حيث حمل مطالب لبنان إلى إسرائيل.
وتوقّفت المفاوضات التي انطلقت بين الطرفين عام 2020 بوساطة أمريكية في مايو العام الماضي، جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها.
وكان من المفترض أن تقتصر المحادثات لدى انطلاقها على مساحة بحرية تقدّر بنحو 860 كيلومتراً مربعا تُعرف حدودها بالخط 23، بناء على خريطة أرسلها لبنان عام 2011 إلى الأمم المتحدة.
لكن لبنان اعتبر لاحقاً أن الخريطة استندت لتقديرات خاطئة، وطالب بالبحث في مساحة 1430 كيلومتراً مربعة إضافية تشمل أجزاء من حقل كاريش وتُعرف بالخط 29.