حزب الله يضع لبنان في مأزق والخارجية تستدعي السفيرة الأميركية

سفيرة الولايات المتحدة في لبنان تتهم حزب الله الموالي لإيران بعرقلة إجراء إصلاحات اقتصادية يحتاج اليها الاقتصاد اللبناني مشيرة إلى إن "مليارات الدولارات ذهبت إلى الجماعة الشيعية الموالية لإيران بدل الخزينة الحكومية.

واشنطن - تستدعي وزارة الخارجية اللبنانية السفيرة الأميركية لدى بيروت دوروثي شيا، غدا الاثنين، للتباحث في تصريحاتها الأخيرة ضد حزب الله، بعدما أثار منع قاض وسائل الاعلام من نشر تصريحات السفيرة جدلاً واسعا.

وأوردت الوكالة الوطنية للاعلام الأحد، أن "وزير الخارجية والمغتربين السفير ناصيف حتي سيستدعي السفيرة الأميركية دوروثي شيا غداً عند الثالثة من بعد الظهر على خلفية تصريحاتها الأخيرة".

وكانت وزارة الخارجية الأميركية حملت في وقت سابق بعنف على حزب الله اللبناني بعدما أصدر قاض قرارا بمنع وسائل الإعلام من نشر تصريحات شيا وإجراء أي مقابلة معها على خلفية تصريحات أدلت بها بشأن الحزب الموالي لإيران.

واتهمت الخارجية الأميركية حزب الله ببمحاولة إسكات الإعلام اللبناني، معتبرة أنه "أمر مثير للشفقة". وقالت "حتى التفكير في استخدام القضاء لإسكات حرية التعبير وحرية الصحافة أمر سخيف"، مضيفة "نحن نقف مع الشعب اللبناني وضد رقابة حزب الله".

وكان قاضي الأمور المستعجلة في صور محمد مازح أصدر قرارا يقضي بـ"منع أي وسيلة إعلامية لبنانية أو أجنبية تعمل على الأراضي اللبنانية، سواء كانت مرئية أم مسموعة أم مكتوبة أم إلكترونية، من إجراء أي مقابلة مع السفيرة الأميركية أو إجراء أي حديث معها لمدة سنة".

وأشار القاضي في بيان نشرته الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية أن تصريحات شيا "تخرج عن الأعراف الدبلوماسية المعهودة والمتعارف عليها... وتسيء لمشاعر كثير من اللبنانيين... وتساهم في تأليب الشعب اللبناني على بعضه، وعلى الحزب المذكور وما يمثل، وتثير نعرات طائفية ومذهبية وسياسية".

ولبنان بلد متعدد الطوائف والانتماءات السياسية، وغالبا ما يكون أداء المسؤولين والموظفين فيه متأثرا بانتمائهم السياسي أو الطائفي.

وتعتبر الولايات المتحدة حزب الله الموالي لايران منظمة إرهابية علما بأن الحزب وحلفاءه لهم غالبية مقاعد البرلمان.

ويقضي قرار القاضي "بمنع الوسيلة الإعلامية المعنية عن العمل لمدة مماثلة في حال عدم التقيد بهذا الأمر، وتحت طائلة إلزام الوسيلة الإعلامية المعنية بدفع مبلغ 200 ألف دولار أميركي كغرامة إكراهية في حال عدم الالتزام بمندرجات هذا الأمر".

وجاء القرار بعدما صرحت السفيرة دوروثي شيا في مقابلة صحفية الجمعة أن "الولايات المتحدة تشعر بقلق كبير حيال دور حزب الله المصنف منظمة إرهابية".

وتحدثت وسائل إعلام لبنانية اليوم الأحد عن إحالة السلطات في البلاد القاضي إلى "التفتيش القضائي".

وقالت وسائل إعلام إنه "بناء على طلب مدعي عام التمييز الرئيس غسان عويدات أحيل القاضي محمد مازح إلى التفتيش القضائي بتهمة خرق المادة 95 التي تتصل بأهلية القاضي لممارسة مهامه".

واتهمت شيا حزب الله الموالي لإيران بأنه "حال دون إجراء إصلاحات اقتصادية يحتاج اليها الاقتصاد اللبناني إلى حد بعيد"، مشيرة إلى إن "مليارات الدولارات ذهبت إلى دويلة حزب الله، بدل الخزينة الحكومية".

وأعربت السفيرة الأميركية عن قلقها البالغ من حزب الله الذي قالت إنه "بنى دولة داخل الدولة في لبنان".

وردا على القرار القضائي، قالت شيا عبر حسابها على تويتر، "نؤمن بشدة بحرية التعبير والدور المهم الذي تلعبه الصحافة الحرة في الولايات المتحدة وفي لبنان. نقف إلى جانب الشعب اللبناني".

وقللت وزيرة الإعلام اللبنانية منال عبدالصمد من أهمية القرار. وقالت "أتفهّم غيرة القضاء على أمن الوطن من تدخل بعض الدبلوماسيين في شؤونه الداخلية. لكن لا يحق لأحد منع الاعلام من نقل الخبر والحد من الحرية الاعلامية".

وأضافت "في حال لدى أحد مشكلة مع الإعلام فليكن الحل عبر وزارة الإعلام والنقابة والدور الاستشاري للمجلس الوطني للإعلام وانتهاءً بمحكمة المطبوعات".

ولاقى قرار القاضي حملة رفض واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي حيث انتشر هاشتاغ #الحرية_شغلتنا.

وأكدت قناة المؤسسة اللبنانية للإرسال المحلية "إل بي سي" أنها لن تلتزم بالقرار، معتبرة أنه "غير ملزم وغير نافذ". وأكدت أنها ستتقدم بطعن ضد القرار.

كما كسرت قنوات تلفزية ووسائل إعلام في لبنان قرار القاضي الذي هدد بغرامة مالية للمخالفين.

ومن بين هذه القنوات قناة "ام تي في" حيث استقبلت مساء أمس السفيرة الأميركية التي اعتبرت أن "حرية التعبير لدى الشعب اللبناني يجب أن تبقى مصانة".

وقالت شيا لـ"ام تي في"  "كنت أتمنى أن يمضي الناس هذا الوقت في محاولة لحل المشاكل التي تواجه البلد الذي يعاني من أزمة اقتصادية أدت الى قلق كثيرين على تأمين الطعام على المائدة".

وأضافت "سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لن تسكت... سمعنا اعتذارا من الحكومة اللبنانية عن قرار القاضي"، مشددة على أن حرية التعبير لدى الشعب اللبناني يجب أن تبقى مصانة.

في المقابل نفت عبدالصمد ذلك قائلة إنها "تواصلت مع رئيس الوزراء حسان دياب، والزملاء في الحكومة، وتبيّن أن أحدا لم يعتذر للسفيرة الأميركية، والحكومة تحترم السلطة القضائية".

لكن شيا عادت للظهور على شاشة "ام تي في" للقول بأن الوزيرة اللبنانية "لا تعرف شيئا" عن خفايا الحكومة التي اتصل مسؤول رفيع فيها للاعتذار عما صدر من قبل القاضي في صور.

وأضافت شيا إن "تقييد الإعلام يحدث في إيران وليس في بلد كلبنان".

يذكر أن واشنطن واصلت في الفترة الأخيرة تضييق الخناق على حزب الله عبر سلسلة من العقوبات ضده ويتحدث مسؤولون أميركيون عن عقوبات جديدة مرتقبة ستستهدفه وقد تشمل من يساعدونه والمتورطين في قتل المدنيين السوريين.

وتسعى الولايات المتحدة لفرض مزيد من الضغوط على حزب الله خلال المرحلة القادمة عبر حلفائها الغربيين وفرض شروط على المساعدات والدعم الاقتصادي الذي ستقدمه للحكومة التي تسيطر عليها الجماعة الشيعية وذلك في إطار استراتيجية عامة تحاول من خلالها أولاً دفع ممولته إيران إلى إجراء تغيير في سياستها باتجاه القبول بالانخراط في مفاوضات جديدة للوصول إلى اتفاق في الملف النووي مختلف، وثانياً ردع التنظيمات الموالية لها ومنعها من استهداف مصالحها في المنطقة أو خارجها.